باحثون يتوصلون لتفسير حول كبر حجم دماغ الإنسان

23 يونيو 2018
القشرة المخية هي مقر وظائفنا المعرفية (Getty)
+ الخط -
اكتشف فريق من الباحثين البلجيكيين جينات موجودة فقط لدى الإنسان. وتتحكم هذه الجينات في المراحل المركزية لنمو الدماغ. وتفسر بالتالي حجمه الكبير مقارنة مع أبناء عمومة له من قردة الشمبانزي.


"ما الذي يجعل الدماغ البشري مختلفًا عن مخ القردة القريبة جينياً من الإنسان" هو عنوان السؤال/المقال الذي نشره في بداية شهر يونيو/ حزيران الجاري، بيير فاندرهاجين، باحث في علم الأعصاب في جامعة بروكسل المستقلة وجامعة لوفان الكاثوليكية، في المجلة العلمية "سيل" المرموقة. وهو اللغز الذي ظل الباحثون يحاولون فك أسراره منذ فترة طويلة. وقد ساهم فريق البحث التابع للجامعتين البلجيكيتين في التوصل إلى جواب أولي.

فكما يفسر لـ"العربي الجديد"، الباحث فاندرهاجين: "القشرة المخية هي مقر وظائفنا المعرفية. وخلال تطورنا، نما دماغنا من حيث الحجم والتعقيد بشكل كبير وسريع. وهذا التطور البدني هو الذي ضاعف القدرات المعرفية للأنواع البشرية. من خلال زيادة حجمه، يمكن للدماغ تركيز المزيد من الخلايا العصبية. ولكن السؤال الذي ظل مطروحاً هو لماذا نمتلك عدداً من الخلايا العصبية أكثر من الشمبانزي، وهو أقرب أبناء عمومتنا الذين نشارك معهم 99 في المائة من الجينات؟ هذا ما درسناه لمدة خمس سنوات في المختبر". مشيراً إلى أن هذه الزيادة في خلايا المخ حدثت خلال الستة ملايين سنة الماضية. "وهو ما يبدو للكثيرين بأنه زمن طويل، ولكن من حيث التطور، فهي مدة قصيرة جداً"، كما يقول. ومن أجل فهم هذا الفرق في تكوين الدماغ بين البشر والحيوانات الأخرى، تم تنفيذ تقسيم للجينات الخاصة بهما منذ عام 2000.




وبالإضافة إلى حوالي 20 ألف قسم من الجينات التي تم التعرف على مكوناتها، فإن بنية عشرات الجينات التي تطورت مؤخرًا عند الإنسان ما زالت غير معروفة بالكامل، تاركة ثقوبًا غير مستكشفة بعد في خريطة الجينوم. ويقول بيير فاندرهاجين، "قررنا معالجة هذه الثقوب. فمن خلال عينات من دماغ جنين بشري، تم وضع قائمة قصيرة تضم 35 جينة مهمة في تطور القشرة الدماغية البشرية. ومن بين هذه الجينات، ركزنا جهودنا على مجموعة معينة فريدة من نوعها لدى الإنسان:NOTCH2NL".


وتمتلك هذه الجينات التي اكتشفها الباحثون القدرة، كمضخمات كبيرة، على زيادة حجم وعدد الخلايا العصبية البشرية التي يتم إنشاؤها من خلية جذعية في الدماغ. كما أن مكانها في الجينوم البشري مثير للتساؤلات أيضًا. إذ توجد ثلاثة جينات NOTCH2NL خاصة بالإنسان في منطقة مرتبطة بأمراض تؤثر على حجم الدماغ. وبالتالي قد تكون السبب في مرض صغر الرأس أو كبر الرأس على سبيل المثال.

وقد أثبتت دراسة أميركية نشرت بالتوازي في نفس المجلة "سيل" هذه الفرضية. إذ حلل مجموعة من الباحثين الأميركيين بقيادة، ديفيد هوسلر، من جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز ومعهد هوارد هيوز الطبي، الحمض النووي للمرضى الذين يعانون من صغر الرأس أو كبر الرأس، ووجدوا أن المناطق المريضة هي التي تقرب بشكل كبير من جينات NOTCH2NL. "دراستنا ودراسة زملائنا الأميركيين، مجتمعةً، تدل على أن بعض التكرار في الجينات الخاصة بالإنسان يمكن أن ينظم حجم الدماغ ووظائفه. فعندما تكون جينات NOTCH2NL قليلة، يكون الدماغ أصغر. بينما يكون الدماغ أكبر عندما يكثر عدد هذه الجينات"، كما يفسر الباحث بيير فاندرهاجين.

مضيفاً بأن "التوقعات الطبية على المدى الطويل واعدة. فقد يستفيد الأطفال الذين يولدون برأس غير عادي من تشخيص أفضل وعلاج لهذا المرض". العديد من الأمراض التي لها علاقة بالوظائف المعرفية، مثل التوحد أو انفصام الشخصية، ترتبط في الواقع بحجم الرأس. لذا يسترسل الباحث "لا يزال هناك الكثير من الأشياء التي تحتاج للاكتشاف. فالمثير للدهشة، أن المنطقة نفسها من الجينات تحتوي على العديد من الجينات البشرية الأخرى التي لا تُعرف وظيفتها. وسيكون من المثير اكتشاف ما إذا كانت تحدد جوانب أخرى من تطور الدماغ البشري".
دلالات
المساهمون