إلغاء حفل "مشروع ليلى" في لبنان: انتصار جديد للترهيب

30 يوليو 2019
السلطات الكنسية الرسمية طالبت بمنع الحفل (أنجيلا ويس/فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت لجنة "مهرجانات بيبلوس (جبيل) الدولية"، اليوم الثلاثاء، عن إلغاء حفلة الفرقة الموسيقية اللبنانية "مشروع ليلى"، لـ"منع إراقة الدماء"، خاضعة لقبضة السلطات الدينية وترهيب المتشددين، في خطوة مشؤومة ألقت بظلها على كل المدافعين عما تبقى من حريات في البلاد. وأصدرت اللجنة بياناً قالت فيه: "في خطوة غير مسبوقة ونتيجة التطورات المتتالية، أجبرت اللجنة على إيقاف حفلة مشروع ليلى، مساء الجمعة 9 أغسطس/آب 2019، منعاً لإراقة الدماء وحفاظاً على الأمن والاستقرار، خلافاً لممارسات البعض نأسف لما حصل، ونعتذر من الجمهور".

وقد حاولت اللجنة ببيانها إنهاء مسلسل التهديد والترهيب وفك محاكم التفتيش الذي نصبها المتشددون في البلاد لأعضاء "مشروع ليلى" وكلّ من يتجرأ للدفاع عنهم. والحفاظ على الأمن والاستقرار ومنع إراقة الدماء أصبحت حجة مطاطة وسهلة تتستر تحتها الحملات العنيفة ضدّ الحريات، ويفلت بموجبها المحرضون على القتل والمنع، تاركين الباب مشرعاً لحملات مقبلة مماثلة تشدّ الخناق على رقاب اللبنانيين وأفواههم، وأخيراً آذانهم.

وإلغاء حفل "مشروع ليلى" كان متوقعاً في هذه البلاد الخاضعة للشعبوية في السياسة والدين والفن، وتقتات على التحريض ورفع السلاح في وجه الآخر، داخل البلاد وخارجها، باسم "المقدسات" و"المعتقدات"، ولو حاول ناشطون وحقوقيون رفع الصوت وسط العاصمة بيروت، أمس الإثنين، تحت شعار "ضد محاكم التفتيش"، دفاعاً عن الفرقة الموسيقية ورفضاً لسطوة السلطات الدينية.

(أنور عمرو/فرانس برس)

يذكر أن السلطات الكنسية الرسمية في لبنان طالبت بمنع الحفل، لأنّ أغاني الفرقة "تمسّ بالقيم الدينية والإنسانية وتتعرّض للمقدسات المسيحية"، و"تشكل إساءة وخطراً على المجتمع". وسبقت الموقف الرسمي حملة عنيفة على مواقع التواصل الاجتماعي استهدفت أعضاء الفرقة، ووصلت إلى حد التهديد بالقتل في حال إحياء حفلها في جبيل. 

وللمفارقة، فإن الحملة لم تقتصر على شخصيات دينية مسيحية متشددة، بل وصلت إلى فنانين وإعلاميين في البلاد، إما سكتوا عن سياسة القمع وإما حرضوا على الأعضاء الشباب، متسترين بحجج مثل "الاحترام" و"المسّ بالمعتقدات"، لا لشيء إلا لأنهم ينتمون إلى منظومة إعلامية فنية سياسية تحارب كل خارج عنها، إلا قلة رفعت الصوت خوفاً من سيف الرقابة الذي سيطاول الكلّ.

ويوم الأربعاء الماضي، حققت المديرية العامة لأمن الدولة مع أعضاء من فرقة "مشروع ليلى" الموسيقية، ثم أخلت القاضية غادة عون سبيلهم. ومساء اليوم نفسه، اجتمع الأعضاء في دار مطرانية جبيل المارونية مع المطران ميشال عون، وإمام جبيل الشيخ غسان اللقيس، ورئيسة "لجنة مهرجانات بيبلوس الدولية" لطيفة اللقيس والأعضاء، ومنسقي الأحزاب المسيحية في القضاء.

وصدر عن المجتمعين بيان قالوا فيه إن "أعضاء الفرقة أقروا خلال اللقاء بأنهم أساؤوا من خلال بعض الأغاني إلى الشعائر الدينية ومسّوا بالمقدسات المسيحية والإسلامية، وهم على استعداد للاعتذار لما صدر عنهم خلال مؤتمر صحافي سيعقدونه ولإلغاء الأغاني المسيئة من حفلاتهم كافة"، تبعه حذف أغنيتي "أصنام" و"الجن" عن الموقع الرسمي لـ"مشروع ليلى" على منصة "يوتيوب".

المساهمون