بيروت: ازدهار التسوّق أونلاين... وتراجع السوق التقليدية

04 فبراير 2015
(Getty)
+ الخط -

انتشرت بقوّة في السنوات الأخيرة خدمات التسوّق أونلاين، online shop، عبر الإنترنت. وقد باتت من أهمّ الوسائل التي تدفع إلى تقليص أدوار الأسواق التجارية التقليدية، خصوصاً في لبنان؛ تلك التي تعرّضت إلى ضربات قاسية من "المولات" أيضاً. فباتت نادرة تلك النزهات التي كان الرجال والنساء يقومون بها للتبضّع وشراء حاجاتهم من الثياب والأغراض الشخصية، في شوارع مثل الحمرا وفردان. وربّما هذا ما يفسّر انتشار المطاعم بدل محلات الثياب في هذين الشارعين، الأشهر كأسواق قبل عقد تقريباً.

هذا رغم أنّ التسوّق أونلاين ما زال يمرّ في مرحلة بدائية تقريباً، ببعض الدول العربية، إلا أنّه بات ظاهرة تساهم في تغيير ثقافة "التبضّع" من حولنا. فغالبية الاشخاص الذين لا يُحبّذون التسوّق ويملّون من فكرة تمضية ساعات في التنقل بين محل وآخر والحيرة في الاختيار وعناء القياس، باتوا يتوجّهون إلى "الأونلاين". 

كما أنّ هناك من لا يملك الوقت لتمضية ساعات في التبضع بالأسواق، فيفضّلون التبضّع من مكاتبهم وأثناء دوامات العمل. مؤخّراً انتقلت هذه الخدمة إلى صفحات التواصل الاجتماعي لتخفّف عناء الذهاب إلى المواقع الإلكترونية حتّى، وليس فقط إلى الأسواق. لكنّ النتيجة واحدة: دور "السوق" التقليدي آخذ في الانحسار، أو على الأقلّ يمرّ في مرحلة انتقالية. 

من هذه الصفحات في بيروت نذكر "مخصوم makhsoom"، الذي يبيع الملابس والأدوات المنزلية والأحذية وكلّ ما يخطر على بال المشترين، إضافة إلى أنّه يؤمّن عروضات خيالية مثل رحلات وحجوزات في فنادق ومطاعم وشاليهات بأقلّ كلفة ممكنة، تصل أحياناً إلى أقلّ بـ70 في المئة من سعرها الأصلي. مثلاً غرفة في فندق تكلّف 200 دولار قد يبيعها "مخصوم" بأقلّ من 50 دولاراً. وذلك لأنّه يبيع أعداداً كبيرة من الغرف يومياً، ولأنّه يوفّر على الفنادق، مثلاً، إحراج تنزيل الأسعار للزبائن. فعلى الإنترنت يكون الخصم في "مخصوم" فقط. وعدد المعجبين بصفحة "مخصوم" على الفيسبوك يزيد عن 165 ألفاً. 

ومن الصفحات أيضاً "ماركة في آي بي markavip". لكنّ هذه الصفحة مخصّصة لبيع الملابس والاكسسوارات والساعات والنظارات والأحذية، وهي من ماركات عالمية مثل fendi، وchanel، وarmani وماركات أخرى شهيرة في عالم الموضة والأزياء.

هذه الصفحة أسعارها مرتفعة، لكنّها أقل من أسعار السلع نفسها في المحلات التجارية، وقد تصل التنزيلات إلى 70 في المئة. وعدد المعجبين بالصفحة يزيد عن مليون و400 ألف شخص على الفيسبوك. 

الدفع بالطبع يمكن أن يكون عبر بطاقة الائتمان أو نقداً عند الاستلام. ويبعث الزبون عنوانه في رسالة، لتصله السلع بعد أيّام قليلة. رغم أنّها عملية آمنة، إلا أنّ كثيرين لا يُجازفون بالشراء أونلاين ويُفضلون التسوّق في الشوارع والمولات. فأوّلاً تكون فرصة تبديل المنتج شبه معدومة "أونلاين". تحديداً إذا تبيّن أنّ الزبون اشترى بنطالاً مثلاً ولم يكن القياس مطابقاً لقياسه. وهناك بعض المنتجات التي تكون باهظة الثمن، وقد يصل ثمنها إلى مئات أو ربّما آلاف الدولارات.

تقول حنان سهيلي، وهي طالبة جامعية مقيمة في بيروت، إنّها تفضّل الشراء من الأسواق مباشرة: "تجربتي مع الأونلاين فاشلة، لأنّني اشتريت مجموعة من الملابس ومعظمها لم تُعجبني. فمثلاً ابتعتُ فستاناً لمقاسي، لكنّني تفاجأت بأنّ مقاسه صغير. وهناك أغراض أخرى تبيّن أنّها لا تشبه شكلها أونلاين"، وتُضيف: "لا يُمكنني تبديل البضاعة ولم أعد أثق بالتسوّق أونلاين".

أمّا كريم نجم، وهو صاحب مهنة حرّة، فيقول إنّه لا يملك الوقت الكافي للذهاب إلى السّوق كلّما احتاج شيئاً، خصوصاً في زحمة السير الخانقة ببيروت. لذا فهو يتسوّق من مكتبه، عبر الإنترنت: "أثق بالصفحة التي أتسوّق منها، وهي عملية سهلة جدّاً"، ويُضيف: "هذه الفكرة توفّر عليّ الوقت والمال، لأنّ معظم السلع تكون أرخص على الإنترنت. أضف أنّني لا أهوى التسوّق وأملّ بسرعة".

من جهتها تقول مالكة مجموعة "B.trendy"، الشابة هبة خيّاط، في حديث لـ"العربي الجديد": "أبيع ملابس واكسسوارات وأحذية خاصّة بالمرأة منذ أكثر من سنتين عبر الإنترنت، وتجربتي ناجحة".

وتُضيف هبة، وهي افتتحت هذا العمل من منزلها: "صحيح أنّ الاونلاين فيه تكلفة شحن، لكنّني متحرّرة من كلفة استئجار محلّ ومن كلفة الديكور ورواتب الموظّفين وفواتير الكهرباء والمياه، ومن تكديس البضاعة التي أحياناً تُباع وأحياناً كثيرة لا تُباع، وتعود بالخسائر على التاجر". وتكشف أنّها تشتري الأغراض "على الطلب" أحياناً. 

وتتابع خيّاط: "الربح أكيد عبر الإنترنت بكلفة تقارب الصفر أحياناً، والأسعار معقولة ليصبح البيع أكبر، ولدينا زبائن دائمون وأحياناً يطلبون المنتج أكثر من مرّة، وطبعاً ذلك بحسب أذواقهم". وتكشف أنّ "بعض الناس لا يتجرّأون على الشراء أونلاين رغم إعجابهم بالبضاعة أو بالقطع المعروضة"، وتعيد السبب إلى أنّ هؤلاء يخافون على بطاقاتهم الإئتمانية من التعرّض للنهب على أيدي قراصنة أو سارقين باتوا محترفين أونلاين. 

اللافت أنّ هبة خيّاط لا تكلّف المتسوّق حتّى اتصالاً، فيمكنه مراسلتها عبر الواتساب، وهي تبعث الطلبية إلى المنزل من دون أيّ كلفة إضافية. ولأنّ الصفحة تتعرّض لهجمات، ولأنّ المجموعة المفتوحة يدخل فيها من هبّ ودبّ، حوّلت الأصدقاء المهتمّين إلى مجموعة سريّة "secret gruop"، تضمّ أكثر من 3200 مشترك، هم زبائنها الدائمون. هي ربّة المنزل التي تعمل من المنزل وتدير عملاً مربحاً ازدهر في العام الأخير أكثر من العامين السابقين. 

المساهمون