أوان الورد

03 يونيو 2015
+ الخط -
تخيفني ذكرى سمير قصير، تحديداً هذا العام. للمرة الأولى منذ عشر سنوات، يبدو التهويل والتهديد الموجّه ضد الصحافيين في لبنان بهذا القرب، بهذه المباشرة... بهذه الوقاحة. للمرة الأولى أرى في سمير، في وجهه الجميل الملقى على المقعد الجانبي مضرّجاً بالدماء، وجوه أخرى، قريبة أو بعيدة، لكنها وجوه أعرفها. لن يعود، بالضرورة، قتل الصحافيين إلى لبنان. لكن التهديد البشع، حاضر هنا وبقوة. يحيطنا من كل الجهات. ينتشر في هواء بيروت، تحت سمائها وفوق أرضها. حفلات جنون لا تنتهي، مجانين منتشون بفائض قوتهم. يشهرون سلاحهم على الشاشات، ينظرون في عيوننا، "معنا أم ضدنا" لا خيارات أخرى.
لا مكان في هذه البلاد لحفنة صغيرة من الصحافيين العلمانيين، الذين يطمحون إلى عالم عربي ديمقراطي، وحرّ. لا يريدون الاصطفاف، لا في طوائفهم ولا في مناطقهم... "شيعة سفارة"، "خونة"، "ملحدون" تجوز كل التسميات. تضيق البلاد بهم، تماماً كما ضاقت بسمير قبل عشر سنوات. لم يحتملوا كلامه العقلاني.
ما سبق ليس تهويلاً، هو الواقع الذي لا يريد البعض رؤيته، لكنه الواقع الذي يروي تفاصيله زملاء وأصدقاء لم يعودوا قادرين على العودة إلى قراهم ومدنهم بسبب التهديدات التي يتلقونها. ما سبق ليس تهويلا، هو الواقع البشع الذي نعيش فيه. البشاعة تسكن بيروت اليوم، البشاعة تسكن العالم العربي، ماذا كان سمير قصير ليكتب اليوم؟ هل كان سيكتب أصلاً؟ هل كان سيبقي على تفاؤله وسط كل الإحباطات؟ لا نعرف ما كان سيكتبه الآن، لكن نعرف ما كتبه قبل استشهاده، نعرف ما نردده كل يوم: "إن ربيع العرب حين يزهر في دمشق، إنما يعلن أوان الورد في بيروت".
دلالات
المساهمون