مكافحة الجرائم الإلكترونية
ما جرى مع خليفة يعد جزءا من ظاهرة متنامية، إذ يؤكد العقيد علي حسن الكبيسي، مدير إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية والإلكترونية في وزارة الداخلية أن جرائم الاحتيال الإلكتروني ومحاولات الاختراق تزايدت خلال الفترة السابقة، لافتا إلى أن بعضها كانت بدائية بصورة واضحة، كما قال لـ "العربي الجديد"، مضيفا أن الأمر يرجع إلى عدم وعي المستخدم بأهمية المعلومات الإلكترونية.
وتستقبل إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية والإلكترونية البلاغات المتعلقة بالجريمة الإلكترونية بشتى أنواعها إلى جانب الابتزاز والسب والتشهير الإلكتروني، وكذلك جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم المالية والجرائم المرتبطة بالفساد وجرائم التزييف والتزوير، لتعمل على ضبط الجناة وتقديمهم إلى العدالة، بحسب إفادة العقيد الكبيسي، الذي دعا المواطنين والمقيمين إلى "الحذر من إرسال رسائل بها معلومات وبيانات بنكية وائتمانية وأرقام بطاقات الدفع الآلي والتي يمكن أن يستولي المحتالون على ما بها من رصيد ويستخدمونه للشراء أون لاين".
وجرى الجمع بين الجرائم الاقتصادية والإلكترونية تحت مظلة إدارة واحدة نظرا لأن الجرائم الاقتصادية بدأت تأخذ منحى إلكترونياً بصورة أكبر عما كانت عليه من قبل، سواء عبر الاحتيال التقليدي أو عبر العملات الرقمية، بحسب الكبيسي.
ويستهدف المجرمون السيبرانيون أجهزة الكمبيوتر عبر منطقة الشرق الأوسط لاستخراج العملات الرقمية. وتشير مصادر شركة سيمانتيك "Symantec" (شركة عالمية تأسست في عام 1982 لبيع برامج الكمبيوتر، خصوصا في مجال الأمن وإدارة المعلومات ويقع مقرها في كبيرتينو، كاليفورنيا) إلى إن الارتفاع الشديد في أسعار العملات الرقمية وتقلّبها في الربع الأخير من عام 2017 أدى إلى زيادة ملحوظة في معدلات الإصابة. ويقوم ما يسمّى بالكريبتوجاكرز "cryptojackers" بخرق المواقع الإلكترونية للعلامات التجارية الشهيرة وينشرون نصا خبيثا لإصابة متصفحي الشبكة من الزائرين غير المرتابين. وبمجرد أن يقوم أحد العملاء بزيارة موقع تعرّض للاختراق باستخدام وسائل غير آمنة، يبدأ برنامج النص الخبيث بسحب طاقة الجهاز لاستخراج العملة الرقمية، في ظل توقعات بنمو سوق التجارة الإلكترونية في قطر من 1.2 مليار دولار أميركي في عام 2017 إلى 3.2 مليارات دولار أميركي في عام 2020 بحسب دراسة لشركة بوز ألن هاميلتون (مؤسسة استشارية أميركية في مجال الإدارة وتكنولوجيا المعلومات).
تجاهل الإبلاغ عن النصب
لا يؤمن بعض الضحايا بجدوى التقدم ببلاغات ضد الجناة إلى إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية والإلكترونية، وهو ما يعيده مدير الإدارة إلى أن الاحتيال الإلكتروني ناتج أصلا عن قلة وعي مستخدم التكنولوجيا بأهمية المعلومة التي ينقلها، بالإضافة إلى اعتقاد خاطئ للضحية بأن وزارة الداخلية لن تصل للجناة ولن يتم إرجاع ماله، قائلا: "هذا الأمر خاطئ تماما، لأن الإمكانيات المتاحة لدى الوزارة تمكّنها من تحديد المحتال، فضلاً عن العلاقات الدولية التي تُمكّن قطر من الوصول إلى الجناة خارجها".
ويشدد العقيد الكبيسي على أهمية إيجاد ثقافة مجتمعية حول أمن المعلومات، ناصحا بعدم التعامل مع الرسائل أو الروابط المجهولة، مؤكدا أن وزارة الداخلية القطرية حريصة على توعية مستخدمي التكنولوجيا بمخاطر الاحتيال الإلكتروني، قائلا: "التوعية تشمل شرائح المجتمع كافة، كونها أحد أهم أدوات الوقاية".
هل تنجح حملات التوعية؟
يعرف الإعلامي القطري حسن الساعي، الكثيرين ممن تعرضوا لمحاولات النصب السيبراني، ما دفعه لمشاركة رسائل توعوية للتحذير من الجرائم الإلكترونية عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قائلا: "أتصور أن جريمة السب والقذف هي الأوسع انتشاراً في تويتر، إذ يقع فيها الكثيرون من دون قصد، بالرغم من نص القانون القطري على عقوبات رادعة بشأنها وغيرها من الجرائم الإلكترونية"، وهو ما دفع الساعي لمشاركة عشرات المواد من قانون الجرائم الإلكترونية القطري على صفحته.
ويرى الساعي أن جرائم الاحتيال الإلكتروني ومحاولات الاستيلاء على بيانات عملاء البنوك أو اختراق المؤسسات، تحتاج إلى المزيد من الوعي بأهمية الإجراءات الأمنية تقنياً والوعي الفردي للمستخدم في المقام الأول.
وتشهد التجارة الإلكترونية نموا سريعا في منطقة الخليج حاليا، لكنها شهدت ازدهارا قبل مدة طويلة في أماكن أخرى من العالم، واكتسب خلالها المجرمون السيبرانيون عقودا من الخبرة في تعزيز مهاراتهم باستهداف المستهلكين والشركات المتعاملة عبر شبكة الإنترنت، بحسب ما ذكره جاي تاونسند، مدير مشاريع في بوز ألن هاملتون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بيان صادر عن الشركة، لافتا إلى "تزايد استهداف تجار التجزئة وبنيتهم التحتية في منطقة الخليج، مع المتغيرات المتقدمة للبرامج الضارة لاعتراض بيانات بطاقة الدفع والاتصالات. ويشير هذا الواقع إلى الحاجة لمزيد من اليقظة الأمنية السيبرانية من قبل تجار التجزئة والعملاء على حد سواء".
ويتفق الإعلامي القطري مع الرأي السابق قائلا إن محاولات التعدي على بيانات عملاء البنوك تقابلها خطوات فعالة لحماية البيانات، خاصةً مع تطور أساليب "الهاكرز"، أما في ما يتعلق بالحسابات الشخصية، فعلى كل شخص أن يكون حذراً، وأن يغير كلمات السر دوماً، وألا يتعامل مع روابط أو برامج أو مواقع وهمية يمكن أن تكون مدخلاً لسرقة بياناته.