أثر كأس العالم... تفكيك نظام الكفالة القطري يعزز مكاسب العمالة الوافدة

13 نوفمبر 2022
الحد الأدنى للأجور خلق تغييراً في بيئة العمل (Getty)
+ الخط -

يوثق التحقيق تأثير كأس العالم على أوضاع العمالة الوافدة في قطر، وكيف تعاطى المجتمع المحلي مع الإصلاحات الحكومية، التي تؤدي عملياً إلى تفكيك نظام الكفالة وتغيير بيئة العمل، وكيف يقيمها أصحاب الشأن المقيمون في الدوحة ؟ 

- أمام أحد محال بيع المشروبات الساخنة المنتشرة بكثافة في المنطقة الصناعية المتاخمة للعاصمة القطرية، يقف العامل النيبالي كريشنا مع صديقه وشريكه في السكن جيريش يحتسيان كوبين من مشروب الكرك المحلي، يمسك الأخير كيسًا متوسط الحجم يحوي مواد غذائية زهيدة الكلفة ابتاعها للتو من أحد المتاجر القريبة، ورغم أن الساعة تجاوزت الثامنة مساءً بقليل إلا أنهما لا يزالان يرتديان بزتي العمل الزرقاوين وحذاءين من تلك الأحذية الآمنة التي تميز العاملين بالمواقع الإنشائية، إذ أقلتهما قبل ساعة حافلة الشركة من موقع العمل في الدوحة وحتى مقر السكن في المنطقة الصناعية.

في المساء وعلى امتداد شوارع المنطقة الصناعية وفي تقاطعاتها يقضي آلاف العمال القاطنين هناك ساعات الفراغ القليلة المتاحة لديهم إما في دردشة مسائية أو في شراء ما يصلح لإعداد وجبة عشاء تجمع زملاء العمل ورفقاء السكن ثم الذهاب سريعًا إلى غرفهم للحصول على قسط كافٍ من النوم، إذ يتجهون للعمل مع بزوغ فجر اليوم التالي.

قدم كريشنا، البالغ من العمر 35 عامًا، إلى الدوحة منذ 6 أعوام للعمل في إحدى شركات المقاولات، ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه اضطر لدفع نحو 500 دولار أميركي إلى وكالة توظيف محلية في بلاده حتى يحصل على فرصة العمل هذه، ولم يعبأ كثيرًا بالمبلغ الذي دفعه لكنه شعر بالصدمة لأنه فوجئ بأنه سيتقاضى راتبًا قدره 800 ريال قطري (220 دولارا أميركيا)، في حين أنه اتفق مع الوكالة المحلية على 1200 ريال، ليصبح وقتها مضطرًا للعمل 3 ساعات إضافية يوميًا حتى يصل راتبه إلى 1100 ريال يرسل منهم 750 ريالًا إلى أسرته.

"تحسنت أوضاعي المادية قليلًا في العام الماضي"، يقول كريشنا، ويضيف إنه حصل على زيادة في راتبه الأساسي مطلع 2021 ليصبح 1000 ريال، وبعمله ساعات إضافية صار بإمكانه تحصيل 1300 ريال، ما ساعده على زيادة المبلغ الذي يحوله شهريًا لأسرته.

واللافت أن العامل كان يعتقد أن زيادة راتبه طبيعية بسبب بقائه 5 سنوات في الشركة وعلم فقط من حديثه مع معد التحقيق أن الإدارة القطرية أقرت في أغسطس/آب 2020 حدًا أدنى للأجور يبلغ ألف ريال قطري شهريًا لجميع الموظفين في كل القطاعات داخل الدولة، بما في ذلك مستخدمي المنازل، كما ألزمت صاحب العمل أيضًا بدفع 500 ريال شهرياً بدل سكن و300 ريال شهرياً بدل غذاء إلا في حال توفير صاحب العمل السكن الملائم والغذاء للعامل. وقالت وزارة العمل وقتها إن التغييرات المعلنة ستدخل حيز التنفيذ في غضون 6 أشهر، لتبدأ بالفعل في مارس/ آذار 2021.

وعن مدى ملاءمة السكن، يقول كريشنا إنه وفي بداية عمله ظل عامين يسكن غرفة برفقة 9 أشخاص آخرين في سكن وصفه إجمالًا بأنه "ما في زين"، أي ليس جيدًا، ولم يرد سرد مزيد من التفاصيل، واكتفى بقوله إن الشركة نقلتهم في ما بعد إلى سكن آخر بمبنى داخل أحد المجمعات في المنطقة الصناعية ليصبح مقيمًا في غرفة تحوي أربعة أسرّة وأربع خزانات ملابس ويحوي كل طابق من المبنى مطبخًا ودورتي مياه.

تفكيك نظام الكفالة

"أدى إقرار حد أدنى غير تمييزي للأجور قيمته 1000 ريال قطري وينطبق على جميع العمال في جميع القطاعات، إلى زيادة أجور 280 ألف عامل (13% من القوة العاملة)"، بحسب إفادة خاصة لـ"العربي الجديد" من ماكس تونيون، مدير مكتب منظمة العمل الدولية في قطر، والذي  ثمن أهمية قانون الحد الأدنى للأجور، إذ يحدد أجرًا أساسيًا بالإضافة إلى بدل الطعام والسكن، وبموجب القانون استحدثت لجنة الحد الأدنى للأجور التي تتبع لوزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية وتختص بمراجعة تأثير الحد الأدنى للأجور وتقترح تعديلات على أساس سنوي.

ومنذ إبريل/ نيسان 2018 توجد منظمة العمل الدولية في قطر. ويصف تونيون هذه الفترة بأنها شهدت تقدمًا كبيرًا في مجال التشريعات الجديدة والسياسات المنظمة لبيئة العمل في قطر، بالإضافة إلى تفعيل دور المؤسسات لضمان التطبيق الفعال لهذه القوانين والسياسات الجديدة.

ويضيف تونيون أن من الإنجازات الرئيسية لبرنامج إصلاح قوانين العمل هو تفكيك العناصر الأكثر إشكالية في نظام الكفالة، وتحديداً قدرة العمال على تغيير وظائفهم والانتقال إلى شركة جديدة.

ويعرّف مكتب الاتصال الحكومي القطري حزمة التعديلات المتعلقة بقانون العمل بـ"إصلاحات سوق العمل"، وتشمل بالإضافة إلى فرض الحد الأدنى للأجور، إلغاء تصريح الخروج للمقيمين، والسماح للموظفين بتغيير جهة عملهم بحرية من دون طلب شهادة عدم ممانعة لنقل الكفالة من صاحب العمل القديم، وإنشاء صندوق لدعم العمّال وتأمينهم، وهو ما يضمن لهم الرعاية ويوفر لهم حقوقهم بالإضافة إلى بيئة عمل صحّية وآمنة.

و"منذ إقرار هذه الإصلاحات، بين نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وأغسطس/آب 2022، غيّر 350 ألف عامل أماكن عملهم"، ويصف تونيون النسبة السابقة بـ"الكبيرة" قياسًا إلى حجم القوة العاملة، ويقول إن الأهم من تمكن هؤلاء العمال من الانتقال بسلاسة بين وظيفتين أو أكثر هو تغير شكل العلاقة بين العمال وأصحاب العمل. فبحسب تأكيده، استفادت الشركات أيضًا من توظيف هؤلاء العمال محليًا، والعثور على عمال يتناسبون بشكل أفضل مع احتياجاتهم.

الصورة
عامل وافد
حملة مجتمعية في قطر تطالب بتحسين ظروف العمالة (فيسبوك)

 

أرقام غير دقيقة

يعرج تونيون للحديث عن وقائع يسعى خلالها بعض أصحاب العمل الذين وصفهم بـ"عديمي الضمير" للانتقام من العمال الذين يرغبون في تغيير وظائفهم، لكنه في الوقت نفسه يؤكد أن المنظمة تعمل بشكل وثيق مع الحكومة من أجل معالجة هذه الحالات والتأكد من أن جميع العمال يمكنهم الاستفادة من القوانين المتعلقة بتنقل العمالة.

"بالطبع ما زلنا نواجه تحديات كبيرة ونتعاون مع الحكومة على حل كل القضايا العالقة"، ويشدد تونيون على أهمية التعاون الجاري بين المنظمة والحكومة القطرية لضمان تنفيذ أكثر فعالية لإصلاحات قوانين العمل، مؤكدًا أن المنظمة قدمت الدعم القانوني وإدارة القضايا لآلاف العمال الوافدين.

ويرى تونيون أن قرار الحكومة القطرية الصادر في مايو/أيار 2021 بشأن الاحتياطات اللازمة لحماية العمال من الإجهاد الحراري ومنع العمل في مواقع العمل المكشوفة خلال فترة الصيف من 1 يونيو/ حزيران إلى 15 سبتمبرأ أيلول، من الساعة العاشرة صباحا وحتى الساعة الثالثة والنصف مساءً، كان نتاجًا للأبحاث المعمقة التي أجرتها المنظمة بالتعاون مع الإدارة القطرية واللجنة العليا للمشاريع والإرث المنظمة لكأس العالم 2022.

عدد العمال في مواقع اللجنة العليا للإرث بلغ 35000 في ذروته

وكان الإجهاد الحراري هو المتهم الرئيس في ما تداولته وسائط إعلامية غربيّة حول سبب وفاة عمال في مواقع البناء الخاصة بالملاعب المستضيفة لكأس العالم، لكن مدير مكتب منظمة العمل الدولية في قطر فنّد ما سبق ووصف الأرقام المنشورة بغير الدقيقة، مشيرا إلى أن رقم 6500 يشمل جميع الوفيات على مدى عشر سنوات بين العاملين الوافدين من جنوب آسيا والذين يمثلون أكثر من 50% من إجمالي سكان قطر، مضيفًا أن هناك العديد من الأشخاص الذين ماتوا لأسباب لا علاقة لها بظروف عملهم.

واستنادًا إلى قاعدة ومصادر البيانات، يمكن أن يشمل هذا الرقم حتى الوافدين غير النشطين اقتصاديًا، بما في ذلك الطلاب والزوار، ويضيف تونيون أن اللجنة العليا للمشاريع والإرث تنشر تقريرًا سنويًا عن التقدم المحرز في رعاية العمال مدعومًا بمعلومات عن الوفيات التي حدثت بين قوتهم العاملة داخل المواقع وخارجها، وينقل عن اللجنة إبلاغها بوقوع 3 وفيات في الموقع، و37 خارجه. وأشار تونيون إلى أن عدد العمال في مواقع اللجنة العليا كان 35000 في ذروته، أي أقل من 2% من إجمالي القوى العاملة في الدولة. 

كيف تعاطى المجتمع مع الإصلاحات؟

في أحد المجمعات التجارية بمدينة الوكرة (20 كيلومترا جنوب الدوحة)، يضطر الكيني أبوبكر للبقاء واقفًا طيلة ساعات دوامه اليومي البالغة 10 ساعات، إذ يعمل الشاب البالغ من العمر 28 عامًا موظف أمن لدى شركة خاصة لا توفر له ولزملائه مقاعد يجلسون عليها، إذا تتطلب مهام وظيفتهم البقاء واقفين.

"أعطوهم كرسي"، كان عنوان حملة إلكترونية انطلقت في يناير/كانون الثاني الماضي للضغط على شركات الأمن الخاصة حتى توفر مقاعد لاستراحة موظفيها. وبحسب مشاهدات معد التحقيق، فإن شركات قليلة استجابت لهذا الضغط ووفرت مقاعد لموظفيها، غير أن أكثرها لم تستجب بعد.

ويؤكد أبوبكر في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه في بداية عمله كان يتأذى من الوقوف طيلة هذه الساعات لكنه وبعد مرور ثلاثة أعوام اعتاد الأمر، ومن أجل إراحة قدميه يمشي بضع خطوات كلما سنحت له الفرصة لذلك، غير أن أكثر ما يزعجه هو سوء حالة الغرفة التي يقيم فيها مع خمسة من زملائه.

ويقيم أبو بكر في مجمع سكني خاص بالشركة في المنطقة الصناعية، ويشكو بشكل رئيس من تهالك الأسرّة والأعطال المتكررة لجهاز التكييف، إذ يحتاج إلى صيانة شبه يومية، ويتقاضى أبوبكر 1300 ريال شهريًّا مع التزام الشركة بتوفير السكن ووجبات الطعام، بينما يؤكد أن صرف راتبه لا يتأخر أبدًا عن مطلع الشهر الميلادي، غير أن هذا الراتب بالكاد يكفي متطلبات أسرته التي يعيلها في بلاده، والمكونة من والدته وثلاثة أخوة صغار، كما أنه يرى طموحه أكبر بكثير من البقاء لسنوات أخرى في وظيفته الحالية، ويعتقد أنه لا يزال بإمكانه الحصول على الفرصة التي تناسبه في قطر، ويقول "أبحث منذ نحو عام عن وظيفة أخرى وبمجرد إيجادها سأغير وظيفتي".

وتعلق الدكتورة زهرة بابار، المديرة المشاركة لشؤون البحوث في مركز الدراسات الدولية والإقليمية بجامعة جورجتاون قطر، والمسؤولة عن مشروع "أصوات المهاجرين في قطر"، على ما سبق بأن "الدوحة كانت بحاجة لذلك التغيير في القوانين المنظمة للعمالة الوافدة إلى أرضها فأصبح لديها التزام بالحفاظ على استمرار هذا التغيير الإيجابي حتى تضمن أن الأشخاص الذين ينتقلون إليها للعمل يعاملون بكرامة ويضمن القانون حقوقهم، ويتلقون رواتبهم بشكل منتظم ويعيشون بشكل لائق ويأكلون بشكل لائق. تلك هي الحقوق الطبيعية الإنسانية".

لكن جانبًا آخر طرحته بابار واعتبرت أنه يجب التطرق إليه وهو كيفية جعل المجتمع المحلي أكثر ترحيبا بالأفراد القادمين من دول أخرى وطبقات اقتصادية مختلفة. وتؤكد بابار أن هذا النوع من التغيير يتطلب جهودًا أكثر جوهرية تتجاوز التحسينات القانونية على المستوى المحلي.

"هناك أفكار لدى الأفراد حول أن هذه التغييرات جاءت بعد ضغط دولي"، تصف بابار هذه الفكرة بأنها "رد فعل سلبي تجاه القوانين الجديدة وبالتبعية تجاه العمال الوافدين أيضًا"، محذرة من أنه "إذا لم يشعر المجتمع المحلي بأن هؤلاء العمال هم أشخاص يجب الاعتناء بهم فيمكن أن يحدث كما نرى الآن في بعض المجتمعات الأوروبية التي ينمو لديها اتجاه شعبوي معارض لوجود المهاجرين، لكنهم في الوقت نفسه لا يستطيعون العيش بدونهم".

الصورة
كأس العالم 2022

 

أصوات العمالة في قطر

يعمل مشروع "أصوات المهاجرين في قطر" الذي أطلقه مركز الدراسات الدولية والإقليمية بجامعة جورجتاون قطر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي على سلسلة مدونات صوتية Podcast تضم مشاركين من عدد من الدول الإفريقية والآسيوية وتسعى لمنح العمال المهاجرين في قطر فرصة لرواية قصصهم بكلماتهم الخاصة وبطريقتهم الخاصة.

وباعتماد آلية الإخفاء الكامل لهوية المتحدثين طلب القائمون على المشروع من المهاجرين حكي قصصهم والتركيز على قول ما يشعرون أنه الأكثر أهمية، تقول الدكتورة بابار في مقابلة أجرتها مع "العربي الجديد" إن هذه اللقاءات مع العمال المهاجرين لم تجر بشكل تقليدي، ولم تتعلق بسرد معلومات تتعلق بالراتب أو المبلغ الذي دفعوه لوكالة التوظيف المحلية في بلدانهم، بل أتيحت لهم الفرصة للحديث عن مشاعرهم وانطباعاتهم تجاه تجربتهم في الانتقال لقطر، لذلك ترى بابار أن كل قصة وحالة لها ما يميزها.

"جميع المشاركين عبروا عن ارتياحهم حينما سمعوا أصواتهم بعد نشر المدونات، وبشكل شخصي طلب كثير من معارفي مشاركة قصتهم في ذلك المشروع". تؤكد بابار أن المتحدثين شعروا بمزيد من القوة لمجرد إعطائهم الحرية لقول قصصهم.

وتشدد بابار على أهمية رصد وتوثيق التجارب الشخصية للمهاجرين في الخليج بشكل مستمر فمنذ قرابة 50 عامًا يأتي عمال مهاجرون إلى دول الخليج، ولا توجد معلومات كافية عن تجارب كل هذه الأجيال المتعاقبة، وتضرب مثالًا بأنه في فترة الستينيات والسبعينيات كان معظم العمال المهاجرين في الخليج عربًا (فلسطينيون ويمنيون ومصريون) ورغم أهمية تجاربهم على المستويين البحثي والأكاديمي لم يتسن توثيق قدر كاف من تلك التجارب التي تتخطى 40 عامًا في بعض الحالات.

حملات مجتمعية انطلقت للدفاع عن حقوق العمّال الوافدين

"لا شك في أن العمال الوافدين يرضون برواتب قليلة ويعيشون ظروفًا صعبة في مقابل بناء مستقبل أفضل لأسرهم" تقول بابار إن التوقعات المسبقة لدى المقبلين على الهجرة للعمل هي أحد أهم أسباب تسابقهم وراء فرص الهجرة، بل ودفع أموال في بعض الأحيان إلى وسطاء في بلدانهم، وضربت مثلًا بحديث الناس في قرية ما عن شخص في دائرتهم المقربة أتى لدولة خليجية وتمكن من بناء بيت كريم وتوفير تعليم متميز لأبنائه ما يجعل المحيطين يعتبرونه نموذجًا يمكن استثمار بعض المدخرات من أجل سلوك نفس طريقه.

وبحسب بابار فإن كثيرًا من الراغبين في العمل بأية دولة خليجية لا يزال عليهم دفع بين 500 و1500 دولار من أجل نيل فرصة العمل، رغم إنشاء قطر لمراكز تأشيرات في البلدان التي تستقدم منها العمالة للتأكد من أن العاملين الراغبين في القدوم لقطر يأتون مباشرة من دون دفع أموال لأي جهات أخرى.

وأعلنت قطر ضمن حزمة إصلاحاتها لسوق العمل إنشاء 14 مركز تأشيرات لقطر، في كل من الهند وسريلانكا وإندونيسيا ونيبال وبنغلاديش وباكستان والفيليبين وتونس، مما سيعجّل عملية التوظيف وضمان عدم استغلال العماّل في بلدهم الأم.

وتصف بابار تحصيل أموال من المتقدمين للتوظيف بالاستغلال العابر للحدود والذي صار نشاطًا اقتصاديا موازيًا في هذه البلدان، وبحسب قولها فإن العمال القادمين لدول الخليج باتوا لا يدفعون فقط لشركات استقدام العمالة، بل يدفعون أموالًا كثيرة لأصدقائهم ومعارفهم إذا ما ساعدوهم في الحصول على وظيفة، بدعوى دفعها في استصدار أوراق رسمية، وهذا أمر صعب السيطرة عليه من الحكومات، لكنها عادت وأكدت التركيز سواء في الدول المصدرة للعمالة أو الدول الخليجية على محاولة ضبط عمليات التوظيف ومنح تصنيفات للشركات المستقدمة للعمالة حسب سجلها القانوني.

وتطرقت بابار إلى التحسينات التي أدخلتها قطر على قانون العمل ووصفتها بـ"الإيجابية"، وأنها جعلت قطر تبرز في المنطقة على أنها بذلت قصارى جهدها لمحاولة معالجة الأجزاء الأكثر إشكالية في منظومة العمالة المهاجرة، وأكدت أن أوضاع العمال تحسنت كثيرًا مقارنة بعام 2008 حين بدأت عملها في جامعة جورجتاون قطر، مثمنة مبدأ منح العمال المزيد من الخيارات إذا لم يعودوا يشعرون بالراحة في وظائفهم ليصبح بإمكانهم البحث عن فرصة ثانية أفضل، ما يدفع أصحاب العمل إلى تحسين ظروف العمل ورفع الأجور من أجل استبقاء موظفيهم.