"مهرجان تركيب"... عروض في شوارع بغداد

01 مايو 2018
من عروض المهرجان (العربي الجديد)
+ الخط -
في أحضان نهر دجلة، وعلى كتف شارع "أبو نواس" في قلب العاصمة العراقية بغداد، افتُتح مهرجان تركيب في نسخته الرابعة على مدى أربعة أيام، في بيت تركيب والمناطق المجاورة له، باستخدام الفضاءات والمواقع غير التقليدية، بهدف الجمع بين كل من الجمهور والفنانين، للتواصل مع مدينة بغداد بطريقة جديدة.

تقول منى علي منسقة، هذه النسخة من المهرجان، إن برنامج الفنون المرئية هو جوهر مهرجان تركيب للفنون المعاصرة، الذي يضم معرضًا جماعيًا لستة عشر فنانًا عراقيًا شابًا، قدموا أعمالًا متعددة الأوجه لعدة اختصاصات ومجالات فنية. وتضيف في حديث لـ"العربي الجديد": "يركز البرنامج على الأعمال الفنية التي تشكل حدودًا بين الفن والحياة اليومية، وتقوم على استكشاف مساحات اجتماعية وثقافية جديدة، وتعد الأعمال الفنية المعروضة ذات تفكير نقدي مميز ووجهات مستقبلية".

تؤكد علي أن النسخة الحالية من المهرجان شهدت استضافة الفنان العالمي الألماني راوول فالش، المختص بفن العروض الحية والتركيب، والمعروف برسومه التجريدية على القماش. استوحى والش أشكالًا هندسية من أرضية "بيت تركيب"، حيث أقيم المهرجان، ورسمها على شراع كبير أحضره معه من برلين، غطى فيه سطح البيت وجزءًا من الفناء الخلفي في اليومين الأولين من إقامته في بغداد، وانتهى منه قبل ساعات قليلة من يوم الافتتاح. وخلال أيام المهرجان تعاون والش مع عدد من الفنانين العراقيين الشباب بعمل مشاريع فيديوهات فنية قصيرة عرضت في اليوم الأخير من المهرجان.

كما تمت استضافة عمل الفنان الأسكتلندي، مصمم الرقصات والكاتب بيلي كووي؛ حيث عرضت مجموعة مختارة من أعماله في الرقص المعاصر، والرقص ثلاثي الأبعاد التي تم عرضها في صندوق أسود كبير في الحديقة المجاورة لبيت تركيب. ويعتبر بيلي كووي الأب الروحي لأفلام الرقص ثلاثي الأبعاد، إذ تمتاز أعماله بالشاعرية والغرائبية والخيال.



أحد أهم الأعمال الملفتة للانتباه في المهرجان كان عمل "جولة كرادية"، وهو عبارة عن أداء راقص من تصميم الفنان باسم الطيب الذي يترأس استوديو نكتة. حيث يتم جمع المشاهدين داخل مكعب شفاف متنقل، ويقوم الطيب ومجموعة من الممثلين من استوديو نكتة بالأداء الذي يستمر لمدة 15 دقيقة، بينما يتم نقلهم بشوارع منطقة الكرادة في قلب العاصمة بغداد.

المشرفة على بيت تركيب، الألمانية هيلا ميويس، تقول: "لا يعتبر فن الغرافيتي فنًا شائعًا في العراق. هناك عدد قليل من الفنانين الذين يشتغلون في هذا المجال، وأحد هؤلاء الفنانين مهند عماد، وهو فنان عراقي من النجف، الذي قام بكتابة "بيت تركيب" بأسلوبه الخاص على الجدران الخارجية للمكان وبشكل مباشر أثناء المهرجان بتفاعل مع الجمهور الذي شارك عماد في الرسم. لم يقم مهند عماد بتغيير الشكل الخارجي للمكان وتجميله فحسب، بل كان عمله بمثابة رسالة للمارة، بأن هناك مساحة فنية خلف هذه الجدران، وتبدأ بالجدار نفسه".

عرض المخرج العراقي منير صالح مجموعة صور التقطها بكاميرا هاتفه الجوال، يقول عنها: "لم أقم بتعديل هذه الصور أو إضافة أي تأثير عليها، بل عرضتها كما هي". ويؤكد لـ"العربي الجديد": "أنا ألتقط الصور بهاتفي عبر عيني"؛ لذلك قدّمها كرؤية حقيقية، من دون إضافات. ويضيف أنه شارك أيضًا بشريطه "فيلم عراقي"؛ حيث كان أحد أول الأفلام المعروضة في فقرة الأفلام العراقية المعاصرة، التي تم عرضها ضمن البرنامج الإضافي في المهرجان، وقد لاقى الفيلم تفاعلًا جماهيريًا عاليًا.

أما أمين مقداد، فقدم صندوقًا مصغرًا عن صندوق الوائلي ولكنه مصنوع من المرايا وليس الخشب. قدم مقداد عملًا تفاعليًا، حيث يستمع الجمهور إلى موسيقا مختلفة عبر أربع سماعات للأذن، مواجهين إحدى المرايا الأربع للصندوق، وعليهم أن يكتبوا مشاعرهم التي كانت واضحة في المرآة.

ويرى أكرم عصام أن للفن رسالة غامضة ومشفرة، موضحًا أنه استعان بأربعة فنانين لكي يثبت هذه النظرية: "اخترت فنانًا أوروبيًا وفنانًا عراقيًا مقيمًا في العراق وفنانًا عراقيا مغتربًا وفنانًا عراقيًا يعيش بين أوروبا والعراق". ويضيف عصام لـ"العربي الجديد": "سألتهم بعض الأسئلة، ونسخت أجوبتهم الشخصية في مقطع فيديو بنسخة ناقصة وغير دقيقة، ولكنني نسخت الأجوبة الحقيقة بالحرف، على الجدار المقابل للفيديو، داعيًا الجمهور إلى قراءتها والمقارنة بينها وبين الفيديو، كذلك طلبت من الجمهور الإجابة عن هذه الأسئلة أو طرح أسئلة أخرى".

توضح المنسقة منى علي، أن البرنامج الإضافي في هذه النسخة من مهرجان تركيب ضمت العديد من العروض الشابة والمتنوعة بين الموسيقى والسينما والرقص، كذلك تنوعت هذه العروض بين الكلاسيكي والحديث، حيث عزف الأخوان شيروان بعزف موسيقى الكمان الكلاسيكي، بينما أدّت فرقة HHU أغاني الراب، كذلك ضم البرنامج عازف العود علاء ضياء، وفرقة بي-بوي الراقصة وعددًا من الأفلام العراقية الشابة.
أما هيلا ميويس، المشرفة على المهرجان؛ فتختم بالقول: "واجهتني خلال المهرجان مشاكل طارئة في الكهرباء والصوت وغيرها ولكن، وكما السنوات السابقة، استطعت التغلب على هذه المشاكل، والسبب يعود إلى الفريق الرائع الذي يساعدني بإدارة المهرجان، الذي ينهمك باستضافة الجمهور ومساعدة الفنانين ونشر نشاطات المهرجان على مواقع التواصل الاجتماعي.
المساهمون