اكتشاف يدحض ادعاءات اليمين الكرواتي

25 اغسطس 2018
صورة نموذجيَّة للإنسان القادم من خط Neandertaler التطوري (Getty)
+ الخط -
كانت طفلة تعيشُ في جبال آلتاي في آسيا الوسطى. توفّت، آنذاك، وهي عمر في الـ 13. بعد 90 ألف سنة من وفاتها، صنعت مفاجأة كبيرة. إذْ قام كلّ من سفانتي باوبو وفيفيان سلون من معهد "ماكس بلانك" في برلين، القسم الخاص بالأنثروبولجيا التطوُّريّة، بفحص عينة من عظامها. نشرت نتائج الدراسة في مجلّة "الطبيعة" العلميّة المحكّمة، وأشارت بأنَّ أمّها كانت تنحدر من خط Neandertaler البشري التطوُّري، وهو نوعُ يدلّ على صفات شكليّة معيّنة، ولكن والدها ينتمي إلى خطّ تطوّري بشري آخر وهو Denisovaner.

ولكل خطّ تطوُّري بشريّ علماؤه الذين يختصّون فيه. ويشرح، يوهانز كراوز، من معهد "ماكس بلانك" لتاريخ الإنسانيَّة، وهو مكتشف نسل Denisovaner البشري التطوري، في ديسمبر/ كانون الأوَّل من عام 2009، بأنَّ احتمال مقابلة مادة وراثية مختلطة لطفلة تنحدر من نسلين تطوريين متمايزين هو أمرٌ نادرٌ للغاية، والاحتمال، منطقيّاً، ضعيفٌ جدًا.

اكتشِفَت عظام الطفلة من قبل علماء الأنثروبولوجيا الروس عام 2007 في كهف دينيسوفا في جنوب سيبيريا. ومعروفٌ أنَّ البشر استخدموا الكهوف كمساكن دائمة قبل 125 ألف عام على الأقلّ. يقع الكهف على ارتفاع 27 مترًا فوق نهر Anui. ووجدت العظام بالقرب من المدخل الذي يبلغ ارتفاعه حوالي مترين وعرضه حوالي سبعة أمتار، ويفضي إلى غرفةٍ رئيسيَّة يبلغ طولها حوالي 33 مترًا، وعرضها 11 مترًا، وتوفّر مساحة لعائلة كاملة. منذ سبعينيات القرن الماضي، والعلماء يجدون مرارًا الأدوات الحجريَّة والمجوهرات المصنوعة من قطع عظام الحيوانات. كما وجد العلماء أيضاً عظام وأسنان البشر الذين كانوا يقومون بهذه "الصناعة".
وهذه العناصر تعتبر نموذجيَّة للإنسان القادم من خط Neandertaler التطوري، وهو الذي أفرز الإنسان الذي يعيش في أوروبا والمناطق الشمالية من آسيا قبل 40000 على الأقل. ولكن أوَّل تحليل للمادة الوراثية للعظام في عام 2009 قام به يوهانز كراوز، وأكّد بأنَّ ثمة خطاً تطوّرياً بشرياً غير معروفٍ حتّى الآن، تنحدرُ منه هذه الجثة، وقد سمّى هذا الخط بـ Denisovaner.

وقد تم استخلاص المادة الوراثيّة لخط Denisovaner من خلال 3 أسنان فقط كانت موجودةً في الكهف. ويعتقد بأن إنسان الخطين البشريين التطوريين نياندرتال ودينيسوفان، قد التقيا، وربّما للمرّة الأولى، في كهف دينيسوفا، وكان الكهف مكاناً ممتازاً للعلاقات الجنسية الحميمة، وقد وجد الباحثون في مورثات العظام المكتشفة، 50% نياندرتال و50% دينيسوفان. وبالتالي، يجب أن يكون للخطين أطفالٌ مشتركون. وأكّد كراوز بعد العودة إلى بنك الجينوم العالمي، وهو الذي يحتوي على مواد وراثية نموذجية من كلّ شعوب العالم، بأنَّ الشعب الذي يمتلك مورثات أقرب إلى مورثات الطفلة المكتشفة هو: الشعب الكرواتي! وهذا أمرٌ يعاكس تماماً النزعات القوميّة الكرواتية الصاعدة الآن، والتي تنادي بـ "نقاء العرق" الكرواتي. وقد اختتم كراوز بحثه قائلاً: "لا شيء يجابه العنصريَّة ويسخّف ادعاءات التفوق العرقي، مثل اكتشافات من هذا النوع".
دلالات
المساهمون