"التهمة كتاب".. 10 كتب تخشاها أنظمة الحكم في مصر

القاهرة

حسام المحمود

avata
حسام المحمود
11 نوفمبر 2014
+ الخط -

فجراً فوجئ الموظف في وزارة المالية محمد خشبة بقوات الأمن المصرية تهاجم منزله، تصطحبه إلى قسم الشرطة، ومعها كتابان وبعض بيانات الاشتراكيين الثوريين، وحركة 6 أبريل وصور لشخصيات عامة مثل عبد الناصر والسادات وبن لادن وصدام حسين، صباحاً، وجهت النيابة له، تهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية والدليل "كتاب وأوراق عدة" كما تروي شقيقته، نجوى خشبة، لـ"العربي الجديد".

توضح نجوى أن شقيقها اختلف مع جاره في مارس الماضي حول أمور إدارية في العمارة فأبلغ عنه متهماً إياه بالانتماء إلى جماعة إرهابية والتحرش بزوجته والبلطجة. تعلق شقيقته بأن التهم السابقة غير منطقية، لكن الأغرب تحريز الكتابين وبعض بيانات الاشتراكيين الثوريين وحركة 6 أبريل وصور لشخصيات عامة مثل عبد الناصر والسادات وبن لادن وصدام حسين على اعتبار أنها دليل انتمائه إلى الجماعات الإرهابية.

تصمت نجوى هنيهة وتعود لتتساءل:" لو الكتب مجرمة وحرز لماذا لا تعلن وزارة الداخلية عن أسماء الكتب حتى نعلم بها ونتخلص منها".

مديرية أمن الجيزة تخصص كتباً

عادة ما تكشف المنظمات الحقوقية أو المحامون غرابة الاتهامات الموجهة إلى المقبوض عليهم، ومنها اقتناء كتب بعينها، لكن وزارة الداخلية المصرية هي من أصدرت عبر مديرية أمن الجيزة، الأحد الماضي، نشرتها الأمنية التي تكشف فيها عن القبض على طالب وفي حوزته رواية 1984 للكاتب الإنجليزي، جورج أورويل موضحة أن الرواية تتحدث عن فساد وقمع الأنظمة العسكرية الحاكمة لشعوبها، والديكتاتورية التي تحكم بها الدول الخاضعة لها باعتبار الأمر قرينة ضد الطالب المذكور.

الأمر ذاته كررته مديرية أمن الجيزة في 18 أكتوير الماضي إذ نشرت الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية، صوراً لطالبين قالت، إن قوات الأمن قبضت عليهم من الشارع وفي حوزتهم منشورات وكتب دينية يظهر من بينها مقررات دراسية على طلاب جامعة الأزهر، مثل كتاب السيرة النبوية، ومجلات إسلامية حكومية كالوعي الإسلامي.

"كمان" ثقافة

تكشف دعاء مصطفى، المحامية في المفوضية العربية لحقوق الإنسان لـ"العربي الجديد" عن قضية تعاملت معها، في سبتمير الماضي، ضمن أحرازها وكانت كتباً وأواراقاً عن الثورة وبعض الشخصيات العامة.

تضيف دعاء، أنها عندما توجهت إلى وكيل النيابة لتخبره أن الكتب الموجودة في منزل المقبوض عليه، محمد سيد على طه، تهدف فقط للتثقيف العام"، رد عليها وكيل النيابة بسخرية "كمان ثقافة". تتابع دعاء إن قضية الطالب، إبراهيم جمال، المتهم في القضية رقم 1364 لسنة 2014 جنح دار السلام، هي الأخرى كانت من بين الأحراز فيها كتاب الرسائل لمؤلفه، حسن البنا، مؤسسة جماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة الى كتاب عن تراجع طلاب الإخوان وصعود القوى الطلابية، وكتاب الحركة الطلابية من إصدارات مؤسسة حرية الفكر والتعبير".

مخالفة دستورية

تخالف الاتهامات السابقة والأحراز المضبوطة المادة 65 من الدستور المصري والتي تنص على أن حرية الرأى والتعبير مكفولة لكل مواطن كما توضح دعاء مصطفى لـ"العربي الجديد": النيابة تعتبر أن الكتب تحرض على النظام، وهو ما يعد مخالفة دستورية للمادة 65".

تاريخ من ضبط الكتب

الدكتور عبد المنعم الجميعي، أستاذ التاريخ الحديث في جامعة الفيوم، ونائب رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية يوضح أن التاريخ المصري الحديث مليئ بقضايا بسبب كتب سواء تأليفاً أم اقتناء، وهو ما حدث مع الزعيم المصري، محمد فريد، الذي كتب مقدمة كتاب "وطنيتي" للشاعر، علي الغاياتي، وحكم عليه بالسجن ستة أشهر".

ويتابع: "عادة ما تنتهي مثل تلك القضايا في المحكمة التي لا تعتد بالكتاب كوثيقة إدانة لأنه يبقى وجهة نظر المؤلف، ولا يعبر عن وجهة نظر القارئ".

شخصيات عامة

يتذكر الحقوقي، جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عندما قبض عليه عام 1994 في قضية مقتل عبد الحارث مدني محامي الجماعة الإسلامية الذي توفي في المعتقل جراء التعذيب وقتها "كان من ضمن الأحراز في القضية كتاب صادر عن الأهالي بعنوان "نقد الحركة النساوية" كما يقول لـ"العربي الجديد". يتابع عيد: "عندما عرض الأمر علي في النيابة ضحكت، وقلت، إن الكتاب متاح ولم يكن كتاباً سريّاً وصدرعن دار معروفة معتمدة".

ويوضح عيد أنه خلال السبعينيات والثمانينيات وقت تتبع الدولة لليسار والهجوم عليه كان الاحتفاظ، برواية الأم ماكسيم جوركي وكتب لينين وماركس وأشعار أحمد فؤاد نجم، دليلَ إدانة يتم تحريزه. 

ويتابع : "في بعض المرات كانت هناك روايات غير متعلقة بتيار سياسي تعد دليلَ إدانة مثل "وليمة لأعشاب البحر" للأديب السوري، حيد حيدر، التي أثارت حالة من الجدل المجتمعي، وقتها تم اعتقال طالب يقتنيها بالرغم من أن الكتاب صدر عن هيئة قصور الثقافة المصرية". ويري عيد أن عودة تلك الاتهامات توضح أن أساليب عمل شرطة النظام السابق مازالت من دون تغيير حتى أنها تتسب في فضائح كوميديا له.

الكاتب اليساري، صلاح عيسي، وكيل المجلس الأعلى للصحافة في مصر، احتجز أيضاً في قضية تم تحريز مقالاته التي نشرها في الصحف ضمن أدلة الاتهام.

يقول عيسي لـ"العربي الجديد": "في إحدى المرات التي أوقفت فيها كان من ضمن الأحراز مقالات شخصية قدمت للنيابة على اعتبار أنها دليل إدانة على معارضة الدولة، لكن المحكمة لم تأخذ بها". يتابع عيسى، إن المحكمة في الستينيات كانت تعتبر كتب سيد قطب باعتباره قائداً لتنظيم الإخوان المسلمين، وبالأخص كتاب معالم على الطريق، دليل إدانة على الانتماء إلى التنظيم.

أجرت "العربي الجديد" اتصالاً بالكاتب، محمد سلماوي، رئيس اتحاد كتاب مصر باعتباره من أهم الشخصيات التي تدافع عن حق التعبير والرأي والكتابة، في بداية الاتصال رحب وبمجرد ذكر موضوع التحقيق أجاب بأنه مشغول، ولن يستطيع الرد في الوقت الحالي.

الممنوع مرغوب

بفعل بيان الداخلية عن رواية 1984 راجت الرواية على شبكة الانترنت لتحميلها مجاناً، كما أن بعض المكتبات قامت بوضعها في أماكن بارزه بعد تزايد الطلبات عليها كما يقول محمد سعيد، مدير إحدى المكتبات في وسط القاهرة، الذي أكد أن نسخة الرواية (طبعة التنوير بيروت) راجت خلال اليومين الماضيين بنسبة زيادة في المبيعات تصل الى 80%". ويضيف : "نتوقع أن يكون الطلب عليها كبيراً خلال الفترة القادمة"

أما شريف جوزيف -مدير دار التنوير في القاهرة- فقال لـ"العربي الجديد": "لم يصل إلينا أي إخطار من الجهات الرسمية بوقف توزيع الرواية خصوصاً أنها تطبع في بيروت وتصل مصر وتمر عبر جهات رسمية عديدة". ويتابع " الطلب على الرواية زاد بشكل كبير يصل الى 50% من الموزع حاليّاً".

دلالات