استمع إلى الملخص
- **تقنية تحديد تاريخ الرسم**: استخدم الباحثون تقنية جديدة تعتمد على أشعة الليزر وبرامج الكمبيوتر لتحديد عمر اللوحة بدقة، حيث أثبتت فعاليتها في تحديد عمر رسم يعود إلى 48 ألف سنة ولوحة أخرى عمرها الأدنى 51200 عام.
- **محتوى الرسم وتفسيره**: تظهر اللوحة ثلاث شخصيات حول خنزير بري، ويُعتقد أنها تصف حدثاً ما. يُرجح أن هذا العمل أنجزته المجموعات الأولى من البشر الذين عبروا جنوب شرق آسيا قبل 65 ألف سنة، مما يجعل الاكتشاف الإندونيسي مذهلاً.
خلصت دراسة حديثة إلى كون رسم يمثّل خنزيراً أحمر كبيراً محاطاً بثلاث شخصيات بشرية أُنجز على جدار كهف في إندونيسيا، هو أقدم عمل فني تصويري في العالم، بما أنّه يعود إلى أكثر من 51 ألف عام. وقال عالم الآثار، آدم بروم، أحد معدّي الدراسة المنشورة الأربعاء في مجلة نيتشر، إنّ الرسم، وعلى الرغم من أنّ مظهره بسيط "يجسّد بوضوح قصة تشكل أقدم دليل معروف على السرد" ضمن عمل فنّي، وهو أقدم حتى من الرسوم في كهفي لاسكو وشوفيه في فرنسا.
وأكّد المشارك في إعداد الدراسة، ماكسيم أوبير، من جامعة غريفيث الأسترالية، أنّ الاكتشاف الأخير داخل كهف في ماروس-بانكيب في جزيرة سولاويسي، يؤكد أننا أمام عمل "يتجاوز عمره الـ50 ألف عام للمرة الأولى". وأضاف أنّ قدرة الممثلين الأوائل لجنسنا البشري على رواية قصة "بهذا التعقيد" من خلال الفن، قد تعيد صياغة فهمنا للتطور المعرفي للإنسان العاقل.
تقنية جديدة لتحديد تاريخ رسم
لتحديد تاريخ اللوحة، استخدم الباحثون طريقة جديدة تستند إلى أشعة الليزر وبرامج كمبيوتر لإنشاء "خريطة" لعينات صخور. وأشار أوبير إلى أنّ تقنية الليزر هذه أكثر دقة وأسهل وأسرع وأرخص وتتطلب عينات صخرية أصغر بكثير من الطريقة السابقة. ولا تتيح التقنية الجديدة تحديد تاريخ اللوحة بشكل واضح، بل تحدد تاريخ كل طبقات المعادن التي تراكمت عليها مع مرور الزمن. وتمكّن الباحثون من الوصول إلى الطبقة الأقرب إلى الطلاء وبالتالي تحديد الحد الأدنى لعمرها بدقة.
واختبر الفريق التقنية الجديدة للمرة الأولى على الرسم الذي يحمل الرقم القياسي السابق لأقدم رسم تصويري في العالم. وأشار إلى أنّ الرسم الذي يمثل نشاط صيد يعود أقله إلى 48 ألف سنة، أي أقدم بأربعة آلاف سنة مقارنة بما أفضت إليه طريقة التأريخ التي استُخدمت عام 2019. ثم اختبر الفريق طريقة الليزر على لوحة غير مؤرخة، رُصدت للمرة الأولى داخل كهف في جزيرة سولاويسي عام 2017. وتوصّلوا إلى أنّ الحد الأدنى لعمرها هو 51200 عام.
ماذا يظهر في رسم الكهف؟
وتمثل اللوحة، التي كانت في حالة سيئة، ثلاث شخصيات حول خنزير بري. ومن الصعب فهم معنى هذه الرسوم ذات اللون الأحمر، لكنّها تصف بوضوح حدثاً ما، على غرار رسم غامض في كهف لاسكو يعود إلى 21 ألف عام ويمثل رجلاً برأس طائر أوقعه جاموس. ويفترض أوبير أنّ هذا العمل ربما أنجزته المجموعات الأولى من البشر الذين عبروا جنوب شرق آسيا قبل وصولهم إلى أستراليا، قبل نحو 65 ألف سنة. وقال: "ربما تكون مسألة وقت فقط قبل أن نجد رسوماً أقدم".
وتمثل الرسوم الأولى التي أُنجزت على أيدي بشر والمعروفة حتى الآن، خطوطاً وأنماطاً بسيطة مصنوعة في أحجار مغرة، اكتُشفت في جنوب أفريقيا ويعود تاريخها إلى مائة ألف سنة. وأشار أوبير إلى "فجوة كبيرة" بين هذا النوع الأوّلي من الفن ورسوم الكهوف الإندونيسية التي أُنجزت بعد 50 ألف سنة.
وقبل هذه الاكتشافات في إندونيسيا، كان يُعتقد أنّ الأعمال الفنية التي تجسّد أولى الروايات قد ظهرت في أوروبا الغربية، خصوصاً مع اكتشاف تمثال عاجي لرجل برأس أسد في ألمانيا، يعود تاريخه إلى 40 ألف سنة. وقال عالم الأنتروبولوجيا، كريس سترينغر، إنّ التاريخ التقديري للفن الصخري الإندونيسي "مذهل بشكل كبير"، لأنه أقدم بكثير مما تم اكتشافه في أماكن أخرى بينها أوروبا.
(فرانس برس)