"الأصليين"... نهاية سيئة تطيح بالفيلم كاملاً

29 يونيو 2017
خالد الصاوي (العربي الجديد)
+ الخط -
كل ما في فيلم "الأصليين" كان يدعو للتفاؤل قبل مشاهدته، اسم المخرج مروان حامد الذي قدم ثلاثة أعمال جيدة جداً في مسيرته، وتعاونه الثاني على التوالي مع الكاتب الناجح أحمد مراد بعد فيلم "الفيل الأزرق" الذي حقق نجاحاً استثنائياً عام 2014. وكذلك أسماء أبطال الفيلم الذين يعتبرون من أفضل الممثلين في مصر حالياً، وعلى رأسهم ماجد الكدواني ومنة شلبي وخالد الصاوي. ولكن مع مشاهدة الفيلم، يشعر المشاهد أن أسماء هؤلاء الفنانين انقلبت ضدهم، ففشلوا تماماً في التواصل مع الجمهور.

يحكي الفيلم عن "سمير عليوة"، موظف البنك التقليدي الذي تمتلئ حياته بأعباء والتزامات عائلية، ويعيش في ورطة بعد طرده من وظيفته بهدف التجديد. وبينما يحاول إيجاد وظيفة بنكية أخرى يتفاجأ بهاتف محمول أمام منزله، عليه فيديوهات مراقبة له منذ طفولته. ويتصل به أحد الأشخاص على التليفون ويخبره أنهم مجموعة تسمى "الأصليين"، وأن كل من في مصر مراقبون، وعليه أن يتعاون معهم، ليصبح بطلاً يخلد اسمه. أما المهمة المسنودة إليه فهي المراقبة الكاملة لفتاة جميلة تدعى ثريا جلال.

في أفلام الإثارة والغموض، تكتسب الكثير من التفاصيل قيمتها عند الوصول لمرحلة "الكشف" الختامية، التي بدونها لن يصبح هناك إطار لاستقبال العمل وتفاصيله بداخله. وليس معنى ذلك أن نهاية جيدة تخلق فيلماً جيداً بالضرورة، ولكن نهاية سيئة يمكن أن تضيع مجهود فيلم كامل. و"الأصليين" هو عمل يعاني من بطء إيقاع واضح منذ بداية الأحداث، الكثير من التفاصيل اليومية الرتيبة، والصفات المرتبطة ببطل الفيلم، وصولاً للظهور الغامض لشخصية "رشدي أباظة" ذات الصفات الغريبة، والمهمة غير المحددة لمراقبة ثريا جلال. كل شيء يحدث ببطء وتمهُّل لدرجة أن الوصول لنقطة المراقبة (الحدث الأساسي في الفيلم) يحدث تقريباً بعد مرور نصف زمن الفيلم. ومع ذلك لم تكن تلك أزمة كبرى إلا على المستوى الإيقاعي، لأنه طوال الوقت يكون الشعور المصاحب للمتفرج أن كل شيء سيتم تفسيره في النهاية، ويمكن للتفاصيل العابرة أن تتصدر الصورة وتكتسب معانيَ أكبر، مثلما حدث في "الفيل الأزرق" قبل ثلاثة أعوام.
في النصف الثاني من الفيلم يحدث كل شيء على عجل، تبدأ مشاكل أكبر من بطء الإيقاع، اهتمام "سمير" بشخصية "ثريا" يحدث في مشهدين فقط، من دون وجود أي شيء مميز يشير إلى سبب هذا الاهتمام، مروراً بالاكتشافات الساذجة التي يعرفها عن عائلته من خلال المراقبة ومشهد المواجهة الضعيف جداً درامياً، وأخيراً المونولوغات والخطب الطويلة جداً لشخصية "ثريا" عن الماضي والفراعنة واللوتس الأزرق وقوة المصريين التي أخذها المستعمر.... ومع ذلك يبقى شعوراً مصاحباً بأن النهاية يمكن أن تحسن الوضع وتقدم تفسيراً مقبولاً لما يحدث.

ولكن مروان حامد وأحمد مراد قررا أن يصنعا فيلماً من دون نهاية! لا يوجد أي تفسير أو غلق لكل الأقواس التي فُتِحَت. لا يوجد ربط درامي حقيقي بين "الأصليين" أو سبب اختيارهم لـ"سمير" أو الهدف من المهمة أو شخصية "ثريا"، ينتهي الفيلم فجأة دون أن يحمل إلا البعد الرمزي الساذج عن أن "الجميع مراقبون". والحقيقة أن شيفرات الفيلم ورسائله ليست مهمة بأي شكل في حالِ لم يستطع غلق قوس الحبكة والحكاية جيداً.

صحيح أن الفيلم يحمل صورة تقنية جيدة؛ اهتمام شديد بالتكوين وخلق بعض لحظات الكوميديا الذكية بناءً عليه، مع تألق واضح لمدير التصوير أحمد المرسي. وصحيح أن هشام نزيه يثبت من جديد أنه واحد من أفضل موسيقيي الأفلام في تاريخ السينما المصرية ويمنح بعض المشاهد قوة مطلقة. وكذلك لن يجادل أحد في أن ماجد الكدواني ممثل رائع وأداؤه جيد فعلاً لشخصية "سمير"، وأن خالد الصاوي يتلبس شخصية كاريكاتيرية بصورة ممتازة. ولكن كل هذا تقل قيمته بشدة أمام سيناريو متواضع وممطوط ويرمي بالكثير من الغموض والألغاز من دون تفسير درامي في النهاية وببعد رمزي ساذج، ليكون "الأصليين" هو أضعف أفلام مروان حامد الأربعة.




المساهمون