يوم عاد الشهداء إلى الشاشة التونسية

18 نوفمبر 2016
كشف الستار عن عمليات تعذيب عدة (فرانس برس)
+ الخط -

كانت ليلة أمس الخميس استثنائية فى تاريخ تونس المعاصر. لأول مرة يتسمّر التونسيون أمام شاشات التلفزيون لمشاهدة أولى جلسات الاستماع لضحايا التعذيب والقتل والتشريد في فترة ما قبل الثورة.

جلسات نظّمتها هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة بملف العدالة الانتقالية ونقلها التلفزيون الرسمي، وقناة "الحوارالتونسي" وعدد من القنوات العربية والأجنبية مباشرة. شهادات تحدثت فيها أمهات ثكالى عن أبنائهن الذين قُتلوا برصاص غادر وهنّ لا ينشدن اليوم إلا الحقيقة.

شهادات أبكت الكثيرين ولعلّ أكثرها تأثيراً كانت تلك التى أدلى بها الباحث الجامعي والإعلامي سامي براهم، الذي عانى ويلات العذاب، بسبب ما اعتبره نظام المخلوع زين العابدين بن علي، انتماء للتيار الإسلامي. كما كانت لشهادة الوجه اليساري المعروف في تونس جلبار النقاش وتعذيبه في السجون التونسية، الوقع الكبير لدى المتابعين.

ردود الفعل على هذه الشهادات ملأت مواقع التواصل الاجتماعي: البعض رأى فيها لحظة تاريخية فارقة أعادت للثورة توهجها. كتب الناشط حسن البنا "في هذه اللحظة تستعيد الثورة ألقها... تسترجع شيئاً من توهّجها... لحظات مقدّسة... تستبطن صوراً من تاريخ تونس... فرسان تونس يترجّلون اليوم... ليحملونا معهم في ثنايا ذاكرة عصيّة على الطمس". وكتب الإعلامي وليد أحمد الفرشيشي "ليلة أمس كانت تاريخية بالفعل ... تلك الشهادات رغم حمولة الوجع فيها إلا أنها أكثر من ضرورية حتى تحفظ ذاكرة الوطن من التلف... بالمناسبة قبلة على جبين العظيم جلبارالنقاش...هذا الرجل رمز حي بيننا".


في مقابل ذلك، وجّه البعض سهام نقده إلى رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين معتبرين ما قدم يزيد من حدة الاصطفاف في تونس. وكتبت الإعلامية والأدبية آمال مختار "ما تقوم به سهام بن سدرين ليس بعدالة انتقالية بمفهوم الاعتذار عن الأخطاء وفتح أبواب القلوب للتسامح وطيّ صفحة الحقد والبغضاء بين أبناء شعب واحد شاءت الأقدار أن تجعل من البعض جلادين ومن البعض الآخر ضحايا. ما تقدمه سهام بن سدرين هو إذكاء لمزيد من الفتنة والنفخ على جمر الحقد في القلوب، ما هكذا تكون العدالة الانتقالية يا أستاذة سهام".

أما البعض الآخر فصبّ جام غضبه على التلفزيون الرسمي التونسي نتيجة الانقطاعات المتواصلة فى البث، الأمر الذي اضطر الياس الغربي، مدير عام التلفزيون الرسمي إلى نشر توضيح واعتذار، جاء فيه "على إثر تسجيل بعض من الانقطاعات على مستوى الصوت والصورة أثناء البث المباشر للجلسة الأولى العلنية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. يهم التلفزة التونسية أن تؤكد لمشاهديها الكرام، أن عملية التصوير التلفزي والإنتاج تكفلت بها هيئة الحقيقة والكرامة، واقتصر دور التلفزة التونسية على البث المباشر للشارة التي توفرها شركة إنتاج تلفزيوني خاصة، لكافة القنوات التي أبرمت اتفاقية مع الهيئة".

وأضاف "هذا وتجدد التلفزة التونسية اعتذارها لمشاهديها داخل الوطن وخارجه، عن هذا الخلل والاضطراب على مستوى البث الخارج عن نطاقها، وستعمل التلفزة الوطنية بالتنسيق مع الهيئة على ضمان بث بقية الجلسات بالجودة التقنية المطلوبة".