"داعش" أونلاين: عن التجنيد وأكثر

27 نوفمبر 2014
استغلّ "داعش" الساحة الإفتراضيّة بذكاء (Getty)
+ الخط -
قد تكون قوّة "داعش" العسكريّة عالية. لكنّ قوتها الإعلاميّة أقوى بكثير. على الأقل، هذا ما أثبته سلوك التنظيم الإرهابي على شبكة الإنترنت منذ انطلاقه.
يعرف "داعش" مدى تأثير وسائل التواصل الإجتماعي. يعرف أيضاً، أنّ الإنترنت وصل إلى عدد أكبر من الناس في وقت أقصر بكثير من ذلك الذي استغرقه الإعلام التقليدي. لذا، عمد التنظيم منذ انطلاقته إلى إبراز دعاية كبيرة على الشبكة، ولم يعمد إلى تسريب فيديوهاته إلى قناةٍ إعلاميّة ولا للتصريح إلى صحيفة أو غيرها.

كان الحضور الأبرز لـ "داعش" على موقع "تويتر". ورغم عدم وجود أي حساب رسمي ناطق باسم التنظيم، إلا أنّ لمناصري التنظيم حسابات كثيرة. وتنشر هذه الحسابات آيات قرآنية،
ومواعظ عن الإسلام والدين والحياة الدنيا والآخرة، كما تنشر أيضاً صوراً لرؤوس مقطّعة ومن "ساحة المعركة"، ما أعطاها مصداقيّة لدى المتابعين.
ويستغل مناصرو "داعش" الوسوم الأكثر تداولاً للانتشار، فنجدهم دائماً ينشرون تغريدات هي بالأساس روابط لفيديوهات وأخبار للتنظيم لا ترتبط بالوسوم. وجاء حضور المقاتلين على موقع التدوينات القصيرة بسبب ما يُتيحه من خصوصيّة للمستخدمين وحريّة تعبير. فـ "تويتر" لا يحذف مواد كـ "فيسبوك"، كما أنّه منصّة مفتوحة للجميع، وليس مغلقة.
على سبيل المثال، نشرت التوأمان البريطانيتان من أصول صومالية، سلمى وزهرا، تغريداتٍ أعلنتا فيها انضمامهما لـ "داعش" وبدء التدريب. وكذلك فعلت المهاجرة من إنكلترا، "أم ليث"، دعت النساء الغربيّات ليحذون حذوها. أما أم حارثة، فكانت تكتب دائماً باللغة الإنكليزية وتحرص على نشر صور تُظهر "انتصار داعش". كما نشرت صور فصل رؤوس في عيد الفطر.

وفي تقرير لها، قالت صحيفة "دايلي مايل" البريطانيّة إنّ أحمد أبو سمرة، وهو أحد المدرجين على لائحة الإرهاب الخاصة بمكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي منذ العام 2009، هو المسؤول عن مواقع التواصل الخاصّة بـ "الدولة الإسلاميّة".
وأوضحت الصحيفة، في التقرير الذي نُشر في سبتمبر/أيلول الماضي، أنّ أبو سمرة يبلغ من
العمر 32 عاماً، وبرع باستخدام التكنولوجيا الحديثة، وكان يعمل مع القاعدة في العراق، لكنّ قدرته الواسعة على البروباغاندا والتجنيد على وسائل التواصل دفعت "داعش" لتجنيده للتواصل مع مواطنين أميركيين وبريطانيين وكنديين عبر هذه المواقع.

وبعد ذبح الصحافي جايمس فولي، انطلقت حملة تُطالب بمقاطعة أخبار "داعش" من قبل آلاف المستخدمين. ولهذه الحملة، رضخت إدارة "تويتر"، وبدأت بمحاربة التنظيم. فألغت عدداً من الحسابات التي كانت معروفة بارتباطها بالتنظيم، لكنّ مناصريه استدركوا الأمر وبدّلوا صورهم وأسماء الاستخدام الخاصّة بهم، ما صعّب الأمر للوصول إليهم. وفي روسيا، أعلن موقع "في كونتاكتي"، الشبيه بـ "فيسبوك" وصاحب أعلى مستوى استخدام في البلاد، بحظر الحسابات المرتبطة بالتنظيم.
لكنّ كُلّ هذا لم يردع "داعش"،فقد هدّد مناصرو التنظيم بهجمات إرهابيّة لقتل موظفين عاملي في موقع "تويتر". لا بل إنّ إصرارها على التواجد في كُلّ مكان دفعها للسيطرة على موقع "دياسبورا". وأعلن القيّمون على الشبكة التي تُخزّن فيها بيانات على أجهزة الخوادم، أنّهم غير قادرون على السيطرة على المواد المتطرّفة ومنعها من الإنتشار على الشبكة.

ولم تكُن إدارات المواقع هي الوحيدة ضدّ "داعش" في هذه الحرب على مواقع التواصل. فقد أظهر تقرير لـ"ماشابل" أنّ "تحالف الأضداد" يُحارب "داعش" عبر قرصنة حساباته على مواقع التواصل. وفي حرب القرصنة هذه، شارك قرصان أميركي، بالإضافة إلى الجيش السوري الإلكتروني، وقراصنة إيرانيون مرتبطون بالحكومة الإيرانيّة، و"أنونيموس". 

وبعد شنّ التحالف الدولي ضدّ "داعش" هجمات على التنظيم في سورية، أصبح مناصرو التنظيم أكثر حذراً في المحتوى الذي ينشرونه على مواقع التواصل. فقد منع التنظيم مقاتليه من
التصوير بهواتفهم ونشر الصور على مواقع التواصل خلال المعارك لأنّه يُعرّهم للتعقّب، فقام التنظيم بفرض حظر حقيقي وتعتيم إلكتروني على مقاتليه.

لكنّ خطر التجنيد لم يزل عن مواقع التواصل بهذه الحملة. وإن كنّا لا نستطيع تأكيد أي شيء يصدر من "داعش" أو عن مناطقه لأنّه المصدر الوحيد للأخبار، إلا أنّ حديث رئيس الوزراء البريطاني، دايفيد كاميرون، عن أنّ "عدداً متزايداً من الشبان المسلمين تجذبهم الدعاية المتطرّفة على مواقع التواصل"، يؤكّد حصول عمليّات التجنيد. وقال كاميرون: "لا يمكن أن نسمح بتحويل الإنترنت إلى مكان خارج عن السيطرة".


الإرهاب الهوليوودي: ما بعد فيديوهات "داعش"

هل ساعد سنودن مقاتلي "الدولة"؟

"داعش" والميديا: الإرهاب صوتاً وصورة وكلمات
المساهمون