كم يوماً سيُمضي هذا الرضيع خارج منزله؟

21 سبتمبر 2015
هل سيعود هذا الطفل إلى منزله؟ (تويتر)
+ الخط -


من المؤكد أن المخرج والكاتب الأميركي جون هيوز، لم يخطر في باله أبداً، أن هناك رضيعاً سوريّاً، سيزحف بعد 21 عاماً، محاكياً الرضيعين التوأم آدم وجاكوب ورتون، اللذين أديا بالتناوب بطولة فيلمه Baby's Day Out ،والذي أبهر ملايين المشاهدين وأمتعهم.

ففي صور عدة التقطتها عدسات الكاميرا، ظهر رضيع لم يتجاوز عامه الأول، وهو واحد من آلاف أبطال المأساة السورية، زاحفاً على ركبتيه، في مواجهة جدار بشري من البوليس التركي، المتمترسين بعتادهم الكامل لمكافحة الشغب، عند نقطة العبور الفاصلة ما بين تركيا وأوروبا.

ببيجامته البيضاء المرقطة والنظيفة، وبمريلته الصدرية ومصاصته في فمه، حابياً على ركبتيه، بدا الرضيع لا ينتمي إلى ذلك المكان، وكأن حركة فوتوشوب سرقته من سريره الصغير بعد أن تناول عشاءه وخلد إلى النوم، لتضعه على الإسفلت الخشن، في مواجهة عالم أفلس من براءته منذ زمن ليس ببعيد.





التناقضات الرهيبة التي اجتمعت في صور الرضيع لم تكن وحدها ما التقط في ذلك اليوم، ففي زاوية أخرى وقف طفل سوري آخر يبلغ من العمر 13 عاماً، يحمل كمنجته الصغيرة، وهو يعزف على الطريق السريع قرب أدرنة، في مواجهة الجدار البشري ذاته.

في انتظار العبور(getty)


غير أن وطأة التناقضات تخف شيئاً فشيئاً، تزامناً مع اتساع عدسات الكاميرات، التي تلتقط ليس بعيداً عن المكان، امرأةً تتوسد الطريق هي وأطفالها، وهم يغطون في نوم عميق، رجلاً يرفع ساقَه الاصطناعية بيديه بعد أن بترت الحرب ساقه، شاباً يصرخ باكياً بحرقة قلب، وهو يرتدي قميصه الذي كتب عليه "عابرون لا أكثر".. سيلٌ من صور القهر السوري، اعتادته النفس البشرية وقبلت به، كحدث أقل من عادي.




آدم وجاكوب ورتون، صارا اليوم شابين، لديهما نهايتان سعيدتان، مرة في فيلمهما، إذ عادا إلى المنزل بعد يوم المغامرة التي أمضياها وهما يُضحكاننا، ومرة على أرض الواقع، إذ يمضي كل واحد منهما في سبيله محققاً أحلامه.

يبقى السؤال...كم يوماً سيمضي هذا الرضيع خارج منزله؟...وهل سيعود إليه حقاً؟




اقرأ أيضاً: ثلاثية المأساة السورية: معاناة اللاجئين على خشبة المسرح
المساهمون