مئة يوم على اختراق "قنا"... دول الحصار تواصل القرصنة

02 سبتمبر 2017
(فرانس برس)
+ الخط -
فجر الرابع والعشرين من مايو/ أيار الماضي، تعرّضت وكالة الأنباء القطريّة الرسميّة (قنا) للقرصنة، حيث تمّ بثّ تصريحات مفبركة لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. مرّت مئة يوم على عمليّة الاختراق التي شكّلت سابقة في تاريخ القرصنة في العالم. 

تحوّلت القرصنة يومها لعُرسٍ رقصت فيه وسائل إعلام سعوديّة وإماراتيّة ومصريّة، اتّضحت مع ساعات الصباح الأولى معالم المؤامرة التي وقفت وراءها، قبل أن تنشر صحيفة "واشنطن بوست" الأميركيّة بعد شهرين تصريحات لمسؤولين أميركيين أكّدوا وقوف الإمارات وراء العمليّة.

وقال مدير مكتب الاتصال الحكومي، الشيخ سيف بن أحمد آل ثاني، في الرابع والعشرين من مايو/ أيار الماضي، إن "موقع وكالة الأنباء القطرية تم اختراقه من قبل جهة غير معروفة إلى الآن، وتم نسب تصريح لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بعد حضور سموه تخريج الدفعة الثامنة للخدمة الوطنية".
وأكد مدير مكتب الاتصال الحكومي "أن ما تم نشره ليس له أي أساس من الصحة، وأن الجهات المختصة في دولة قطر ستباشر التحقيق في هذا الأمر، لبيان ومحاسبة كل من قام بهذا الفعل المشين".

واستخدمت دول الحصار (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر) عمليّة الاختراق والفبركات لتبرير تحريضها وهجومها على دولة قطر، وصولاً إلى قطع العلاقات، في 5 يونيو/ حزيران، كما فرضت عليها حصاراً بحرياً وجوياً، وحاكت المؤامرات السياسية التي تستمرّ فيها حتى اليوم.

وفي 20 يوليو/ تموز الماضي، أعلنت وزارة الداخلية القطرية أن التحقيق بشأن جريمة قرصنة موقع "قنا" كشف أن عنوانين للإنترنت في دولة الإمارات استخدما لتنفيذ عملية الاختراق. وأضافت الوزارة أن الأدلة الفنية للجريمة أحيلت إلى النائب العام الذي بدأ إجراءات التقاضي لمعاقبة المخترقين.

والشهر الماضي، ألقت السلطات التركية القبض على 5 أشخاص لهم علاقة بقرصنة وكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا) التي وقعت قبل نحو ثلاثة أشهر.
ونقلت "قنا" عن النائب العام القطري، علي بن فطيس المري، قوله إنه "في إطار التعاون بين دولة قطر والجمهورية التركية في مجال مكافحة الهجمات والجرائم الإلكترونية، فقد قامت السلطات التركية بإيقاف خمسة أشخاص متورطين في جريمة اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية وبث تصريحات مغلوطة" منسوبة لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وأوضح أن السلطات القطرية بدأت، بعد جريمة الاختراق، "تحقيقاً في الداخل وخارج قطر حول هذه الجريمة، وقامت بالتواصل مع دول صديقة للمساعدة في هذا الموضوع، وذلك لكون الجرائم الإلكترونية جرائم عابرة للحدود بطبيعتها".


لكنّ دول الحصار لم تتوقّف عند قرصنة وكالة الأنباء الرسمية، فاستمرّت باختراقاتها. ففي 8 يونيو، تعرّض موقع تلفزيون قطر لمحاولة قرصنة فاشلة. وأعلن الرئيس التنفيذي للمؤسسة القطرية للإعلام، عبد الرحمن بن حمد، حينها، أنه "بسبب محاولات القرصنة التي يتعرض لها موقع تلفزيون قطر، ولدواع أمنية، تم إيقاف الموقع مؤقتاً". وتمّت إعادة الموقع للعمل بعدها بحوالي ساعة.

وفي اليوم نفسه، أعلنت شبكة قناة "الجزيرة" أن مواقعها وحساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي تتعرض لهجوم معلوماتي ولمحاولة اختراق.
وقالت شبكة الجزيرة، في بيانٍ: "تتعرض حالياً مواقع شبكة الجزيرة ومنصاتها الرقمية لمحاولات اختراق ممنهجة ومستمرة، وإن هذه المحاولات يتزايد نشاطها بشكل كبير وتتّبع أساليب مختلفة"، مضيفة أن الهجوم "يستهدف كل أنظمتها ومواقعها ومنصاتها في وسائل التواصل الاجتماعي".

من جهته، كتب مدير قناة "الجزيرة"، ياسر أبو هلالة، على حسابه الرسمي على تويتر، أن شبكة الجزيرة ومنصاتها الرقمية تتعرض "إلى محاولات اختراق ممنهجة ومستمرة، ويتزايد نشاطها بشكل كبير وتتبع أساليب مختلفة".




وفي 30 يوليو/ تموز، أعلنت مجموعة أطلقت على نفسها اسم "الجيش الإلكتروني السعودي"، اختراق الموقع الإلكتروني لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي، "قرضاوي نت" (qaradawi.net).
وبعد قرصنة الموقع، نشر القراصنة رسالةً تقول "الجيش الإلكتروني للمملكة العربيّة السعودية Saudi Arabia، موقع القرضاوي تحت سيطرتنا للأبد"، مذيّلاً الرسالة بوسم "#موقع_القرضاوي_تحت_سيطرتنا".


كما تعرض موقع صحيفة "لوسيل" اليومية الاقتصادية القطرية لعملية اختراق، في اليوم نفسه. وقالت الصحيفة، في بيان لها، إن مخترقين إماراتيين نجحوا في الدخول إلى الموقع الإلكتروني للصحيفة، وتمكنوا من تعطيله مع ترك عبارة "هاكرز الإمارات كانوا هنا"، وقاموا بتغيير تبويب استطلاع الرأي، بإضافة عبارات مثل "الإمارات والسعودية تاج على رؤوسكم".
وأكد البيان أن الصحيفة أوقفت العمل في الموقع، حفاظاً على المحتويات واستعانت بخبراء تقنيين لتعزيز الطوق الأمني الذي كان يتمتع به الموقع قبل عمليه الاختراق.

وقال نائب رئيس تحرير الصحيفة، محمد حجي، إن محاولة اختراق الموقع لن تثني الصحيفة عن مواصلة نشر الحقائق، بغض النظر عما إذا كانت تتعلق بدول الحصار أو بغيرها، كونه طريقاً انتهجته الصحيفة منذ بداية انطلاقتها، لافتاً إلى أن ما نشرته الصحيفة من حقائق موجعة حول اقتصاديات دول الحصار، لم يعجب البعض وحاولوا النيل من الصحيفة عبر اختراقها.
وأكد حجي أن الصحيفة تحتفظ بحقها القانوني باللجوء إلى رفع دعوى قضائية إلى الجهات القانونية المختصة "لوقف مثل هذه الأعمال التخريبية، التي تمس الحريات الإعلامية، كما أنها تعد من الجرائم الإلكترونية".

أعمال القرصنة والتخريب التي أصبحت شغل دول الحصار الشاغل، تخطّت اختراق المواقع والفبركة والتحريض إلى خرق حقوق البثّ والملكيّة الفكريّة أيضاً. فقد أطلقت السعوديّة قناة "بي آوت كيو" (beoutQ)، في أغسطس/آب، والتي روّج لها ناشطون سعوديون على أنّها "محاربة لاحتكار بي إن"، قبل أن يتّضح أنّها ليست إلا فضيحة قرصنة علنيّة لباقة "بي إن سبورتس". وأثار ذلك الخرق السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي من إفلاس دول الحصار وإعلامها، وحصرها على سرقة الإنجازات القطريّة لمحاولة خلق إنجازٍ وهمي لها.

و"بي آوت كيو" هي قناة رياضية تهدف بحسب القائمين عليها إلى كسر ما سموه احتكار مجموعة قنوات "بي إن سبورتس" الرياضية لتغطية الدوريات والبطولات العالمية، لكنّها ليست سوى عمليّة قرصنة وخرق لحقوق البثّ والملكيّة الفكريّة لقنوات "بي إن".
فالقناة المزعومة ما هي إلا قرصنة لحقوق بث قنوات بي أن سبورت على الإنترنت مع إخفاء شعار مجموعة القنوات القطرية وإبداله بشعار القناة الوهمية الجديدة وطلب دفع مبلغ "زهيد" سنوياً نظير هذه القرصنة.

من جهتها، طالبت مجموعة "بي إن" الإعلامية السلطات السعودية بوقف قناة "بي أوت كيو" التي تبث مباريات رياضية بصورة غير مرخصة ووصفتها بالقرصنة، كما طالبت بإجراء تحقيق في هذا العمل غير القانوني.
وفي بيان لمجموعة "بي إن" وعدد من المنظمات الرياضية ومؤسسات الإعلام الرياضي ومنظمات عالمية لمكافحة القرصنة، قبل يومين، عبرت المجموعة عن أملها في أن تحترم السلطات السعودية قوانين المملكة الداخلية والقوانين الدولية والتزاماتها واتفاقاتها الدولية لحماية حقوق الملكية الفكرية، وأكدت أنها تبحث جميع الخيارات القانونية لحماية حقوقها.


وفي الثلاثين من أغسطس/ آب الماضي، كشف حساب "تاريخ وذكريات"، على "تويتر" (‫⁦‪@HIAHY‬⁩)، فضيحةً جديدة لاختراق السعودية لهواتف ناشطين وإعلاميين سعوديين، بواسطة المستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني. وأطلق المغردون القطريّون لهذه الفضيحة وسم "#تجسس_دليم". ودليم هو لقب يُطلق في الخليج على الخادم الذي يقوم بالأعمال التي يأنف منها السيد، مثل شتم الآخرين وتشويه سمعتهم وغيرها من الأمور الدنيئة، وهو مستمد من قصة شعبية لخادم اسمه دليم، واللقب أطلقه القطريون والسعوديون على سعود القحطاني كونه يقوم بالأعمال التشويهية.

وكشف الحساب فضائح عمليّات القرصنة غير الأخلاقيّة التي يقوم بها القحطاني. وأوضح أنّ "دليم منذ عام 2009 اشترك في موقع hackforums، وهو موقع متخصص في التهكير".
وفصّل الحساب تاريخ القحطاني في القرصنة والتجسس، مرفقاً إياه بصور إيضاحيّة. وقال: "سعود الهاكر حريص على إخفاء معلوماته، ولكن في عام 2016 تعرضت شركة hacking team للاختراق ونشر جميع مراسلاتها، موجود فيها سعود القحطاني مستخدماً إيميله الخاص بالهاكر saudq1978@gmail.com، حيث أول رسالة من سعود إلى الشركة كانت بتاريخ 27/03/2012".

وأشار إلى أنّ البريد الإلكتروني saudq1978@gmail.com ظهر في موقع hackforums، وهو موقع مختص بالهكر، الإيميل موجود آخر القائمة وبجانبه اسم العضوية nokia2mon2".
وأضاف أن "كثرة الفحص في الموقع تجعل الأداة مكتشفة بسرعة، لذلك هو منزعج، كما تلاحظون أن تاريخ المشاركة في عام 2011، أي أنه منذ فترة طويلة يمارس القرصنة". وأكّد أنّ "في منتدى hackforums قام nokia2mon2 (سعود القحطاني) بالتبرع بمبالغ ضخمة للمنتدى، حتى أن بعض الأعضاء يقولون إن لديه آبار نفط في المملكة. التبرعات كان هدفها تصدر المشهد، كما يقول، وأيضاً كسب ثقة كبار الهاكر، وذلك لوجود المال لدى سعود، فسوف يسهل التعامل معهم".

وأوضح أنّ القحطاني اشترك عام 2009 في موقع hackforums، وهو موقع متخصص في الهكر، وبدأ رحلته في البلطجة والتهكير والقرصنة. وبدأ الرحلة بدفع المال مقابل خدمات، مثل حذف مقاطع من (يوتيوب) أو تجميد حسابات (تويتر) أو اختراق الإيميل أو الهجوم وتعطيل المواقع".




المساهمون