الفن الشبابي يلاحق حركة الشارع العربي ويغني للثورة

26 اغسطس 2014
Getty
+ الخط -
أصبحت الثورة هي الرابط الأقوى بين شعوب العالم عموماً وبين الشعب العربي خصوصاً. وكل منا اختار طريقته الخاصة بتسجيل تاريخ هذه الثورات، مازن السيد من لبنان وطارق أبو كويك من فلسطين وهاني سواح من سورية شباب عبروا عن الثورة من خلال أعمالهم الغنائية التي تندرج تحت "موسيقى الراب العربي".
ومنهم من عبّر عن غضب الشارع عبر موسيقى "الروك العربي" مثل فرقة طنجرة ضغط من سورية وفرقة مسار إجباري من مصر وبديعة بوحريزي من تونس، وحتى هناك من عبر عن آرائه من خلال الموسيقى الصوفية، أمثال المنشدة نوال من جزر القمر. ومنهم من رسم فساد الدولة على جدران المدينة، مثل آية طارق من مصر، وفريق أشكمان من لبنان. "العربي الجديد" قابلت معظمهم وحاورتهم عن سبب اختيارهم الفن كوسيلة تعبير. وناقشتهم في رسالتهم السياسية الاجتماعية وكيفية تفاعلهم مع مجتمعهم من جهة، ودولتهم من جهة أخرى.

طنجرة ضغط - سورية

المطبخ السياسي دائماً ما يُطهى على نار هادئة، حتى في قمة الأزمات، أما الشعب فدائماً ما يصفر كطنجرة ضغط. "طنجرة ضغط" فرقة موسيقية تقدم "روك عربي" من سورية بدأت نشاطها في 2010، مؤلفة من خالد عمران، طارق خلقي وداني شكري، يقول الأخير "انتقلنا إلى بيروت في عام 2012، لأنه كان من الصعب متابعة أعمالنا في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها سورية، لكن تواجدنا خارج وطننا لم يمنعنا من غناء وتلحين ما يمر به الشباب السوري على الصعيد الاجتماعي والسياسي" من أهم أعمال فرقة "طنجرة ضغط" أغنية "تحت الضغط"، نذكر من كلماتها "صغير وما بستاهل/ ترموني بالقنابل/ في خبر يبدو عاجل/ عن حالي ماني سائل/ إني إلعب ممنوع/ إني إلعب ممنوع/ إني إلعب ممنوع/ ليه قدري كون مقاتل؟".

طارق أبو كويك/الفرعي - فلسطين

صوت فلسطيني ثائر على كلّ ما حوله من "تنميط سياسي واجتماعي". هو طارق أبو كويك، الملقّب بـ"الفرعي"، مغنّي الراب الذي جمع الإيقاع بالكلمة محاولاً كسر حواجز الصمت من خلال أغنياته المشغولة بفلسطين وبالفساد في العالم العربي.
الفرعي يفسّر لقبه بأنّه "فرع متحدر من جذور فكرة التوسّع والانخراط، وكسر كلّ ما هو نمطي أو يحجز البشر داخل مساحة أو معتقد أو تقليد". ويضيف في حديثه لـ"العربي الجديد": الكلمات الصريحة في الأغنيات، فتحت أمامي مجالاً أوسع لأتواصل مع جمهور أكبر. ربّما كلماتي تزعج السلطات العربية، لكن أنا أؤمن أنّ هذا النوع من الموسيقى سيحسّن المجتمع أو يشجع على التغيير. ومن الكلمات التي عمل عليها مع فرقة المربع: والموج يجيبك ويوديك وأنت ما تتخذ قرار/ وأنا أنتظرك تتحرك وأنت ساكن مثل الحجر/ والغاز تغلّى وتخصخص وأنت ما عندك خبر/ والقدس اتحرّر واتطهّر وأنت بعدك تعبد بالنار/ أنا في وادي وأنت في وادي والسّد اللي بيني وبينك عالي/ واللوم..واللوم ياكل من عقلي.

بديعة بو حريزي - تونس

بديعة تغنّي الحبّ والثورة، مستخدمة اللغة العربية الفصحى، واللهجة التونسية العامية في بعض الأحيان. وهي تركّز في كلماتها على الوضع السياسي الاجتماعي، في تونس خصوصاً وفي العالم عموماً. وتشدّد على أنّ "الحبّ هو المعركة الأولى والأخيرة" وقامت أخيراً بإنتاج ألبوم بعنوان "إنوجاد" ومعناه، كما تشرح لنا، "الانتقال من حضور مجرّد إلى حضور تفاعلي"، وهو خطوة "في التحرّر الاجتماعي".

عمر ومحمد قباني/أشكمان – لبنان

التغيير السياسي الاجتماعي، بقلم، بريشة وبطساسة ألوان، بعيداً عن السلاح. في لبنان استطاعت هذه الظاهرة أن تبرز محمد وعمر قباني، المعروفين بلقب "أشكمان"، كمدافعين عن الحريّة، بـ"جريمة" الجرافيتي: قرّرنا أن نكون عصاميين، فأنتجنا أغنياتنا من بيع أعمالنا الفنية المختصة بالطباعة على الألبسة"، يقول محمد في حديث لـ"العربي الجديد"، ويضيف عمر، في حديث لـ"العربي الجديد" بأنهما لم يكتفيا بالجرافيتي فقط، بل غنّيا الراب والهيب هوب، ونقلا أصوات الشباب عبر الأغاني، والفيديو كليبات التي تشبه واقع الشباب اللبناني. ثم ضمّا إلى أعمالهما فنّ الطباعة على الألبسة، لكن بطريقة مميّزة، عبر اعتماد الخطّ العربي، لكن محمّلاً برسائل انتقادية ساخرة. في دول كثيرة يُصنّف الجرافيتي على أنّه جرم. لكنّ أصداءه تصنّفه على أنّه حرية. فهل الحرية جريمة؟ يمكن القول: إنّ عمر ومحمد، هما من كسرا حاجز الصمت في الشارع اللبناني خلال السنوات العشر الأخيرة. وهما من أعادا إلى حريّة التعبير اعتبارها في الشارع، وحاولا نشر أصوات الأغلبية الصامتة المهدور حقّها سياسيّاً واجتماعياً من أحزاب لبنان.

نوال – جزر القمر

هي المنشدة/المغنية نوال من جزر القمر. تتحدر من عائلة متصوّفة لجهة أبيها. امرأة تحمل جمال الخشوع والإيمان في صوتها الدافئ "أحاول جاهدة أن أنقل صورة الإسلام إلى العالم بشكل جميل، على عكس الصورة المنمّطة التي يقدمها الغرب، وهي مسيئة"، تقول في حديثها لـ"العربي الجديد" تهتم نوال بالتفاعل مع جمهورها، وتتابع تعابير وجوه الناس أثناء عزفها وغنائها على المسرح "في مرّات عديدة أحاول أن أغنّي كلمات سياسية، وخصوصاً تلك التي تحمل قصص فلسطين، والعنف ضدّ المرأة".

مسار إجباري – مصر

هي فرقة موسيقية مصرية تقدم موسيقى Arabic Post Rock، ويقول أيمن مسعود أحد مؤسسي الفرقة "ليس هناك فوارق في طرحنا الموسيقي قبل الثورة وبعدها. فصلنا أنفسنا عن المواقف السياسية. اهتممنا بمشاكلنا الاجتماعية وهي الأهم. مثلاً بدأت الثورة في 25 يناير، وفي 11 فبراير/شباط "الشعب والجيش أصبحا يداً واحدة"، وبعد شهرين كان شعار الشارع "يسقط يسقط حكم العسكر"، وفي 30 يونيو/حزيران أصبح "الشرطة والشعب والجيش".
هذه الشرطة التي كانت في مواجهة الشعب في 25 يناير. لذلك لم ندخل في النقاش السياسي، فهو غير واضح: والي بيقولّك إنّه عارف حاجة.. ده بقى بيشتغلّنا".

أغلب هذا الفن كان يطرح في وسط المدن في ساحات الحرية، في لبنان في ساحة الشهداء، في حديقة سمير قصير..في مصر عند ميدان التحرير وفي رابعة..أما في سورية فكل مدينة خلقت مساحتها الإبداعية وجعلت من الإنترنت أكبر موقع جغرافي سياسي على الخارطة الثورية العربية. لربما، أو على الأقل عززوا مشاركة الفن في الحياة السياسية، لا بل ساهموا في تحريك ودعم الثورات في العالم العربي.
المساهمون