كرنفال ريو دي جانيرو فسحة للمضطربين نفسياً

22 فبراير 2020
تضمّ المسيرة الفرِحة مئات الأشخاص (ماورو بيمنتل/فرانس برس)
+ الخط -

قرب مستشفى للاضطرابات النفسية في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، من الصعب التمييز بين المرضى والمحتفلين الآخرين، في خضمّ جنون الكرنفال الشهير في العالم بأسره.

منذ 20 عاماً، يفتح "معهد نيسيه دا سيلفيرا"، وهو مستشفى مرجعي في البرازيل، أبوابه لمسيرة "لوكورا سوبوربان" (جنون الضواحي)، في حيّ اينغينيو دي دينترو الشعبي، شمال ريو دي جانيرو.

وتضم المسيرة الفرِحة مئات الأشخاص من مرضى وأفراد من عائلاتهم والطواقم الطبية ومارّة. ويرتدي المشاركون الأزياء البراقة متعددة الألوان، ويرقصون السامبا على عكازات بهلوانيين عالية، في هذه المسيرة الموسيقية الراقصة على غرار مسيرات "بلوكو" التي يقام العشرات منها في أنحاء أخرى في ريو.

لكنها هناك تتمتع بروح الاستيعاب وتثمين التنوع. وتسأل أندرينا كارفاليو لوبيس، وهي مدرسة في السادسة والأربعين تنكرت بلباس شيطان مع قرنين وشوكة ومشلح أحمر، في تصريح لوكالة فرانس برس: "من المجنون ومن ليس مجنوناً في مجتمعنا؟ هذه هي ماهية الكرنفال، الجميع يُعبّر عن جانب الجنون لديه".

ويؤكد زوجها برونو كوتينيو (42 عاماً): "مَن يعتبرون أنفسهم أصحاء يظنون أن المرضى لا أحلام لهم، وأنهم يعيشون في عالم موازٍ، إلا أنهم يتمتعون بحسّ الابتكار أيضاً". ترقص أدريانا وبرونو على موسيقى يعزفها نحو أربعين عازف إيقاع، غالبيتهم من نزلاء المستشفى.

تدقّ رينانتا إلفيس (23 عاماً) على الطبلة الكبيرة، وكانت قد تعرضت في سن السادسة لانتهاكات جنسية وعانت بعدها من مشكلات إدمان مخدرات، قبل محاولتها الانتحار. وتروي قائلة: "المسيرة هذه أنقذتني. هنا أصبح لي أصدقاء وعائلة". تتردد منذ عام 2016 إلى مركز للرعاية النفسية-الاجتماعية يستقبل المرضى الذين يعيشون خارج المستشفى ولا ينتقلون إليه إلا لمقابلة الأطباء أو لممارسة نشاطات.

العلاج بالفن لمعالجة اضطرابات نفسية يستند إلى دراسات الطبيبة النفسانية نيسيه دا سيلفيرا التي يحمل المستشفى اسمها. وقد عملت في هذا المستشفى المسمى سابقاً بيدرو الثاني في الأربعينيات، رافضة ممارسات تلك الفترة مثل الجراحة الفصية والشحنات الكهربائية. وبدلاً من ذلك، كانت تعلّم مرضاها الفنون التشكيلية. وتقول عالمة النفس أريادنه منديس (69 عاماً) التي ساهمت في تأسيس "لوكورا سوبوربانا"، إن "الفن يسمح بتحفيز اللاوعي ويساعد في عملية الشفاء". وتضيف: "في السابق، كان المرضى يُعزَلون عن عائلاتهم والمجتمع، وكانوا يُحتجَزون ويختبئون".

(ماورو بيمنتل/فرانس برس) 
منذ عام 2010 يقترح مركز "لوكورا سوبوربانا" الذي لديه مكاتب داخل المستشفى، تنظيم نشاطات لكل قاطني الحيّ، وليس فقط للمرضى، مع ورشات تدريب مجانية على الموسيقى وعزف الآلات الإيقاعية والمعلوماتية.

ويقول العازف أبيل لويز (37 عاماً) المسؤول عن ورشة تدريب موسيقية: "الموسيقى أداة توحد بين الناس، وتعزز التنوع وتساعد في بناء تضامن جديد". "سي" مؤلف موسيقي في لوكورا سوبوربانا أُدخل المستشفى مرات عدة، ويعالَج راهناً في مركز الرعاية النفسية - الاجتماعية، ولا يريد الدخول بعد الآن إلى مستشفيات متخصصة.

(ماورو بيمنتل/فرانس برس) 

ويقول العامل المتقاعد المتزوج، الأب لثلاثة أطفال: "ننام على الأرض، ونشعر كأننا سجناء أو حيوانات. لا نرى العائلة إلا مرة في الأسبوع". ويضيف: "في مركز الرعاية النفسية-الاجتماعية العلاج أفضل بكثير، لأن الناس يمنحوننا الحنان، ونحن أحرار بالعودة إلى المنزل بعد ذلك. هنا اكتشفت الحرية والثقافة". وقد رفع بفخر علم مسيرة "لوكورا سوبوربانا" خلال الأسبوع الحالي، قبل أيام قليلة من عروض مدارس السامبا الشهيرة في ريو دي جانيرو، وهي ذروة كرنفال المدينة.

(فرانس برس)

دلالات
المساهمون