معتصم النهار... سوء الطالع الدرامي
بدأ الفنان السوري الشاب معتصم النهار مشواره الفني في عمر صغير، وبأعمال مهمة بعد تخرّجه من المعهد العالي للفنون المسرحية بالإضافة إلى كلية الحقوق. وكانت مشاركاته خجولة إجمالاً، ولم تحقق له الصدى المؤثر، فمرّت مرور الكرام. ومن هذه الأعمال: "ملح الحياة" و"جلسات نسائية" و"كليوباترا" و"الدوامة" و"شركاء يتقاسمون الخراب"، وغيرها من المسلسلات التي كانت تحتوي عدداً كبيراً من النجوم، وأخرجها مجموعة مخرجين متميزين، ما راكمَ عنده خبرة عملية تضيف لدراسته الأكاديمية.
حقيقةً، لم يعرف الجمهور السوري معتصم بشكل أكبر إلا في مسلسل "أيام الدراسة" بجزئه الأول، حين لعب شخصية "لؤي"، الشاب الوسيم الذي يعيش علاقة حب وهو في مرحلة الثانوية. وتتخلل المسلسل مواقف كوميدية لمجموعة طلاب في مدرسة مختلطة مع أساتذتهم. وحقق العمل الذي كتبه طلال مارديني نجاحاً واضحاً رغم النص المتهلهِل، لكنّه استقطب شريحة كبيرة من الجمهور، خصوصاً الشباب، وانتشر المسلسل عربياً. ومن هُنا بدأ الناس يشاهدون معتصم بصورة مختلفة، فهو الشاب القادم بقوة، والوسيم الذي يبني مستقبلاً فنياً بدأت تتضح معالمه. ولعب شكله الوسيم دوراً كبيراً في تصديره للجمهور، لأن المسلسل لم يعمل إجمالاً على تطوير أدواته، فلم يقم بدور مركب مختلف، كما أن العمل فشل في جزئه الثاني الذي لم يحقق الصدى المرجوّ كما الأول.
لكن اتضح أن النهار اختار مسيرة أخرى له بعد شخصية "لؤي"، يبني فيها اسماً بدأ يبرز أكثر، وبدأ يعتني بخياراته. فكانت المحطة الثانية في "قلم حمرة" عام 2014، حين لعب شخصية الشاب "الهوموفوبي" (رُهاب المثليّة) الذي ينفُر من مثلية صديقه المقرب، والذي يُبدي إعجابه به، في خطوة جريئة من العمل ككل، ومن معتصم كفنان في بداية تثبيت أركانه في الوسط الفني أكثر، بحكم أن هذه القضية حساسة، وما زالت غير مقبولة في المجتمع العربي كثيراً. استمرّ معتصم في محاولة رسم اسمه بشكل أكبر، فجاءته الفرصة عن طريق مسلسل "خاتون" الذي كتبه صديقه طلال مارديني على جزأين. وحقق الجزآن نجاحاً كبيراً على مستوى الوطن العربي، خصوصاً في دول الخليج. إذْ كانت شخصية "الزيبق" التي لعبها معتصم محور العمل، لما لها من علاقة بـ"خاتون" بطلة العمل نفسها (كندة حنا). كما خرج النهار من نمطية أدواره بشكل يختلف عما قدّمه سابقاً، فكان الرجل القوي الثائر الذي يسعى إلى تكملة مسيرة أخيه الذي يُقتَل بين يديه تاركاً رجاله أمانةً في أعناقه.
ولعل اشتداد عود معتصم فنياً كان واضحاً من خلال المسلسل الذي قدمه كبطل حقيقي في عمل تاريخي. ووقع الاختيار عليه لأداء دور "المهلب" في المسلسل الذي يروي سيرة حياته، وهو من كتابة محمد البطوش وإخراج محمد لطفي. وقدّم المسلسل الفنان الشاب بصورة رائعة وجديدة كلياً، فكان أهلاً لأداء هذا العمل المتماسك من كافة جوانبه، رغم تسييسه لأغراض سياسية ندّية تاريخية ومعاصرة. وبعد هذا العمل شدّ النهار الأنظار نحوه أكثر، لتقرر شركة "الصباح" أن تتبناه ليلعب بطولة مسلسلها الجديد في رمضان 2019 بعنوان "خمسة ونص"، ويكون هو فيه جزءاً من العلاقة الثلاثية التي تجمعه مع نادين نجيم وقصي خولي.
هذه الخطوة، ورغم جماهيريتها الواسعة والانتشار الذي حققته، أعادَ الفنان خطوات للوراء بعد أن بدأ يمسك أسس التمثيل جيداً، إذْ بقي ساكتاً في "خمسة ونص" حتى ما بعد الحلقة العاشرة، وهُمِّش دوره تماماً في بداية الحلقات لتنتقل القصة نحوه كلها فيما بعد، وتصبح الثنائية بينه وبين نادين بدلاً من نادين وقصي. وكان العمل مليئاً بالسطحية، فالقصة غير مقنعة، والتفاصيل كانت مُبهرَجة دون مغزى يخدم العمل، سوى التضليل عن باقي الأحداث الأساسيَّة. وتراجعت أدوات معتصم، فبدا بأداء باهت عكس "المهلب" تماماً، ما يتضح أن اختياراته لم تعد ملكه، ولم يعد يتخذها بشكلها الصحيح الذي بدأ به، لكنه كسب مبالغ مالية أكبر، وارتفع أجره، كما أصبح ابن شركة "الصباح" المدلل. فاختارته مرةً أخرى للعب دور رئيسي في مسلسل "مافيي" الذي كان على مدار جزأين طويلَين مملَّين. لكن العمل لم يضف لمسيرته ما يُذكَر، ولم يحقق نجاحاً كبيراً، رغم أنه قُدِّم خارج رمضان بإدارة المخرجة رشا شربتجي وتوبع بشكل جيد، إنما لا نتيجة مبهِرة.
اليوم وعلى مشارف الموسم الرمضاني القادم يطالع معتصم النهار حظاً سيئاً، فبعد توقيعه لعدة عقود جديدة، إلا أن أعماله بقيت مهب الريح، إذْ يلعب بطولة المسلسل المصري "أسود فاتح" الذي تنتجُه "الصباح" بجانب النجمة هيفا وهبي، وهو ما يُعتبَر خياراً خاطئاً لمعتصم، لأن العمل يُتابَع عادةً من أجل هيفا نفسها، لا من أجل الفنانين المشاركين في المسلسل، بحكم أن الضوء كله يكون موجهاً نحوها. وسيكون موقف معتصم أمام هيفا في هذا العمل ضعيفاً، لأن وهجها سيطفئه أو يخفيه وراءها، وأيضاً يبدو أن العمل إجمالاً صار خارج الموسم. أما المشروع الثاني الذي بدأ معتصم بخوضه فهو مسلسل "من الآخر" للكاتب إياد أبو الشامات والمخرج شارل شلالا، إلا أن العمل الذي يحكي عن ثلاث شخصيات تخوض وضعاً عائلياً معقداً، يبدو أنه أصبح خارج رمضان 2020 أيضاً نتيجة التأخر في تصويره وبقي مصيره غير معروف.
وفي مشروع جديد للنهار، يكتب رامي كوسا مسلسلاً من ثماني حلقات بعنوان "مستر أكس" ليلعب بطولته معتصم، لكن قد تحرق أزمة كورونا المشروع، ولا يتم تصويره في حال تأخّر الوضع البشع الذي يعيشه العالم بسبب فيروس كورونا، ليبقى "مستر أكس" مؤجلاً حتى إشعار آخر.
المساهمون
المزيد في منوعات