فخّ المُقامرة: اربحْ ورقة يانصيب لتعيش التعاسة

08 ابريل 2015
المال لا يشتري السعادة (تصوير: ناصر السهلي)
+ الخط -
قبل أسابيع قليلة ربحت مواطنة دنماركية، ما يقارب الـ315 مليون كرونة (نصف مليار دولار) في لعبة "يورو جاكبوت". كانت تبلغ من العمر 47 سنة وكانت أيضاً عاطلة عن العمل، لم تمض أسابيع حتى تناقلت الصحف خبراً مفاده بأنها "على وشك الإفلاس". فكيف تتحوّل ورقة يانصيب إلى لعنة على أصحابها؟.

ليست القصة، بحسب ما تتناقل الصحف، مرتبطة بالمبالغ التي يربحها بعض الناس بقدر ما ترتبط بطريقة تصرفهم مع تلك المبالغ والتغييرات التي تطرأ على حياتهم. ربما لا تكون قصة المرأة الدنماركية، التي تبشرنا صحافتها بأنها على وشك الإفلاس بعد أن أنفقت ملايينها على شراء منازل لأفراد عائلتها وبذخ في غير مكانه، فريدةً من نوعها، فالقصص المماثلة كثيرة، قصصٌ عن تعاسة هؤلاء الذين يجدون أنفسهم فجأة غرقى الملايين من الأموال التي تأتي بسهولة "الحظ". لكن أبرز ما شهدته بريطانيا وأميركا من تلك القصص يشهد على سهولة الفخ الذي يقع فيه كثيرون من "مليونيري الصدفة".

لقد اهتم الباحثون في جامعة كاليفورنيا بتصرفات البشر عن الطريقة التي يتصرف بها هؤلاء الرابحون فاكتشفوا كيف أن الأموال تؤدي إلى القتل والادمان وتفسخ العلاقات الأسرية والانحراف والادمان على المخدرات كقصة مشتركة بين حالات كثيرة.

القصة لا تتعلق بمشاعر السعادة لامتلاك كل تلك الأموال، فبحسب الباحثين تعتبر تلك السعادة اللحظية مقدمة لورطات مالية تعيد هؤلاء إلى الافلاس ومضاف إليه كل تلك السلبيات الحاملة للتعاسة والموت أحياناً. يكتشف الباحثون النفسيون في ولاية إلينوي الأميركية بأن القاسم المشرك بين مستحدثي الثراء الفاحش "افتقاد الثقة بالمحيط الأسري وبالأصدقاء بعد فترة من الانتشاء بالجوائز".

النصائح التي تقدمها شركة استشارة المراهنات العملاقة في بريطانيا "كاملوتس" لا تحمل في الحقيقة سوى دعوة إلى "الهرب من المتطفلين في إجازة طويلة المدى بعيداً عن أعين الناس والتواصل معهم". تلك النصيحة ترتبط بـ"عدم التسرع في اتخاذ القرارات، مع الإبقاء على الصداقات القديمة وترسيخها والتخلي عن الطامعين".

مايكل كارول... إفلاس من جديد
تلك النصائح لا يأخذ بها المنتشون بالفوز، لنأخذ على سبيل المثال قصة الشاب البريطاني مايكل كارول. لم يكن عمر مايكل في 2002 سوى تسعة عشر عاماً حين ربح حوالى 20 مليون دولار في اليانصيب الوطني. خلفيته الفقيرة والجنائية أدّت به إلى صرف جنوني لما ربحه على السيارات والنساء والاستثمار الفاشل وتوزيع الأموال على الأصدقاء والأقارب.

بحسب "ديلي مايل" فقد كان يصرف مايكل يومياً آلاف الجنيهات على الكوكايين والسلاسل الذهبية وسيارة المرسيدس السوداء. وقع مايكل في حبال الخدعة حين بدأ يتصرف بعجرفة ويطلق الطلقات على المارة والسيارات تحت تأثير المخدر ففقد رخصة القيادة وحكم بالسجن. لم تمر 10 سنوات حتى عاد مايكل كارول ليعمل مرة أخرى بعد أن هجر عمله كعامل تنظيفات إثر فوزه بالجائزة. هو اليوم يعمل في مصنع بعد أن طلقته زوجته التي لم تحتمل ذلك النوع من الحياة.

كيث غوخ... الموت تعاسة
لم تكن السعادة بالنسبة للبريطاني الخباز كيث غوخ، 53 سنة، أن يصبح حسابه البنكي ممتلئاً بما يقارب العشرة ملايين جنيه إسترليني في عام 2005، وهو ما دلّت عليه النهاية المأساوية. فخلال خمس سنوات أصبح مدمناً على الكحول ويعيش وحدة قاتلة بالمعنى الحرفي بعد أن نفرت زوجته من العيش معه.

قبل موته بعام في غرفة مستأجرة منعزلاً عن الناس قال كيث لصحيفة "نيوز أوف ذي وورلد":" لو كان بإمكاني الزحف على الزجاج المحطم لأعود إلى حيث كنت لفعلت. لقد دمرت الجائزة حياتنا". انتهت حياة كيث في 2010 بعد إصابته بمرض الكبد وبنوبة قلبية، فقدَ كل معاني السعادة في الحياة التي عاشها كخباز كان يستمتع بصيد السمك وخسر حبه لزوجته التي عاش معها ربع قرن.

أندرو وايتاكر... غرق في الكحول وأندية التعري
في الولايات المتحدة فاز أندرو البالغ من العمر في 2002 السابعة والستين بـ315 مليون دولار. أغرته الأموال فوزع بداية بعضها على الأعمال الخيرية قبل أن يبدأ الوضع بالتداعي مع ما تبقى له. زواجه المديد انتهى حين بات العجوز زبوناً ثابتاً في أندية التعري، فقد زوجته التي تزوجها في ريعان شبابه.

بدأ يُفرط بشرب الكحول والقيادة مخموراً ما جعله مطلوباً وملاحقاً في المحاكم. تم السطو على منزله وفقد الملايين من أمواله، بدأت حفيدته تقلد جدها بحياة البذخ التي اعتمدها ما أوصلها إلى طريق المخدرات فتوفيت بجرعة زائدة. ولم تمض سنوات أربع حتى فقد ابنته أيضاً.
باختصار علق اندرو على مأساته بالقول: "ليتني مزّقت ورقة اليانصيب".

كالي روجرز... إدمان وبداية جديدة
كانت كالي روجرز في سن السادسة عشر عام 2003 حين ربحت 1،8 مليون جنيه إسترليني في سكوتلاند. ما صرفته كالي على الكوكايين في غضون سنوات قليلة، وباعترافها للصحافة، يفوق المئتي ألف جنيه. فقدت كالي حق الحضانة على طفليها، وفقدت كل الأموال ولم يبق في حسابها قبل عامين سوى ألفي جنيه إسترليني. تخلّصت من الإدمان وبدأت من جديد بسن الـ25 فقررت دراسة التمريض وتزوجت من جديد ورزقت بطفلين.

أوروج خان... الموت مسموماً
لم تمضِ 24 ساعة على فوز المواطن الأميركي المسلم أوروج خان بجائزة قيمتها مليون دولار حتى فارق الحياة مسموماً بالزرنيخ في عام 2012. كان خان في الـ46 ويملك مصبغة تنظيف ملابس لحظة فوزه بيانصيب إلينوي. لم يكن نصيبه سوى صورة ابتسم فيها وهو يحمل شيكاً ويعلن بأنه سيتبرع بمبلغ كبير لمشفى أطفال.

بعد أسابيع من وفاة خان دخلت العائلة في صراع قضائي على الجائزة. أعطيت زوجته ثلث القيمة بينما حصلت ابنته من الزواج الأول على المبلغ المتبقي من الجائزة. وما تزال حادثة عملية تسميمه لغزاً لم يحل بعد 3 سنوات من حصده الجائزة التي أدّت إلى وفاته في اليوم التالي.
المساهمون