"مدرسة بيروت"... هل ستربح ليلى في مشروعها؟

10 مارس 2019
تحتفي الفرقة بمرور عشر سنوات على تأسيسها (فيسبوك)
+ الخط -
عادت فرقة "مشروع ليلى" اللبنانية إلى الواجهة مجدداً من خلال حملتها الإعلامية الجديدة، التي أطلقتها احتفالاً بمرور 10 أعوام على تأسيسها. تضمنت الحملة الإعلان عن إطلاق ألبوم جديد بعنوان "مدرسة بيروت"، والإفراج عن الأغنية الأولى منه، التي حملت اسم "معاليك"، كما روجت لأكبر جولة لها ستخوضها في أوروبا.

هذا النشاط الذي تدفق من الفرقة دفعة واحدة بعد فترة طويلة من الخمول، أوحى للبعض أن "ليلى" لا تزال موجودة، وأنها في ذروة إنتاجها الفني، ولا تزال قادرة على العطاء؛ إلا أن المنتج الذي قدمته لا يشير إلى ذلك. أغنية "معاليك" التي اختارتها الفرقة للتسويق لألبومها الجديد، حصلت على معدل منخفض من عدد المشاهدات والتفاعلات بالمقارنة مع إصدارات الفرقة الرسمية في الأعوام الماضية.

كما أنها، فنياً، لا تبدو بجودة إصدارات الفرقة القديمة، هي ليست متواضعة فعلياً، لكنها تبدو كمزيج مكرر لأغانٍ قديمة للفرقة، مثل أغنية "الجن" و"ونعيد"، وبلغة عربية فصحى ثقيلة، لم نعتد عليها بصوت حامد سنو وأدائه الخاص.



على الرغم من أن تاريخ تأسيس "مشروع ليلى" يعود إلى سنة 2009، ولكن الانطلاقة الفعلية للفرقة كانت سنة 2010، مع الألبوم الأول الذي حمل اسمها، والذي جاء بعد مجموعة من الإرهاصات غير المتبلورة، وضم الألبوم مجموعة الأغاني التي لا تزال صامدة في وجه تقادم الزمن، مثل "فساتين" و"شم الياسمين".

ولكن جمهور الفرقة لم يتعد حدود لبنان إلا بعد انطلاقة ثورات الربيع العربي، ووصلت "مشروع ليلى" إلى قمة عطائها الفني في العام التالي، بعد أن طرحت ألبوم "الحل رومانسي" (2011)، الذي تضمن أغنية "إني منيح"، وكان لها الفضل بوصول الفرقة إلى جمهور بلدان الجوار، ولا سيما أن الأوساط الثقافية في الدول الثائرة قد تبنت الأغنية باعتبارها أغنية تختزل فكر الثورة، وسمعنا أصداء الأغنية في العروض المسرحية والفعاليات الثقافية التي أنتجها الفنانون في تلك البلاد، كما أن كلمات الأغنية انتشرت بالعديد من لوحات الغرافيتي والصور الرقمية التي لا مقابل لها في الواقع، لتكتسب صفة الأيقونة.

هذا التفاعل الفني الكبير مع أغاني "ليلى" في تلك المرحلة، أسس للعصر الذهبي الذي عاشته الفرقة، والذي امتد حتى سنة 2013، حين أصدرت الفرقة ألبوم "رقصوك"، الذي اشتهرت منه أغنية "للوطن".

وفي تلك الفترة، كانت "مشروع ليلى" الأكثر نشاطاً ما بين الفرق الموسيقية البديلة في العالم العربي، وكانت تسرّب بين الحين والآخر أغاني غير رسمية، لم تدرجها بألبوماتها، كما أنها لم تسجلها باستوديو، بل كانت تُسرّب من الحفلات، ويشاركها الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي وتحقق شعبية، مثل أغنية "سوسن" و"كيف بتبيعني للرومان"، اللتين حظيتا بشهرة كبيرة، ولم تدرجهما الفرقة بألبوم "رقصوك".



فعلياً كان جمهور الفرقة يساهم بشكل كبير بدعمها واستمرارها في القمة، حتى بعد أن تراجع نشاطها سنة 2014، ربما لأن "ليلى" تبنت بأغانيها قضايا مثيرة. إلا أن "ليلى" لم تتمكن من المحافظة على أسلوبها بعد ذلك، بسبب رغبة الفرقة باحتلال المركز، وظهورها في بعض البرامج التلفزيونية التي لا تستهدف جمهورها ولا تناسب ذائقتهم، كبرنامج "كوك استوديو".

ومع وصول "ليلى" إلى ألبومها الرابع، "ابن الليل" (2015)، كانت قد بدأت تشق طريقها نحو الهاوية، فالفرقة خطت خطوات كبيرة نحو موسيقى البوب بعد أن اعتاد عليها الجمهور بنمط الآندي روك، وزادت من مساحة الموسيقى الإلكترونية على حساب الموسيقى الحية والعاطفية التي كانت تميزها، وبعد أن أقحمت مواضيع الأسطورة الإغريقية بكلماتها وزادت من ثقلها؛ إلا أن الألبوم بدا كعمل نهائي متقن وغريب.



لكن الفرقة بدأت تنخفض أسهمها بشكل أكبر بعد سنة 2015، بعد أن بدأت تغير هويتها الموسيقية بشكل كبير، فـ"مشروع ليلى" خلال الفترة الأخيرة اكتفت بإعادة توزيع بعض أغانيها، ولم تحقق النسخ الجديدة من أغانيها القديمة أي أثر يُذكر؛ ليبدو واضحاً أن انتشار الفرقة كان مقترناً بمواضيعها وكلمات أغانيها، وليس بالعمل الموسيقي الذي اجتهدت به "ليلى" مؤخراً؛ ولم تفلح موجات التعاطف الكبيرة معها بانتشالها نحو القمة مجدداً، فالفرقة اكتسبت تعاطفاً كبيراً بعد أن منعت من دخول الأردن ومصر، وبسبب تعدي الحكومة المصرية على جمهور.

ويبدو واضحاً أن "ليلى" لن تعود إلى القمة بألبومها الجديد، حيث أن العمل الجديد سيتضمن أغاني قديمة للفرقة مُعاد توزيعها، وهو الأمر الذي سيؤثر سلباً على الترويج للألبوم وعودة الفرقة.
المساهمون