مصر تعتقل شوكان تعسفياً

21 اغسطس 2015
مطالبات حقوقيّة متواصلة للإفراج عن شوكان (فيسبوك)
+ الخط -
اليوم، هو اليوم السابع من العام الثالث، على اعتقال المصور الصحافي المصري، محمود أبو زيد الشهير بـ "شوكان"، بعدما قضى عامين داخل محبسه في سجن طرة، وهي المدة الزمنية للحبس الاحتياطي في القانون المصري دون إحالته للمحاكمة... إلا أن السلطات المصرية لم تُحاكمه، ولم تفرج عنه حتى الآن دون إبداء أية أسباب.

حالة شوكان أصبح ينطبق عليها مفهوم الاحتجاز غير القانوني؛ هو ما يعرف بالاعتقال. هكذا يشرح المحامي والباحث في مؤسسة "حرية الفكر والتعبير"، شوقي قناوي، الذي يُشير إلى أنّ الإفراج عن شوكان أصبح وجوبيًا بحكم القانون، واستمرار حبسه يدخل تحت تصنيف الاعتقال.
ونصّ قانون الإجراءات الجنائية المصري في مادته رقم 143 - الفقرة الأخيرة على أنه "في جميع الأحوال لا يجوز أن تُجاوِز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي، وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للجريمة، وبحيث لا يتجاوز ستة أشهر في الجنح وثمانية عشر شهرًا في الجنايات وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام"، وهو ما يعطي لسلطات التحقيق الابتدائي (النيابة العامة) الحق في تجديد حبس أي متهم مدة أقصاها 24 شهرًا، ذلك إذا ما كانت التهم المنسوبة إليه تصل عقوبتها للمؤبد أو الإعدام، وفي حالة عدم إحالة القضية قبل مرور العامين تُصبح السلطات المعنية مُجبرة - بقوة القانون - على إخلاء سبيل كافة المتهمين في القضية".

إلا أن النيابة العامة المصرية أصدرت بيانًا، الثلاثاء 11 أغسطس/آب 2015، أحالت فيه المتهمين إلى محكمة الجنايات لضلوعهم في ارتكاب جرائم تدبير تجمهر مسلح، والاشتراك فيه بميدان رابعة العدوية، أي قبل إتمام مدة الحد الأقصى لعقوبة الحبس الاحتياطي بثلاثة أيام فقط.
شوكان، مصور صحافي لوكالة "ديموتكس"، وألقي القبض عليه في مذبحة رابعة العدوية في 14 أغسطس/آب 2013، ويواجه تهم "التظاهر بدون ترخيص، والقتل، والشروع في القتل، وحيازة سلاح ومفرقعات ومولوتوف، وتعطيل العمل بالدستور، وتكدير السلم العام". ويعاني أبو زيد من التهاب الكبد، وحالته تزداد سوءاً بشكل مضطرد بسبب ظروف الاعتقال المريعة، وعدم الحصول على رعاية طبية وإساءة المعاملة التي يتعرّض لها.

من جانبها، طرحت مؤسسة "حرية الفكر والتعبير" عريضة قانونية تقدمت بها للسلطات المصرية، وأطلقت حملة لجمع التوقيعات عليها، ودعت فيها نقابة الصحافيين المصرية ونقابات وروابط الصحافيين حول العالم، والمؤسسات الصحافية والصحافيين داخل وخارج مصر، وكل المهتمين بحرية الصحافة والإعلام حول العالم للتوقيع على تلك العريضة؛ لمطالبة السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن المصوِّر الصحافي محمود أبو زيد عبد الشكور (شوكان) بعدما أتم، يوم الجمعة الموافق 14 أغسطس/آب 2015؛ عامين من الحبس الاحتياطي على ذمة القضية رقم 15899 لسنة 2013 إداري مدينة نصر أول، والمعروفة إعلاميًا بقضية فض اعتصام رابعة العدوية".

وأكدت العريضة أن "بيان النيابة العامة شابهُ الكثير من الغموض، فقد جاء مرتبكًا لدرجة كبيرة، مما يثير الشكوك حول محاولة النيابة العامة لي ذراع القانون وغلّ يد العدالة، فالبيان لم يذكر رقم القضية المحالة للجنايات، واكتفى بذكر تسميتها الإعلامية، وهو ما أثار تساؤلًا حول ما إذا كانت القضية المحالة هي المتهم فيها شوكان أم لا! كما أن البيان جاء خاليًا من أعداد المتهمين المُحالين للمحاكمة والمستبعدين منها، فضلًا عن أن محامي هيئة الدفاع لم يتمكنوا من الحصول على أية معلومة موثَّقة حول قرار الإحالة من النيابة العامة في تعنت غير مبرر من قبلها".

اقرأ أيضاً: قانون مكافحة الإرهاب... إرهابي

وطالبت المؤسسة وكافة الجهات والشخصيات الموقِّعة، النيابة العامة مُمثّلة في القائم بأعمال النائب العام المصري، المستشار علي عمران، بإخلاء سبيل "شوكان" فورًا ودون تأخير، وذلك استنادًا إلى انتهاء مدة حبسه احتياطيًا، ولمجريات التحقيق التي لم يثبُت منها على أي وجه ضلوع "شوكان" في ارتكاب أي من الجرائم المنسوبة إليه، بل على العكس أثبت سير التحقيقات أنه كان يمارس دوره الصحافي في تغطية أحداث الفض؛ حيث قدَّم موكلوه ما يُثبت تواجده بمسرح الأحداث، بهدف القيام بمهام واجبه الصحافي لصالح وكالة ديموتكس العالمية للمصورين المستقلين. وإلا أصبح استمرار حبس شوكان انتهاكًا صارخًا للقانون ومجريات العدالة في مصر.

في السياق ذاته، طالبت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، بتطبيق نص المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية والإفراج عن شوكان والمحتجز دون وجه حق منذ يومين، بعد سقوط الحبس الاحتياطي في حقه لتجاوز المدة القانونية المنصوص عليها في المادة المذكورة والمحددة بعامين كحد أقصى. وأكدت أن كل يوم قضاه شوكان في محبسه بعد يوم 13 أغسطس/آب 2015 هو بمثابة احتجاز تعسفي خارج إطار القانون، ولا بد من تدخل النائب العام لإيقاف هذه الجريمة التي لن يمنع الصمت استمرارها، ولن تتوقف إلا بإطلاق سراح الصحافي.

منظمة "مراسلون بلا حدود"، هي الأخرى أصدرت بيانًا، طالبت فيه بالإفراج الفوري عن شوكان، وإسقاط كافة التهم ضده خلال الجلسة المقبلة للمحكمة في 17 أغسطس/آب، والتي سيُكمل بعدها بثلاثة أيام عامه الثاني تحت الاعتقال المؤقت.

وقالت لوسي موريلون، مديرة البرامج في منظمة مراسلون بلا حدود: "تدهورت الحالة الصحية السيئة أصلاً لهذا المصور الصحافي الشاب، نتيجة ظروف اعتقاله على مدى السنتين الماضيتين". وأضافت: "لقد أمضى واحدة من أطول فترات الاعتقال المؤقت في تاريخ مصر، مع مرور أكثر من 700 يوم له في السجن دون توجيه أية اتهامات رسمية بحقه. يجب أن ينتهي هذا الوضع الذي لا يُطاق فوراً. يجب أن يصبح حراً دون أي تأخير".

ويتعرض صحافيون آخرون لاتهامات بدعم "مجموعة إرهابية" ونشر أخبار كاذبة ـ وهي اتهامات زائفة يستخدمها نظام المشير عبد الفتاح السيسي لإسكات الصحافيين وقمع النقاش العام المفتوح الذي يمكن أن يشتمل على طيف واسع من الآراء. ولفتت المنظمة إلى أنه مع اعتقال 15 صحافياً على الأقل حالياً لقيامهم بعملهم، تعتبر مصر رابع أكبر سجن لأفراد وسائل الإعلام (بعد الصين وإرتيريا وإيران). وتحتل المرتبة 158 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود لعام 2015.

ويذكر أن النصف الأول من العام الجاري، وحتى 23 يونيو/حزيران الماضي، شهد 85 حالة منع من التغطية الميدانية لصحافيين، و34 حالة تعدٍ بالضرب أو تعمد إحداث إصابة، و18 حالة قبض، و20 حالة استيقاف تعسفي واحتجاز غير قانوني، توزعت جغرافيًا على معظم مناطق الجمهورية. كان نصيب الانتهاكات من قبل الأفراد المنتمين لجهات أمنية مختلفة 91 من إجمالي الانتهاكات التي بلغت 172 انتهاكًا.


اقرأ أيضاً: مصر: "الصحافي الأمنجي"... الإفراز الطبيعي للمرحلة
المساهمون