أبدى ناشطون فلسطينيون في مجال الحقوق الرقمية وصفحات التواصل الاجتماعي انتقادات شديدة لإقدام شركة "فيسبوك"، ومؤسسها مارك زوكربيرغ، على إضافة وكيلة وزارة القضاء الإسرائيلية السابقة، إيمي بالمور، ضمن مجلس العشرين شخصية الذي أقيم مؤخراً، كلجنة وظيفتها البت في اعتراضات على سياسة الحذف على شبكة التواصل الاجتماعي، وأطلق عليها Oversight Board.
وجاءت هذه الانتقادات على ضوء التناقض الكبير بين شعار حرية التعبير، وبين ما مثلته بالمور خلال عملها أداةَ تنفيذ قامعة للحريات الفلسطينية، وملاحقة نشطاء فلسطينيين بأدوات قضائية، وفّرت للاحتلال "أسسا قانونية" للاعتقال والمداهمات.
وقال الناشط الفلسطيني نديم ناشف، مدير "حملة - لتطوير الإعلام الاجتماعي"، لـ"العربي الجديد": "هناك تناقض كبير بين ما ادعاه زوكربيرغ وبين تعيين بالمور، خصوصاً أن اللجنة الجديدة تضم مقاتلين من أجل حرية الكلمة، مثل توكل كرمان، مقابل من كانت في سلطة تنفيذية قامت بشكل منهجي بحذف عشرات آلاف التغريدات والمنشورات للفلسطينيين على شبكة (فيسبوك)" .
وأكد ناشف لـ"العربي الجديد" أن المسؤولة الإسرائيلية تمثل النقيض تماماً من الهدف المعلن من اللجنة الجديدة، فهي شاركت وأدرات سياسة تكميم الأفواه للفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال، وكانت بحكم منصبها شريكة في صياغة الاتفاقيات الإسرائيلية مع شركة "فيسبوك" منذ العام 2016، التي وافقت فيها "فيسبوك" على طلبات حكومة الاحتلال الإسرائيلي بحذف المنشورات الفلسطينية، وفي مراقبة هذه الصفحات وتتبعها، ثم اتهامها بأنها داعمة للإرهاب لتقوم شركة "فيسبوك" بحذفها وإغلاقها.
وتابع ناشف أنه يتم التداول بين جمعيات فلسطينية مختلفة تُعنى بالحقوق الرقمية لبلورة موقف موحد ضد تعيين بالمور، وشرح حقيقة نشاطها في قمع حرية التعبير للفلسطينيين، وأنها جزء من منظومة الاحتلال الإسرائيلي، ساهمت في تسهيل مهام اعتقال فلسطينيين لمجرد نشرهم منشورات اعتبرتها دولة الاحتلال الإسرائيلي محرضة على العنف.
وكانت حكومة الاحتلال قد قدمت، بين عامي 2016-2018، أكثر من 113 لائحة اتهام رسمية ضد ناشطين فلسطينيين ومواطنين عاديين، لمجرد كتابتهم منشورات تؤيد حق مقاومة الاحتلال وتندد بالاحتلال وسياساته.
في المقابل، تعهدت إيمي بالمور في تصريحات لها، في اليومين الماضيين، نشرت في الصحف الإسرائيلية، بأنها ستسعى لتغيير سياسات "فيسبوك" من الداخل، بحسب ما نقلت عنها صحيفة "غلوبوس".
وأقرت مور بأنها تعتبر محافظة في تعريفها لليبرالية مقارنة بالمفهوم الأميركي، وبرّرت سياسات الحذف ضد الناشطين الفلسطينيين إذ قالت "عندما تعرف أن هناك أشخاصا في الـ17 من عمرهم قرأوا مواد تحريضية على الإرهاب على صفحات (فيسبوك)، ثم قاموا بطعن طفلة في الخليل، مثلاً، فإن الحديث في إسرائيل ليس مسألة حقوق إنسان وإنما أيضاً إمكانية إزهاق حياة (تقصد للمستوطنين)".
وخدمت إيمي بالمور، المولودة عام 66، في وحدة السايبر المختارة لشعبة الاستخبارات الإسرائيلية 8200، وبعد إنهائها دراستها المحاماة عملت في وظائف مختلفة في النيابة العامة، وكانت عضوةً في لجان وزارية كثيرة، بينها لجنة المفاوضات لتنفيذ صفقة شاليط.
واعترفت بأنها كانت وراء البند والتشريع القانوني اللذين يتيحان لحكومة الاحتلال إعادة اعتقال الأسرى المحررين بعد الصفقة (وهو ما تم بعد خطف ثلاثة مستوطنين في العام 2014) في حال عادوا لتنفيذ عمليات ضد الاحتلال، واعتقالهم بشكل فوري، من دون حاجة لإجراءات قضائية، لإعادة قضاء المحكومية التي فرضتها عليهم محاكم الاحتلال عند أسرهم.
كما كان لها دور في الاتفاقية التي توصلت إليها شركة "فيسبوك" مع حكومة الاحتلال في سبتمبر/أيلول 2016، والتي وطدت التعاون بين الطرفين، بما في ذلك مراقبة وتتبع منشورات الفلسطينيين في أوج انتفاضة السكاكين التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2015.
وتولت بالمور منصب وكيلة وزارة القضاء بين عامي 2014-2019، ومع أن من عينتها في المنصب كانت الوزيرة تسيبي ليفني، إلا أن وزيرة العدل عن حزب البيت اليهودي، أيليت شاكيد، التي تولت وزارة القضاء بعد انتخابات عام 2015، أبقتها في منصبها.