"جراند أوتيل"... حبكة من دون روح

22 يونيو 2016
عمرو يوسف (فيسبوك)
+ الخط -
في رمضان الماضي، اشترى المؤلِّف تامر حبيب، حقّ تحويل مسلسل أجنبي إلى مسلسل مصري، بشكل مختلف وغير معتاد في الدراما المصرية. وكان هذا الشكل جزء من نجاح مسلسل "طريقي"، المقتبس عن عمل أجنبي يتناول قصَّة نجاح مغنّية كولومبيّة، وتمَّ تحويله إلى العربي، حيث مثّل البطولة المطربة شيرين عبد الوهاب. هذا العام يعيد حبيب نفس التجربة، ويشتري حق تحويل المسلسل الإسباني الناجح "جراند أوتيل"، ليحوّله إلى مسلسل مصري بنفس الاسم، ومع نفس المخرج، محمد شاكر خضير. ينقلُ حبيب الحكاية إلى فندق كبير في محافظة أسوان، جنوب مصر، وتبدأ الأحداث مع قدوم "علي" (عمرو يوسف) لمقابلة شقيقته التي انقطعت أخبارها عنه منذ شهور. وحين يصل، يتمُّ إخباره بأنَّها طُردَت بسبب السرقة، وبأنَّه لا أحد يعرِف مكانها، فيقرِّر أن يتنَّكر في هيئة "جرسون" في الفندق يدعى "فؤاد"، من أجل أن يكون قريباً مما يحدث، ويحاول معرفة مكان شقيقته، خصوصاً مع الغموض المتزايد بشأن اختفائها، وعلاقاتها الغامضة في الفندق. على خلفية هذا الخط الرئيس، هناك الكثير من الخطوط الأخرى المتفرِّعة من علاقات وحيوات رؤساء وموظفي ونزلاء الفندق، حيث الكثير من المؤامرات والأجواء المريبة، التي تتقاطع في النهاية (بعد مرور 12 حلقة) مع اختفاء شقيقته، ثم قتلها لاحقاً.
من المُفترَض أنَّ المسلسل هو إثارة حابسة للأنفاس، وهو من ناحية الكتابة، يستفيدُ جداً من اقتباسه عن عمل آخر سبقَ أن نجحَ بالفعل. ولكن مع ذلك، وطوال الوقت، هناك شعورٌ شديد بالبطء والتكرار، وبأنَّ الأحداث لا تتحرَّك، على الرّغم من أن الحبكة نفسها قويّة. هذا العيب مُرتبطٌ بالأساس بروح العمل. المخرج محمد شاكر خضير، أجاد في صنع كل الأمور الشكليَّة، أي الديكور والملابس والموسيقى، هناك شعور بشيء مختلف عن بقية المسلسلات المصرية المعروضة مثلاً، وانقطاع كامل، بشكل إيجابي، عن الصلة السياسية أو الاجتماعية بالعالم خارج الفندق. ولكنه بهذا الانقطاع يفقد شيئاً من الروح، أو الشعور بحقيقة ما يحدث، وربما حتى التفاعل مع شخصياته.
أحد الأسباب الأساسية لذلك، هو أداء الممثلين، فباستثناء عمرو يوسف ومحمد ممدوح ودينا الشربيني وأنوشكا ومحمود البزاوي، فإنَّ بقيَّة الأبطال وممثّلي الشخصيّات الأخرى، تشعرُ أنهم غير مصريين، وأنهم مدبلجون عن لهجة أخرى. أداء أحمد داود، مثلاً، وهو البطل الثاني في المسلسل، كارثي تماماً، لأنك تشعر بأنه "روبوت"، وليس شخصاً حقيقياً. محمد حاتم، يتعامل مع التردد أو القلق كبعد وحيد لشخصيته، فيتحول إلى شخصية كاريكاتيرية. أمينة خليل، لا دور لها أكثر من أن يتحدث البطل معها لخلق خط رومانسي، وغيرهم من الممثلين، خصوصاً الشباب، الذين نشعر أنهم استوردوا من المسلسل الإسباني بلهجة وأداء غريب، يُفقد المسلسل روحه المصرية.
المشكلة الثانية متعلِّقة بالإيقاع، المسلسل الإسباني حلقات موسمه الأول هي 9 حلقات، والموسم الثاني 8 حلقات فقط، وبالتالي، من أجل أن يتمَّ فرد النسخة المصريّة على 30 حلقة، لابُدَّ أن يكون هناك فراغات. تلك الفراغات تكتمل بالمزيد من الحوار والتكرار، وفي عالم مغلق ومحدد جداً مثل الفندق، في كل حلقة يجب أن نرى مشهداً أو أكثر بين "علي ونازلي" في المكان السري، أو بين سكينة وأحد الموظفين في مكتبها، أو محاولة من "إحسان" لاسترضاء "آمال" في غرفتهم، مع المزيد من الحوار، من دون تغير حقيقي في الأحداث، أو معلومة إضافية عن الشخصيات، وبالتالي يفقد المسلسل إيقاعه، وهي النقطة الأساسية التي يجب الحفاظ عليها في مسلسل يحاول أن يكون مثيراً.
من المفيد والجيّد، أن تحاول الدراما المصرية بشكل مستمر أن ترتفع في مستواها، لتصل إلى الجودة التقنية لمسلسلات أخرى في أوروبا وأميركا اللاتينية، ومن الجيّد أن نتعامل أخيراً مع الاقتباس بصورة شرعية وقانونية ومعلنة، باعتباره فناً وليس مجرد تقليد.


المساهمون