"هيومن رايتس ووتش" وجنون الصحافة المصرية

13 اغسطس 2014
أصيبت الصحف بلوثة نظرية المؤامرة على مصر
+ الخط -
"حملة ممنهجة دعائية تنتمي لمرحلة إعلام غوبلز النازي"، هكذا لخصت باحثة إعلامية ما قامت به الصحافة المصرية ضد منظمة "هيومن رايتس ووتش"، بعد إطلاق تقريرها حول الجرائم ضد الإنسانيّة التي ارتكبت خلال فضّ اعتصامَي رابعة العدوية والنهضة.

تخلّت الصحف الحكومية عن الحد الأدنى من المهنية والموضوعية، واكتفت بنشر سيل من الاتهامات والتشكيكات والحديث عن "المؤامرات الكونية". فكتبت صحيفة "الأهرام" الحكومية في عنوانها (المانشيت): "مصر تتّهم هيومن رايتس ووتش بالانحياز وعدم المهنيّة". لم تكتفِ الصحيفة بذلك، فنشرت مقالاً في الصفحة الأولى، لم تنشر اسم كاتبه، تحت عنوان "مصر والمنظمات المشبوهة". ويتحدث المقال عن "مؤامرات كونية" على النظام المصري، وطبعاً، المنظمة جزء منه.

أما صحيفة "الأخبار" فاكتفت بعنوانها في الصفحة الأولى: "مصر ترفض التقارير المشبوهة". وأشارت الصحيفة إلى الموضوع المقصود في الصفحة 19. وكان من اللافت أن "الأهرام" دافعت عن النظام أكثر من "الأخبار".


الصحف المصريّة الخاصة كان لها رأيها أيضاً. لكنّ طريقة التعامل مع الموضوع اختلفت. فلم تُظهر صحيفة "التحرير" الموضوع، وأشارت إليه في الصفحة السادسة فقط. وكتبت الصحيفة تحت عنوان "غضب رسمي وحقوقي من تقرير هيومان رايتس واتش عن فض رابعة... هيئة الاستعلامات: التقرير متحيز للإخوان...".

من جهتها، صحيفة "الوطن"، اختارت أن تُبرز الموضوع في صفحتها الأولى. فكان المانشيت: "معركة رابعة بين مصر وهيومان رايتس.. المنظمة الأميركية تطالب بالتحقيق مع السيسي و14 مسؤولاً في فض رابعة... والاستعلامات: التقرير منحاز للإخوان". أي أن الصحيفة وصفت الأمر بالمعركة، كما أنّها وصّفت المنظمة بـ"الأميركيّة"، في دلالة على الحملة التي سيواصلها الإعلام المصري ضد الولايات المتحدة الأميركيّة.

صحيفة "المصري اليوم" كرّست نظريّة المؤامرة في معالجتها للملف أيضاً. لكنّها أخذت منحى آخر في ذلك، فربطت الصحيفة بين زيارة السيسي إلى روسيا، وبين التقرير. وجاء ذلك تحت عنوان في صفحتها الأولى: "الرئيس في روسيا... والغرب يفتح ملف رابعة"، في إشارة منها إلى أن التقرير بهذه الصورة هو رد الغرب على توجه السيسي إلى الروس.

أما صحيفة "اليوم السابع"، فعنونت في صفحتها الأولى: "الحكومة لهيومان رايتس: تقريركم مرفوض غير محايد وغير مهني". وذكرت الصحيفة، الهجوم المصري على التقرير والمنظمة من دون ذكر ما جاء في التقرير أصلاً مثل باقي الصحف. ونقلت عن هيئة الاستعلامات قولها إنّ "التقرير يؤكد انفصال المنظمة عن الواقع المصري". ونشرت الصحيفة صورة من أحداث الفض يقوم فيها أحد ضباط القوات الخاصة بالأخذ بيد سيدة لإخراجها من الاعتصام، في محاولة لفرض صورة "إنسانيّة" عن مرتكبي المجزرة.

على صعيد آخر، هناك الصحف الحزبيّة. وتفوّقت الصحيفة الأبرز، "الوفد"، على الصحف الخاصة في مهاجمة المنظمة والتقرير. ورغم أنها تابعة "لحزب معارض"، كتبت الصحيفة: "هيومان رايتس تعتدي على السيادة المصرية... بيان رسمي: تقرير المنظمة حول فض رابعة مغرض ومنحاز والتحقيقات أجريت دون سند قانوني وأغفلت عمداً جرائم التنظيم الإرهابي". ثم نقلت عن مصدر مطلع قوله أنّ "أجندة سياسية تحرّكهم ولم يدافعوا عن 2000 شهيد فلسطيني وضحايا داعش".

مواقع التواصل ساخنة
أشعل التقرير مواقع التواصل في مصر، وأطلق ناشطون وسم "#عام_على_المحرقة". كما نشروا صور وفيديوهات فض الاعتصام وتذكير رواد المواقع بالمجزرة التي قام بها السيسي، والتعليق بالاستنكار لما حدث للمعتصمين أثناء الفض. ونشر الناشطون فيديو عن أحداث فض اعتصام "رابعة"، أعدته "هيومان رايتس ووتش" ووضعته على حسابها على موقع "يوتيوب" الإثنين الماضي. ويوثق الفيديو شهادات بعض شهود العيان من المعتصمين ومن عايشوا الأحداث.

على صعيد آخر، حاول البعض تصويرالتقرير على أنه مجرد مماحكات سياسية بين أميركا وروسيا ومحاولاتهم التقارب مع القوى الإقليمية وأهمها مصر. وكتبت الإعلامية دينا زكريا: "فهمتوها ولا لسة؟ ظهور تقرير "هيومن رايتس ووتش" عن رابعة والنهضة في هذا التوقيت مهم جداً... روسيا والسيسي كلاكيت تاني مرة أظن كده وضحت".

ونشر ناشطون على مواقع التواصل شهاداتهم الخاصة حول ما رأوه في رابعة، وكان أغلبهم صحافيين أكدوا وقوع مجازر أمامهم. وكتب جورج صليب: "أنا اشتغلت مع هيومان رايتس ووتش في التقرير الخاص بأحداث العنف بعد فض رابعة في المنيا ومفيش أي حاجة فوتوها من اللي حصل بكل حيادية". وعلّق الصحافي سيد تركي: "اشتغلت سنة ونص في هيومن رايتس ووتش... أقدر أقول إن توثيقهم غير قابل للطعن... ممكن يعطلوا بيان صغير علشان يتأكدوا من ربع معلومة 5 مرات من 5 مصادر".

المساهمون