احتجاجات الجنوب العراقي... حصار إعلامي على كافة المستويات

20 يوليو 2018
أوامر بعدم إيلاء الاحتجاجات أهمية (أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -
مع تصاعد أعمال العنف التي تمارسها القوات الأمنية مع المحتجين، وهو ما وثقته مقاطع فيديو وصور مختلفة نشرها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، يعيش عراقيون مغتربون حالةً من القلق على مصير أقاربهم في داخل البلاد.

فالحكومة عمدت إلى قطع شبكة الإنترنت، ما حرم المغتربين من التواصل مع ذويهم وأقاربهم، في وقت تشهد البلاد احتجاجات واسعة انطلقت منذ 8 يوليو/ تموز الجاري، وهو ما صعّب من مهمّة الصحافيين في تغطيتها، خصوصاً العاملين في مؤسسات إعلامية غير محلية.

يأتي ذلك في وقت يؤكد صحافيون أن وسائل الإعلام المحلية تلقّت أوامر بعدم نقل أي معلومات أو مقاطع فيديو أو صور تفيد بوجود اعتداء من قبل القوات الأمنية على المحتجين والاكتفاء بالرواية الحكومية الرسمية عن مجريات الأحداث.

وأكد عراقيون مغتربون لـ"العربي الجديد" أنهم تمكنوا من الاتصال بذويهم في داخل البلاد من خلال عودة جزئية للإنترنت، معربين عن قلقهم على مصير أهاليهم بسبب محاولات "قمع" الاحتجاجات باستخدام الرصاص الحي.

ويقول أكثم وليد، المغترب في السويد، إنه علم بأن أحد أصدقائه تم اعتقاله، وأصيب شاب من أقربائه في قدمه، مؤكداً أن عدداً من أصدقائه المقربين يشاركون في الاحتجاجات بمحافظة البصرة.
وتابع يقول لـ"العربي الجديد": "لم أنم ليومين. كنت قلقاً على أمي ووالدي وإخوتي. الوضع في البصرة غير جيد، فهناك اعتقالات لشباب ومداهمات لمنازل المواطنين، كل هذا لكونهم يطالبون بحقوقهم".



ووفقاً لإحصائيات وثقها ناشطون، فقد سقط 15 قتيلاً من المتظاهرين برصاص قوات الأمن، فضلاً عن إصابة مئات آخرين.

ناشطون عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي انتقدوا بشدة المحطات التلفزيونية المحلية، كونها لا تنقل الأحداث الجارية في البلاد بمهنية، وتكتفي بتغطية بسيطة تبرز فيها وجود تعامل حضاري من قبل قوات الأمن مع المحتجين، في حين تُظهر وجود مخربين ومندسين وسط المحتجين، وهو ما يستدعي تدخل القوات الأمنية بالقوة لردعهم.

لكن صحافيين، تتحفظ "العربي الجديد" على الكشف عن أسمائهم، أكدوا أن وسائل الإعلام المحلية تلقت أوامر من قبل أجهزة أمنية بعدم إيلاء الاحتجاجات أهمية كبيرة، والتعاطي معها وفقاً للرواية الحكومية.
وتُبرِز الجهات الحكومية المختصة تَعرُّض القوات الأمنية لعدد كبير من الإصابات في تصريحاتها وتتغاضى عن ذكر القتلى والمصابين من المحتجين الذين وقعوا برصاص قوات الأمن.

ويقول الصحافي علي الزبيدي، وهو مراسل لموقع إخباري عربي، إنه تلقى تهديدات بالاعتقال من قبل قوات أمنية قبل ولوجه ساحة التحرير وسط بغداد.
وأضاف الزبيدي لـ"العربي الجديد" أنه في خلال ذهابه لتغطية الاحتجاجات في ساحة التحرير بمنطقة الباب الشرقي وسط بغداد، "كان هناك انتشار أمني كبير على الطرق المؤدية إلى الساحة. استوقفتني مفرزة أمنية حين رأوني أحمل كاميرا فوتوغراف، وطلبوا مني ما يعرف عن شخصيتي والجهة الصحافية التي أعمل لمصلحتها، وحين انتهوا من إجراءاتهم معي هددوني بصيغة التحذير".
وأوضح: "قالوا لي: من الأفضل أن لا تذهب إلى مكان الاحتجاجات فلربما تعتقل، يوجد مندسون بين المتظاهرين وقد يتسببون بأذى للجميع".
وأضاف: "أدركت جيداً أن الصحافيين لن يتمكنوا من ممارسة دورهم بحرية لذلك لم أستخدم كاميرتي لكي أخفي نفسي، ووقفت أدون ملاحظاتي حول الاحتجاجات وأرسلت أخباري دون أي صور".



الزبيدي وعدد آخر من الصحافيين العاملين في مؤسسات صحافية غير محلية أكدوا أنهم لجأوا إلى استخدام برامج معينة لكسر الحظر على الإنترنت من أجل مزاولة عملهم، وإرسال موادهم الصحافية إلى الوكالات والمؤسسات التي يعملون لمصلحتها.

أيضاً لجأ العديد من الناشطين إلى استخدام هذه البرامج، من دون أن يذكروا أسماءها، وهو ما أكده الكاتب والناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، أحمد الشيخ ماجد، الذي قال عبر منشور له على حسابه في "فيسبوك"، منوهاً بعودته إلى مزاولة نشاطه في الكتابة: "عُدنا من خلال برنامج معيّن... بعدما أراد حزب الدعوة (الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي) أن يقطعنا عن التواصل، عن التضامن في ما بيننا كأبناء بلاد واحدة".

ويوم الثلاثاء، حذّر "المرصد العراقي للحريات الصحافية" من استمرار الانتهاكات والتجاوزات على الصحافيين والفرق الإعلامية التي تغطي التظاهرات في المدن العراقية، واعتبر أن إصدار مذكرات قبض بحق البعض منهم هو نوع من الترهيب المرفوض، ويتعارض مع الحقوق الدستورية المكفولة لهم.
المساهمون