الثقوب السوداء هي الأجرام أو الأجسام الوحيدة في الكون التي يمكنها جذب الضوء عن طريق قوّة جاذبية خالصة. يؤمن العلماء أنها تُكون عندما ينهار نجم ضخم على نفسه، ويصبح شديد الكثافة لدرجة تشوّه نسيج الزمكان.
وأي مادّة تمر عبر أفق الحدث (أو ما يعرف بنقطة اللاعودة) لثقب أسود، تتحرّك بشكل حلزوني تجاه مصير غير معلوم. على الرغم من عقود من الأبحاث، لا يزال الغموض يكتنف تلك الظاهرة الكونية العجيبة. ولا تزال تُذهل عقول العلماء الدارسين لها.
الثقوب السوداء لا تَمتص
يعتقد بعضهم أن الثقوب السوداء مثلها مثل المكانس الكونية التي تمتصّ الفضاء حولها، بينما في الحقيقة، الثقوب السوداء كأي جُرم آخر موجود في الفضاء، إلا أنها تتمتّع بحقل جذبوي شديد القوّة.
تخيّل أنك استبدلت الشمس بثقب أسود يعادل حجمها، ستكون النتيجة؛ استمرار الأرض في الدوران حول الثقب الأسود مثلما تدور حول الشمس حاليًا.
تبدو الثقوب السوداء وكأنها تمتص المادة من جميع الأنحاء، ذلك مفهوم خاطئ شائع. تطرح النجوم المرافقة بعضاً من كتلتها في شكل رياح نجمية، ومن ثم تسقط المادة الموجودة في تلك الرياح في قبضة جارها الجائع "الثقب الأسود".
لم يكتشف آينشتاين الثقوب السوداء
لم يكتشف آينشتاين وجود الثقوب السوداء على الرغم من تنبؤ نظرية النسبية بتكوينها. في حين أن كارل شفارتسشيلد كان أوّل من استخدم المعادلات الثورية لآينشتاين وأوضح أن الثقوب السوداء يمكن تكوّنها بالفعل.
أنجز هذا العمل في العام نفسه الذي أصدر فيه آينشتاين نظرية النسبية العامة في عام 1915. واشتق مصطلح "نصف قطر شفارتزشيلد: قياس كيفية ضغط أي جسم لدرجة صِغر يمكن معها خلق ثقب أسود" من عمل كارل شفارتزشيلد القائم على معادلات آينشتاين.
قبل ذلك بوقت طويل، تنبأ الموسوعي، فيلسوف الطبيعة جون ميشل بوجود "نجوم سوداء" ضخمة للغاية أو مضغوطة للغاية ذات قوّة جذب هائلة لدرجة أن الضوء لا يمكنه الهروب منها؛ لم تُسم الثقوب السوداء بهذا الاسم حتى عام 1967.
كل شيء آخر مثل الإسباغيتي
تحظى الثقوب السوداء بتلك القدرة المدهشة على تمديدك طوليًا داخلها كشرائط الإسباغيتي. وتسمى تلك الظاهرة باسم "حادث الإسباغيتي" أو "التأثيرات المعكرونية". الطريقة التي تعمل بها تتعلق بكيفية سلوك الجاذبية عبر المسافة.
تخيّل أن قدميك الآن أقرب إلى مركز الأرض ومن ثم تُجذبان بقوّة أكبر من تلك التي تجذب رأسك. تحت تأثير جاذبية قصوى، فلنقل، قُرب ثقب أسود، سيبدأ بالفعل ذلك التباين الجذبوي في العمل ضدّك.
بينما تبدأ قدماك بالتمدّد بفعل الجاذبية، ستتمدّدان على نحو متزايد كلّما تقدّمتا نحو مركز الثقب الأسود. وكلما اقتربتا، تحرّكتا أسرع. لكن النصف العلوي من جسمك لن يتحرّك باتجاه المركز بالسرعة نفسها. النتيجة: تأثير الإسباغتي!.
قد تؤدّي الثقوب السوداء إلى أكوان جديدة
أن تؤدّي الثقوب السوداء إلى أكوان جديدة، يبدو أمرًا جنونيًا - لا سيما أننا لسنا متأكّدين من وجود أكوان أخرى – لكن النظرية الكامنة خلف هذا الافتراض مجال بحث نشط في الوقت الحاضر.
تحطّم المفردة الموجودة في مركز الثقوب السوداء قوانين الفيزياء القياسية ويمكنها نظريًا أن تؤدّي إلى كون جديد مُبدّل قليلاً.
الثقوب السوداء مصانع طاقة عملاقة
الثقوب السوداء يمكنها توليد الطاقة بكفاءة أكثر من الشمس؛ الطريقة التي يحدث بها ذلك لها علاقة بقرص المادة الذي يدور حول ثقب أسود. المادة الأقرب لحدود أفق الحدث عند الحافة الداخلية للقرص ستدور أسرع من المادة الموجودة عند الحافة الخارجية للقرص. لأن قوة جذب الجاذبية تكون أقوى بالقرب من أفق احدث.
ولأن المادة تدور وتتحرّك بسرعة شديدة، تسخن لتصل درجة حرارتها إلى مليارات درجة فهرنهايت تُمكنها من تحويل كتلة من المادة إلى طاقة على هيئة ما يدعى إشعاع الجسم الأسود.
من باب المقارنة، يحول الاندماج النووي نحو 7 % من كتلة المادة إلى طاقة. بينما تؤدّي الحالة الموجودة حول الثقب الأسود لتحويل 10% من الكتلة إلى طاقة. وذلك فارق كبير.
ارتأى العلماء أن هذا النوع من الطاقة قد يستخدم لتشغيل مركبات فضائية للسفر بين النجوم في المستقبل.
(النص الأصلي)