الحراك الجزائري... الميادين خشبات مسارح أيضاً

19 مارس 2019
يتمسك سكان العاصمة الجزائرية خاصة بالغناء الشعبي (Getty)
+ الخط -
لم يلغِ الحراك الشعبي في الجزائر المشاهد الفنية في الشارع. فرق وفنانون ورسامون يحتلون مساحات في الميادين، ويحاولون رسم الفرحة في قلب المشهد الثوري المستمر في الجزائر منذ اندلاع الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط.
يتمسك العمّ علي بالحياة، كما يمسك بأصابعه آلة العود، في حالة من "الإبقاء على الفرح والتشبث بلغة الحياة، رغم الغضب الشعبي في الجزائر". رجل قليل الكلام ولا يحبّ الأضواء، غير أنه اهتدى إلى طريقة للتعبير عن تضامنه مع الشباب في حراكهم اليومي، ورفضهم للظلم، ووجد مكانه قربهم في زاوية على الرصيف المحاذي لساحة "موريس أودان"، في قلب العاصمة الجزائرية. الساحة التي باتت تُسمى اليوم بـ"ساحة الحراك"، ليتخذ منها عنوانه الأبدي و"خشبة المسرح التي يؤدي فيها أغانيه الشعبية الجزائرية"، كما يقول في حديث إلى "العربي الجديد". وقبالة الجامعة المركزية في قلب العاصمة الجزائرية، تتخذ فرقة فنية تؤدي الغناء الشعبي مكاناً لها. والغناء الشعبي طابع تتميز به العاصمة الجزائرية. يقول محمد، أحد أعضاء الفرقة، في حديث إلى "العربي الجديد"، إنه اعتاد مع رفيقه المغني إدريس على الغناء في الشارع وتأدية أغاني شعبية عادة ما يرافقها رقص من المارة الذين يتحلّقون حول الفرقة. ويتمسك سكان العاصمة الجزائرية خاصة بالغناء الشعبي وخلق فواصل للسعادة والفرح والرقص أيضاً. كثيرون يستمعون إلى الأغاني وكلماتها التي تحمل الحكمة والوصايا، وطالما تغنى بها جيل سبق هؤلاء الشباب خلال التظاهرات الشعبية والاحتجاجات.
في حديث إلى "العربي الجديد"، يقول رحماني الدايم الذي يقطن حي باب الوادي: "نحن تعلمنا فنون العيش والتواضع والبساطة وعدم الخداع والأمانة، وهي خصال تشبث بها الجزائري في الأحياء الشعبية البسيطة، على يد كل من الفنان بوجمعة العنقيس وعمر الزاهي والعنقى وغيرهم من فناني "الشعبي الجزائري"، غير أن هذا الجيل محظوظ لأنه جمع الأصالة والمعاصرة. جمع بين الاستماع لأغاني الماضي والتشبث بالعيش الكريم في الحاضر".
تمكّن الشارع من جمع الجزائريين من مختلف أطيافهم، إذ ما زال رغم الاحتجاجات يحتفظ باحتفائه بالمغنين والرسامين والتجار المتجولين، في مشاهد لم يسبق أن عرفها الجزائريون؛ إذ يظل شارع الشهيد ديدوش مراد بالقرب من الجامعة المركزية، والبريد المركزي، وغيرهما، فضاءات متاحة للفنانين كي يعبروا عن فرحتهم والتضامن مع حراك الشعب، وهو نفس التضامن الذي تحمله كلمات الأغاني التي يرددها هؤلاء الفنانون، والرسومات التي يرسمها بعضهم لإحياء قصص الشباب الذي حاول الهجرة غير الشرعية، وقصة الأحبة الذين فرقتهم الظروف، صارت اليوم تبثّ الأمل في قلوب الملايين.
من مزايا الحراك الشعبي خلال أربعة أسابيع كاملة، أنه وحّد الجزائريين وصنع حالة من الفرح في عيونهم من أجل العيش بسلام، وهو الشعار الذي رفعه الكثيرون وهم يستمتعون بعزف العود وترداد أغانٍ شعبية.
المساهمون