لا تقتصر آثار الفوضى التي اندلعت بالتزامن مع الحرب الليبيَّة على تهديد الآثار التاريخية للشعب الليبي والعبث بها، بل من الملاحظ وجود سوق سوداء نشطة لبيع الآثار المسروقة من ليبيا، وهذا شيء يحصل عند انهيار الدولة في كل الحروب. بعض عمليات التجارة تحصل جهارا، عبر صفحات معروفة على مواقع التواصل الاجتماعي. إذ يقوم تجّار الآثار بعرض ما اكتشفوه خلال الحفر الجائر، خارج سلطة الدولة والقانون، في رؤوس الجبال، وبجوار المواقع الأثرية التاريخية، المتوزّعة في أنحاء ليبيا كافة. وهنالك مؤشّرات تدل على تنامي ظاهرة المتاجرة بالآثار، إذ تنطلق صفحات للإعلان عن بيع آلات حديثة للتنقيب والحفر، مع وجود تفاعل كبير من قبل المهتمين بهذه المهنة. إذ تبقى الجرافات الآلية الكبيرة مفضلة لديهم، لأنّها أكثر فعالية أثناء الحفر.
وقبل حوالي عشرة أيام، نشرت إحدى الصفحات المتخصصة في دراسة الآثار الليبية صوراً لجرافة، قالت إنها توجد في المقابر الجنوبية لموقع شحات (وهو أحد مواقع التراث العالمي الخمسة في ليبيا، المسجلة لدى يونيسكو)، منذ ثلاثة أيام. إذ أظهرت الصور أنّ صاحب الجرافة يقوم فعلاً بالتنقيب داخل المقبرة، كما أنّ قسما منها كان قد نُبِش بالفعل، في مشهدٍ يدلّ على عمق الفوضى التي تشهدها ليبيا. وكانت الصفحة نفسها على مواقع التواصل الاجتماعي، قد نشرت في منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي 13 صورة لعمليات حفرٍ بواسطة جرافة في أحد المواقع المجاورة لمدينة شحات.
ويؤكد الخبير في الآثار الليبية، عادل البشتي، أنّ ما ينشر من صور على مواقع التواصل الاجتماعي، ليس إلا جزءاً قليلاً مما يحصل من انتهاكات على الأرض. وأشار البشتي إلى أنَّ أهرامات الحطيّة المعروفة، الموجودة في جنوب ليبيا، قد تعرّضت أيضًا للنهب. علما أنّ هذه الأهرامات تمتلك قيمة علمية ضخمة، إذ بنيت قبل أهرامات مصر.
ليس هذا فحسب، إذ يشير البشتي في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ هناك قضايا مرفوعة من مواطنين، يدّعون فيها ملكيّة أراض داخل مواقع أثريّة معروفة، وباستخدام مستنداتٍ مُزوَّرة. إذ يستفيد هؤلاء الناس من قانون صدر عام 2013، يسمح للمواطن باستعادة أراض قامت الحكومات السابقة بمصادرتها. وباستخدام هذه الثغرة القانونية، تنشر عن عملية نهب الآثار في ليبيا. وأكّد البشتي أنّ السلطات استعادت ما يقارب ألفي قطعة أثريّة، سُرِقت منذ عام 2011، إلا أن هنالك قطعا غير مسجلّة لدى وزارة الآثار، تم نهبها وصارت "في مهب الريح"، كما يقول.
وحاولت "العربي الجديد" الاتصال بأحد هؤلاء التجار الذين يضعون أرقامهم وأسماءهم الحركية مع صور تدلّ على مسكوكات رومانيّة أثرية قديمة. وأكّد التاجر لنا أنَّه عثر على هذه المسكوكات في منطقة تغسات، وهو حي أثري بمدينة غريان الجبليّة، غرب ليبيا. وأشار إلى أنّ كل عمليات التواصل من أجل البيع والشراء، تتم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء وهميَّة، أو على تطبيقات مثل "واتساب"، التي توفّر حدّا أدنى من السريّة، خوفا من المساءلة والملاحقة والاعتقال.
اقــرأ أيضاً
وأوضح أنَّ ما نشره موقع "جوش لايف نيوز"، اليهودي الأميركي في مارس/ آذار 2018، بشأن وجود اتفاق فرضته السلطات الأميركية على ليبيا، يُسمَح بموجبه بدخول الآثار اليهودية إلى الولايات المتحدة الأميركية، هو صحيح، مضيفًا أن "نشطاء يهودا اعترضوا على نص الاتفاق بين الحكومتين الليبية والأميركية، بشأن منع دخول القطع الأثرية الليبية لأميركا، بحجة أنها تعطي الحق لليبيا بالاحتفاظ بمخطوطات دينية كالتوراة الخاصة باليهود". ويؤكد البشتي أن "تعديلات طرأت على الاتفاق الذي وقع في الأصل بطلب من ليبيا، تضمنت عدم إدراج الآثار اليهودية في الاتّفاق، من أجل السماح لها بدخول الأراضي الأميركية".
ويشدد البشتي على أنَّ الأمر فيه تحايل على القانون، والقول الخاطئ بأن اليهود طردوا من ليبيا فجأة، وتركوا وراءهم آثارهم ومقتنياتهم التي لهم الحق في امتلاكها، من دون أن تحدد الفترة الزمنية، لتصبح ثغرة قانونية يهرب من خلالها كل التراث اليهودي عبر كل العصور، وليس للفترة القريبة التي عاش فيها اليهود في ليبيا، وانتهت في ستينيات القرن الماضي.
ويختم الخبير الليبي حديثه بأن "الأمر خرج عن المألوف، وأنَّ القضية تحتاج إلى قانون طوارئ خاص يستجيب لظروف المرحلة الراهنة لحماية الموروث الثقافي، ولا سيما الذي لا يزال دفينا تحت التراب أو البحر وتستهدفه الأيادي العابثة".
وقبل حوالي عشرة أيام، نشرت إحدى الصفحات المتخصصة في دراسة الآثار الليبية صوراً لجرافة، قالت إنها توجد في المقابر الجنوبية لموقع شحات (وهو أحد مواقع التراث العالمي الخمسة في ليبيا، المسجلة لدى يونيسكو)، منذ ثلاثة أيام. إذ أظهرت الصور أنّ صاحب الجرافة يقوم فعلاً بالتنقيب داخل المقبرة، كما أنّ قسما منها كان قد نُبِش بالفعل، في مشهدٍ يدلّ على عمق الفوضى التي تشهدها ليبيا. وكانت الصفحة نفسها على مواقع التواصل الاجتماعي، قد نشرت في منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي 13 صورة لعمليات حفرٍ بواسطة جرافة في أحد المواقع المجاورة لمدينة شحات.
ويؤكد الخبير في الآثار الليبية، عادل البشتي، أنّ ما ينشر من صور على مواقع التواصل الاجتماعي، ليس إلا جزءاً قليلاً مما يحصل من انتهاكات على الأرض. وأشار البشتي إلى أنَّ أهرامات الحطيّة المعروفة، الموجودة في جنوب ليبيا، قد تعرّضت أيضًا للنهب. علما أنّ هذه الأهرامات تمتلك قيمة علمية ضخمة، إذ بنيت قبل أهرامات مصر.
ليس هذا فحسب، إذ يشير البشتي في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ هناك قضايا مرفوعة من مواطنين، يدّعون فيها ملكيّة أراض داخل مواقع أثريّة معروفة، وباستخدام مستنداتٍ مُزوَّرة. إذ يستفيد هؤلاء الناس من قانون صدر عام 2013، يسمح للمواطن باستعادة أراض قامت الحكومات السابقة بمصادرتها. وباستخدام هذه الثغرة القانونية، تنشر عن عملية نهب الآثار في ليبيا. وأكّد البشتي أنّ السلطات استعادت ما يقارب ألفي قطعة أثريّة، سُرِقت منذ عام 2011، إلا أن هنالك قطعا غير مسجلّة لدى وزارة الآثار، تم نهبها وصارت "في مهب الريح"، كما يقول.
وحاولت "العربي الجديد" الاتصال بأحد هؤلاء التجار الذين يضعون أرقامهم وأسماءهم الحركية مع صور تدلّ على مسكوكات رومانيّة أثرية قديمة. وأكّد التاجر لنا أنَّه عثر على هذه المسكوكات في منطقة تغسات، وهو حي أثري بمدينة غريان الجبليّة، غرب ليبيا. وأشار إلى أنّ كل عمليات التواصل من أجل البيع والشراء، تتم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء وهميَّة، أو على تطبيقات مثل "واتساب"، التي توفّر حدّا أدنى من السريّة، خوفا من المساءلة والملاحقة والاعتقال.
ومن أشهر القطع الأثريّة الليبية التي بقيت لفترة طويلة قيد التداول والمزايدة بين المهربين والمهتمين الكبار، هو مخطوط لكتابٍ يهودي ديني، لا يُعرف تاريخ كتابته. وقد عرض هذا المخطوط على أغلب منصات الإعلان عن بيع الآثار، وسط حديثٍ متزايد عن أنّ من يمتلكه هو مهرب آثار معروف في منطقة جبل نفوسة، غرب ليبيا. وأعلنت السلطات التونسيّة في منتصف شهر يناير/ كانون الثاني من العام الماضي، إلقاء القبض على ثلاثة مهربين تونسيين وليبيين، بحوزتهم ست مخطوطات دينية يهودية، أثناء محاولتهم نقلها من ليبيا إلى تونس. وأوضح بيان الحرس الوطني التونسي، أن المخطوطات المحجوزة كانت بحوزة أشخاص ينتمون إلى شبكة متاجرة بالآثار بين تونس وليبيا، مقابل مبالغ مالية تفوق 1.5 مليون دينار. ومن بين تلك المخطوطات، لفافة جلد من ثلاث ورقات، مكتوبة بماء الذهب باللغة العبرية، تحتوي على أناشيد وحكم دينية يهودية. ورغم مطالبة السلطات الليبية بإرجاع المسروقات، إلا أن الجانب التونسي لم يستجب حتى الآن، بحسب البشتي، ويضيف أن "قضية الآثار المهربة تضمنت جانباً دينيا، تعارض مع قوانين الآثار العالمية".
وأوضح أنَّ ما نشره موقع "جوش لايف نيوز"، اليهودي الأميركي في مارس/ آذار 2018، بشأن وجود اتفاق فرضته السلطات الأميركية على ليبيا، يُسمَح بموجبه بدخول الآثار اليهودية إلى الولايات المتحدة الأميركية، هو صحيح، مضيفًا أن "نشطاء يهودا اعترضوا على نص الاتفاق بين الحكومتين الليبية والأميركية، بشأن منع دخول القطع الأثرية الليبية لأميركا، بحجة أنها تعطي الحق لليبيا بالاحتفاظ بمخطوطات دينية كالتوراة الخاصة باليهود". ويؤكد البشتي أن "تعديلات طرأت على الاتفاق الذي وقع في الأصل بطلب من ليبيا، تضمنت عدم إدراج الآثار اليهودية في الاتّفاق، من أجل السماح لها بدخول الأراضي الأميركية".
ويشدد البشتي على أنَّ الأمر فيه تحايل على القانون، والقول الخاطئ بأن اليهود طردوا من ليبيا فجأة، وتركوا وراءهم آثارهم ومقتنياتهم التي لهم الحق في امتلاكها، من دون أن تحدد الفترة الزمنية، لتصبح ثغرة قانونية يهرب من خلالها كل التراث اليهودي عبر كل العصور، وليس للفترة القريبة التي عاش فيها اليهود في ليبيا، وانتهت في ستينيات القرن الماضي.
ويختم الخبير الليبي حديثه بأن "الأمر خرج عن المألوف، وأنَّ القضية تحتاج إلى قانون طوارئ خاص يستجيب لظروف المرحلة الراهنة لحماية الموروث الثقافي، ولا سيما الذي لا يزال دفينا تحت التراب أو البحر وتستهدفه الأيادي العابثة".