الإخوة ــ الأعداء: ما الذي يحصل داخل "استديو فيزيون"؟

02 ابريل 2019
حصل جهاد المر على 60 بالمئة من الأسهم (فيسبوك)
+ الخط -
قبل أشهر، رفع غابريال المرّ (مؤسس قناة MTV اللبنانية عام 1991) دعوى قضائية على نجله ميشال، الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة تلفزيون MTV، بسبب الخلاف على بعض الأراضي التي تملكها العائلة (الأب وأبناؤه الأربعة). الدعوى كانت بمثابة "هزّ عصا" من قبل الأب لابنه الذي استأثر في السنوات الأخيرة بقرارته، وانفرد ببعض القضايا "المصيرية" التي تتعلق بالشركات التي تملكها العائلة، وعلى رأسها شركة "استديو فيزيون" التي تتفرع منها قناة "أم تي في". 

ولفهم خلفية كل هذه الصراعات العائلية التي انفجرت قبل أيام، نعود إلى البدايات: وُلدت محطة MTV بداية تسعينيات القرن الماضي، ومعها ظهرت مجموعة من الإذاعات الخاصة، بينها "جبل لبنان"، التي أطلقها ميشال المرّ، ليضع بذلك رجلاً في عالم الإعلام المحلي. من جهته، اختار الابن الثاني لغابريال المر، جهاد، دخول عالم الإعلام أيضاً، فشارك مع شقيقه في إطلاق إذاعة "جبل لبنان" (1979) وغيرها من الإذاعات الناطقة باللغات الأجنبية مثل "نوستالجي" و"إنرجي".

هكذا بدأ آل المر بناء مملكتهم في الإعلام المسموع، مقدّمين محتوى فنيا مختلف تماماً عن كل ما كان يقدّم على الإذاعات المحلية. ثمّ أسّس الأخوان المرّ (ميشال وجهاد) شركة دعاية وإعلان، كان مطلوبا منها أن تنافس مجموعة "الشويري" التي قبضت على المشهد في فترة الحرب وما بعد الحرب الأهلية (1975 ــ 1990).

مع هجر اللبنانيين ومليشياتهم سلاح الاقتتال المحلي، انطلقت قناة MTV، معتمدة خطاً سياسياً معارضاً وقتها للوجود العسكري السوري في البلاد. وبشكل مستتر حيناً وواضح جداً حيناً آخر، وقفت القناة إلى جانب معارضي الوجود السوري في لبنان، وعلى رأسهم وقتها ميشال عون (رئيس الجمهورية الحالي) الذي كان غادر بيروت إلى باريس. تصاعد هذا الخطّ المعارض تدريجياً، ليصل إلى قمّته عام 2002، ويصدر قرار بإقفال المحطة نهائياً بأمر أمنيّ.

عام 2005، ومع خروج الجيش السوري من لبنان، إثر اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري (14 فبراير/شباط)، صدر حكم قضائي يسمح للمحطة بمعاودة البث، إلا أن MTV لم تعد إلى الأثير إلا عام 2009، تزامناً مع الانتخابات النيابية. عادت القناة مناصرة لما كان يسمّى وقتها "الخط السيادي" (فريق 14 آذار)، لتدخل بسرعة سوق المنافسة السياسية والترفيهية أيضاً.

فما الذي حصل لتنفجر الخلافات العائلية، يوم الجمعة الماضي، وينتخب جهاد غابريال المر بالإجماع رئيساً لمجلس إدارة "استديو فيزيون" بديلاً عن شقيقه ميشال؟ الحقيقة أن التوتر بين أفراد الأسرة يعود إلى سنوات طويلة. السبب الأول لهذه الخلافات هو استئثار ميشال المر بالقرارات الخاصة بـ"استديو فيزيون" وMTV، وإنشاء استديوهات جديدة في الأرض التي يملكها مع والده وأشقائه جهاد وكارول وكارل، إلى جانب استديو ضخم لبرنامج "صار الوقت" الذي يقدّمه مارسيل غانم القادم من قناة LBCI. كما قامت محطة MTV برئاسة ميشال المرّ باستثمار استديوهات مجمّع "بيروت هول" (منطقة سن الفيل، شرق بيروت) التي كان يشغلها تلفزيون "المستقبل"، لكن أمام التعثر المالي لمؤسسات "المستقبل" كلها، ارتأى مالك "بيروت هول" تشغيلها، عبر عقد مع "استديو فيزيون". أمام كل هذه الاستثمارات التي انفرد باتخاذها المرّ، فإنه لم يوزّع الأرباح العائدة عن تشغيل "استديو فيزيون" على باقي أفراد الأسرة، كما يفرض توزيع الأسهم بينهم.

وإلى جانب استئثاره بقرارات الاستثمارات في المحطة وفي الشركة الأم (استديو فيزيون)، واجه ميشال المرّ مجموعة من الانتقادات العائلية، ومن قبل بعض العاملين داخل المحطة، في ما يتعلق بالسياسة التي ينتهجها داخل القناة. ومنها على سبيل المثال، مشاكل المر وبعض الموالين له مع محطات أخرى كالـ LBCI، ومحاولة التفاف المر على "المؤسسة اللبنانية للإرسال إنترناشونال"، عبر توظيف مجموعة من المذيعين والموظفين العاملين فيها وفتح ميزانيات مالية لهم، مثل مارسيل غانم، وطوني بارود، وجورج غانم....
لكن قناة LBCI لم تكن الوحيدة التي عاداها ميشال المرّ، بل فتح حرباً عنيفة مع قناة "الجديد"، وصلت بعض فصولها إلى المحاكم، وتبادل التهم بين الوسيلتين، في أمور تتعلق بالفساد المالي الذي لا يقف عند المنافسة الإعلامية، بل يطاول الصفقات التجارية الأخرى.
كل هذه التراكمات أدت إلى إقصاء الابن الأكبر لغابريال المر عن رأس منجم الذهب المسمى "استديو فيزيون"، مقابل تسليم المسؤوليات لجهاد المرّ الذي يدخل الشركة متسلحاً بنسبة 60 بالمائة من مجموعة الأسهم، مقابل عشرين بالمائة لشقيقه الأكبر.

جهاد المرّ كان سنداً لمجموعة "استديو فيزيون"، من خلال الأعمال والمهرجانات التي هي من صميم اختصاصه (شريك رئيسي في شركة "فيرجين ميغاستور" ومسؤول عن شركتي 2u2c، وبرودكشن فاكتوري).

السنة الماضية، دخل جهاد المر في شراكة دعائية مع محطة LBCI، التي اختلفت مع شقيقه، مبدياً انفتاحاً، وهو ما ظهرت نتائجه يوم الجمعة الماضي، عندما أطل في تقرير مطوّل في نشرة أخبار LBCI ليتحدّث عن التغييرات التي حصلت في الشركة، قائلاً "إن كل ما حصل هدفه تصحيح المسار". بينما ظهر الأب غابريال المر على محطة "الجديد" متحدّثاً أيضاً عن "تصحيح المسار".

لكن يبدو أن تصحيح المسار هذا يحتاج إلى أكثر من تغيير في عدد الأسهم، إذ غداة صدور قرار التغييرات، أصدرت قاضية الأمور المستعجلة في المتن، رانيا رحمة، قراراً جمّدت به مفعول محضر الاجتماع، لمدة أسبوع، تمكيناً للمستدعي ميشال غابريال المر، من مراجعة محاكم الأساس المختصة. ولم تنته مفاعيل التجميد بعد، رغم أن الأجواء العامة في "استديو فيزيون" وفي MTV تتعامل مع جهاد المر كمدير جديد. ولعلّ أبرز مهامه ستكون حل موضوع مرتبات العاملين في الشركة وعددهم أكثر من 250 شخصاً، إثر تجميد صرف الأموال إلى حين الانتقال الكلي للسلطة بين الشقيقين.
المساهمون