أوحت معاناة والد الفنان الإيراني مهدي حسيني، من غياب أدويته الضرورية له بأفكار رسمها وجمعها في معرض أقامه خلال الفترة من 23 أغسطس/آب إلى 21 سبتمبر/أيلول الماضي في العاصمة الإيرانية طهران بعنوان "الحرب الصامتة"، يوثق فيه جانباً من آلام المرضى الإيرانيين وعائلاتهم جراء العقوبات الأميركية، التي عرضت حياتهم للخطر، خاصة بعد أن انتهى الأمر ببعض الحالات الإنسانية الصعبة إلى الموت.
"ما يعيشه الإيرانيون هو أجواء حرب من دون أن تطلق عليهم رصاصة، فثمة مرضى يفقدون أرواحهم بسبب نقص الدواء وغلاء الأسعار"، كما قال حسيني لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إيرنا)، وهو ما رصده مُعدّ التحقيق أثناء قيامه بجولة على صيدليات رئيسية في طهران، إذ وثق اصطفاف المرضى أمامها ومعاناتهم بحثاً عن الدواء باهظ الثمن نتيجة العقوبات الأميركية.
وتأثر جميع المرضى الإيرانيين بالعقوبات الأميركية، لكونها رفعت تكاليف علاجهم بسبب تزايد ملحوظ في الأسعار في القطاع الصحي. لكن المرضى الذين يعانون من أمراض صعبة العلاج، هم الأكثر تأثراً، وعلى رأسهم مرضى السرطان، البالغ عددهم مليون شخص، ومرضى "الثلاسيميا والهيموفيليا (أمراض الدم) والفشل الكلوي، والتصلب المتعدد (التهاب الدماغ)، وانحلال البشرة الفقاعي (مجموعة من الاضطرابات الوراثية EB) (الذين يصل عددهم إلى 200 ألف شخص)، فضلاً عن مرضى عديد السكاريد المخاطي MPS (أمراض وراثية ناجمة عن خلل في الجزء المسؤول عن حرق المواد غير المرغوب فيها داخل الخلايا)، ومرضى زراعة الكبد والقلب والبنكرياس والأمعاء والرئة، وبعض أمراض القلب وباركنسون"، وفق ما أكده رئيس قسم الأمراض الخاصة في وزارة الصحة الإيرانية، مهرداد شادنوش خلال سبتمبر/أيلول الماضي لوكالة أنباء فارس، وازدادت تلك الضغوط مع إعلان منظمة الغذاء والدواء الإيرانية في 16 أكتوبر/تشرين الأول أن كوريا الجنوبية أوقفت تصدير الأدوية والمواد الأولية اللازمة لصناعة الأدوية في إيران ضمن إطار العقوبات الأميركية.
نقص حاد
تتفاوت الأرقام حول أصناف الأدوية، التي لا تتوافر في الأسواق، أو التي أصبحت شحيحة ضمن تقدير يراوح بين 20 صنفاً ووصل حتى 80 صنفاً، لكن معد التحقيق رصد وجود نقص بين المتوسط والحاد في 60 صنفاً تقريباً في الأدوية التي توزع عبر شبكة الصيدليات العامة، ومنها "وارفارين ومادوبار وإبرة TriamHexal وميثوتركسيت وميثيل بريدنيزولون وفيمارا 2.5 وكاربامازيبين 200 و400 ملجم، أريسبت 5 و10 (دونيبيزيل) ونورفاسك 5 (Norvasc) وقطرة زالاتان (Xalatan) وهيرودويد كريم (Hirudoid) وزانكس وأقراص اكسفورج وأقراص SOTAHEXAL وشراب LISKANTIN وسيبرالكس، المخصصة لمرضى الأورام، والقلب، وأمراض الدم، والتصلب المتعدد، ومرض باركنسون، لكن النقص في الأدوية المستخدمة في العلاج الكيماوي أكثر حدة.
وهذه الأصناف من الأدوية المستوردة من الخارج، أو أدوية إيرانية محلية الصنع، تُستورَد موادها الأولية من الخارج. لكن الشركات والمصانع الإيرانية تواجه مشاكل وصعوبات كبيرة في استيراد هذه المواد بعد العقوبات الأميركية، ما أدى إلى تأثير كبير في المرضى المصابين بأمراض مزمنة، مثل أنواع السرطانات وأمراض القلب والتصلب المتعدد والثلاسيميا، فهم أكثر من يعانون من الأزمة التي أحدثتها العقوبات الأميركية في القطاع الصحي الإيراني، إذ يعانون من أمرّين: مخاطر تهدد حياتهم وصحتهم بسبب نقص الأدوية، والتكاليف الباهظة للعلاج، رغم الدعم الحكومي، وفق ما رصده معد التحقيق عبر مصادره.
وراوحت الزيادة في ارتفاع أسعار الأدوية بين 100% و300% خلال الفترة من مايو/أيار 2018 حتى أكتوبر 2019، وفق ما رصده معد التحقيق في سوق الدواء بطهران. فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر 100 قرص من دواء جليبنكلاميد المستخدم لخفض سكر الدم من 3 آلاف تومان قبل العقوبات إلى 7 آلاف تومان بعدها.
وعلى الرغم من إنتاج إيران لـ 97% من الأدوية في الداخل في 62 مصنعاً، معظمها يتبع القطاع الخاص، واستيراد 3% من الأدوية المستهلكة، إلا أنها تعاني من نقص حاد في الأدوية الحيوية، بسبب أن قرابة 50% من المواد الأولية اللازمة في صناعة الأدوية المحلية الصنع تستورد من الخارج، وغالبية النسبة المستوردة أدوية أساسية لمعالجة الأمراض المزمنة والسرطانية، علماً أن 8.6% فقط من الأدوية المستوردة لها بدائل داخلية بحسب نائب نقابة موردي الأدوية، أمير حسين معيني زندي، الذي قال في تصريحات صحافية إن هذه البدائل إما أنها ليست ضرورية، أو تواجه نقصاً أيضاً بسبب شحّ المواد الأولية، أو جودتها ليست بذات مستوى الأدوية المستوردة.
وتبلغ القيمة الإجمالية للأدوية والمعدات الطبية المستوردة سنوياً 3 مليارات دولار، وتوفر الحكومة الإيرانية هذا المبلغ للمستوردين بسعر حكومي 42,000 ريال لكل دولار، بينما السعر في السوق الحرة أو السوداء وصل أحياناً إلى 180,000 ريال، قبل أن يتراجع ويستقر عند 115,000 ريال.
اقــرأ أيضاً
ميزانية متدهورة
بسبب العقوبات الأميركية، يتوقع مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني بلوغ عجز الميزانية 100 ألف مليار تومان حتى نهاية العام الإيراني الحالي (ينتهي في 20 مارس/آذار المقبل)، وهو ربع موازنة الدولة، البالغة 447 ألف مليار تومان. ومن المتوقع أن يطاول جزء من هذا العجز قطاع الصحة في إيران. ورغم عدم وجود تقديرات حول ذلك، إلا أن عضو لجنة التخطيط والموازنات في البرلمان الإيراني، محمد حسيني، قال في تصريحات صحافية إنه خلال الأشهر الخمسة الماضية، لم تحصل وزارة الصحة على ألف مليار تومان من موازنتها المخصصة.
وأدى شحّ الإيرادات إلى تراكم ديون الحكومة لمنظمة الضمان الاجتماعي، لتبلغ 250 ألف مليار تومان، ما أدى إلى العجز في مدفوعات المنظمة إلى المستشفيات والمراكز الصحية نحو 29 ألف مليار تومان، الأمر الذي يضع هذه المراكز أمام صعوبات كبيرة في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين، بحسب مدير المنظمة، مصطفى سالاري.
اتهامات إيرانية ونفي أميركي
يصف وزير الصحة الإيراني ما تقوله أميركا بعدم خضوع الأدوية والمستلزمات الطبية للعقوبات بـ"الكذبة الكبرى"، إذ نفت الإدارة الأميركية رسمياً فرضها أي عقوبات على إيران في ما يتصل بالسلع الإنسانية، وفق ما قاله وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، لقناة بي بي سي الناطقة بالفارسية في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عقب ثلاثة أيام من فرض الإدارة المرحلة الثانية من عقوباتها، مؤكداً أن العقوبات "لا تشمل الدواء والمعدات الطبية".
وبعد قرابة عام، جددت واشنطن تأكيدها هذا الموقف، على لسان المبعوث الخاص بإيران برايان هوك، نافياً ما وصفها بالمزاعم الإيرانية حول حظر توريد الغذاء والدواء. إذ ذكر هوك في مقطع مصور، نشره حساب وزارة الخارجية الأميركية عبر "تويتر" في 25 يوليو/تموز الماضي، أن العقوبات "لا تتضمن المواد الغذائية والدوائية والمساعدات الإنسانية".
لكن إيران ترفض التصريحات الأميركية، إذ قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف في مؤتمر "التغطية الصحية الشاملة"، المنعقد على هامش الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، إن العقوبات الأميركية على الدواء والعلاج في إيران أبرز أنواع الإرهاب الاقتصادي، معتبراً أن سياسة الضغط الأقصى الأميركية خلقت مشاكل وقيوداً للشعب الإيراني في شراء المعدات الطبية ومستلزمات المستشفيات.
"ما يعيشه الإيرانيون هو أجواء حرب من دون أن تطلق عليهم رصاصة، فثمة مرضى يفقدون أرواحهم بسبب نقص الدواء وغلاء الأسعار"، كما قال حسيني لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إيرنا)، وهو ما رصده مُعدّ التحقيق أثناء قيامه بجولة على صيدليات رئيسية في طهران، إذ وثق اصطفاف المرضى أمامها ومعاناتهم بحثاً عن الدواء باهظ الثمن نتيجة العقوبات الأميركية.
وتأثر جميع المرضى الإيرانيين بالعقوبات الأميركية، لكونها رفعت تكاليف علاجهم بسبب تزايد ملحوظ في الأسعار في القطاع الصحي. لكن المرضى الذين يعانون من أمراض صعبة العلاج، هم الأكثر تأثراً، وعلى رأسهم مرضى السرطان، البالغ عددهم مليون شخص، ومرضى "الثلاسيميا والهيموفيليا (أمراض الدم) والفشل الكلوي، والتصلب المتعدد (التهاب الدماغ)، وانحلال البشرة الفقاعي (مجموعة من الاضطرابات الوراثية EB) (الذين يصل عددهم إلى 200 ألف شخص)، فضلاً عن مرضى عديد السكاريد المخاطي MPS (أمراض وراثية ناجمة عن خلل في الجزء المسؤول عن حرق المواد غير المرغوب فيها داخل الخلايا)، ومرضى زراعة الكبد والقلب والبنكرياس والأمعاء والرئة، وبعض أمراض القلب وباركنسون"، وفق ما أكده رئيس قسم الأمراض الخاصة في وزارة الصحة الإيرانية، مهرداد شادنوش خلال سبتمبر/أيلول الماضي لوكالة أنباء فارس، وازدادت تلك الضغوط مع إعلان منظمة الغذاء والدواء الإيرانية في 16 أكتوبر/تشرين الأول أن كوريا الجنوبية أوقفت تصدير الأدوية والمواد الأولية اللازمة لصناعة الأدوية في إيران ضمن إطار العقوبات الأميركية.
نقص حاد
تتفاوت الأرقام حول أصناف الأدوية، التي لا تتوافر في الأسواق، أو التي أصبحت شحيحة ضمن تقدير يراوح بين 20 صنفاً ووصل حتى 80 صنفاً، لكن معد التحقيق رصد وجود نقص بين المتوسط والحاد في 60 صنفاً تقريباً في الأدوية التي توزع عبر شبكة الصيدليات العامة، ومنها "وارفارين ومادوبار وإبرة TriamHexal وميثوتركسيت وميثيل بريدنيزولون وفيمارا 2.5 وكاربامازيبين 200 و400 ملجم، أريسبت 5 و10 (دونيبيزيل) ونورفاسك 5 (Norvasc) وقطرة زالاتان (Xalatan) وهيرودويد كريم (Hirudoid) وزانكس وأقراص اكسفورج وأقراص SOTAHEXAL وشراب LISKANTIN وسيبرالكس، المخصصة لمرضى الأورام، والقلب، وأمراض الدم، والتصلب المتعدد، ومرض باركنسون، لكن النقص في الأدوية المستخدمة في العلاج الكيماوي أكثر حدة.
وهذه الأصناف من الأدوية المستوردة من الخارج، أو أدوية إيرانية محلية الصنع، تُستورَد موادها الأولية من الخارج. لكن الشركات والمصانع الإيرانية تواجه مشاكل وصعوبات كبيرة في استيراد هذه المواد بعد العقوبات الأميركية، ما أدى إلى تأثير كبير في المرضى المصابين بأمراض مزمنة، مثل أنواع السرطانات وأمراض القلب والتصلب المتعدد والثلاسيميا، فهم أكثر من يعانون من الأزمة التي أحدثتها العقوبات الأميركية في القطاع الصحي الإيراني، إذ يعانون من أمرّين: مخاطر تهدد حياتهم وصحتهم بسبب نقص الأدوية، والتكاليف الباهظة للعلاج، رغم الدعم الحكومي، وفق ما رصده معد التحقيق عبر مصادره.
وعلى الرغم من إنتاج إيران لـ 97% من الأدوية في الداخل في 62 مصنعاً، معظمها يتبع القطاع الخاص، واستيراد 3% من الأدوية المستهلكة، إلا أنها تعاني من نقص حاد في الأدوية الحيوية، بسبب أن قرابة 50% من المواد الأولية اللازمة في صناعة الأدوية المحلية الصنع تستورد من الخارج، وغالبية النسبة المستوردة أدوية أساسية لمعالجة الأمراض المزمنة والسرطانية، علماً أن 8.6% فقط من الأدوية المستوردة لها بدائل داخلية بحسب نائب نقابة موردي الأدوية، أمير حسين معيني زندي، الذي قال في تصريحات صحافية إن هذه البدائل إما أنها ليست ضرورية، أو تواجه نقصاً أيضاً بسبب شحّ المواد الأولية، أو جودتها ليست بذات مستوى الأدوية المستوردة.
وتبلغ القيمة الإجمالية للأدوية والمعدات الطبية المستوردة سنوياً 3 مليارات دولار، وتوفر الحكومة الإيرانية هذا المبلغ للمستوردين بسعر حكومي 42,000 ريال لكل دولار، بينما السعر في السوق الحرة أو السوداء وصل أحياناً إلى 180,000 ريال، قبل أن يتراجع ويستقر عند 115,000 ريال.
ميزانية متدهورة
بسبب العقوبات الأميركية، يتوقع مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني بلوغ عجز الميزانية 100 ألف مليار تومان حتى نهاية العام الإيراني الحالي (ينتهي في 20 مارس/آذار المقبل)، وهو ربع موازنة الدولة، البالغة 447 ألف مليار تومان. ومن المتوقع أن يطاول جزء من هذا العجز قطاع الصحة في إيران. ورغم عدم وجود تقديرات حول ذلك، إلا أن عضو لجنة التخطيط والموازنات في البرلمان الإيراني، محمد حسيني، قال في تصريحات صحافية إنه خلال الأشهر الخمسة الماضية، لم تحصل وزارة الصحة على ألف مليار تومان من موازنتها المخصصة.
وأدى شحّ الإيرادات إلى تراكم ديون الحكومة لمنظمة الضمان الاجتماعي، لتبلغ 250 ألف مليار تومان، ما أدى إلى العجز في مدفوعات المنظمة إلى المستشفيات والمراكز الصحية نحو 29 ألف مليار تومان، الأمر الذي يضع هذه المراكز أمام صعوبات كبيرة في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين، بحسب مدير المنظمة، مصطفى سالاري.
اتهامات إيرانية ونفي أميركي
يصف وزير الصحة الإيراني ما تقوله أميركا بعدم خضوع الأدوية والمستلزمات الطبية للعقوبات بـ"الكذبة الكبرى"، إذ نفت الإدارة الأميركية رسمياً فرضها أي عقوبات على إيران في ما يتصل بالسلع الإنسانية، وفق ما قاله وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، لقناة بي بي سي الناطقة بالفارسية في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عقب ثلاثة أيام من فرض الإدارة المرحلة الثانية من عقوباتها، مؤكداً أن العقوبات "لا تشمل الدواء والمعدات الطبية".
وبعد قرابة عام، جددت واشنطن تأكيدها هذا الموقف، على لسان المبعوث الخاص بإيران برايان هوك، نافياً ما وصفها بالمزاعم الإيرانية حول حظر توريد الغذاء والدواء. إذ ذكر هوك في مقطع مصور، نشره حساب وزارة الخارجية الأميركية عبر "تويتر" في 25 يوليو/تموز الماضي، أن العقوبات "لا تتضمن المواد الغذائية والدوائية والمساعدات الإنسانية".
لكن إيران ترفض التصريحات الأميركية، إذ قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف في مؤتمر "التغطية الصحية الشاملة"، المنعقد على هامش الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، إن العقوبات الأميركية على الدواء والعلاج في إيران أبرز أنواع الإرهاب الاقتصادي، معتبراً أن سياسة الضغط الأقصى الأميركية خلقت مشاكل وقيوداً للشعب الإيراني في شراء المعدات الطبية ومستلزمات المستشفيات.
محاولات للمواجهة
أدى حظر المعاملات المالية مع المصارف الإيرانية وحرمان إيران نظامَ السويفت الدولي ضمن الجولة الثانية من العقوبات الأميركية إلى امتناع دولي عن إجراء معاملات مالية مع طهران، ومن بين تلك المعاملات تجارة الأدوية، ما دعا إيران إلى إقامة دعوى ضد الولايات المتحدة الأميركية في يوليو/تموز 2018 أمام محكمة العدل الدولية حول تداعيات العقوبات على المواطنين الإيرانيين، معتبرة أنها تنتهك اتفاقية الصداقة والعلاقات الاقتصادية والحقوق القنصلية التي وُقِّعَت في إيران في 15 أغسطس/آب 1955، والتي ظلت قائمة طوال العقود الأربعة الماضية، على الرغم من انقطاع العلاقات الثنائية من دون انسحاب أيٍّ من الطرفين من الاتفاقية، لكن الإدارة الأميركية بعدما أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها استناداً إلى هذه الاتفاقية، أعلنت خروجها في أكتوبر 2018.
وأصدرت محكمة العدل الدولية القرار رقم 175، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2018، دعت فيه الولايات المتحدة الأميركية إلى إزالة العراقيل الناتجة من قرارها المتخذ في 8 مايو/أيار 2018 (الانسحاب من الاتفاق النووي) أمام تصدير الأدوية والمعدات الطبية والمواد الغذائية والمنتجات الزراعية وقطع الغيار والمعدات والخدمات الضرورية لسلامة الطيران المدني إلى جمهورية إيران الإسلامية.
لكن رغم تلك المحاولات، فإن انتشار حالات الفساد المالي أحدث تأثيراً عاماً في الأقسام الصحية الإيرانية كافة، بسبب استغلال الموارد المالية المخصصة لاستيراد الأدوية والمعدات الطبية بالعملة الصعبة بسبب الفارق الكبير في السعر الرسمي وسعر التوريد، وهو ما أكده وزير الصحة، مشيراً إلى وجود شبكات فساد منظمة في قطاع الأدوية والمعدات الطبية تستغل التمويل الحكومي في المجالات غير المخصصة له.