وإذا ما حاولنا توصيف الألبوم بصورة كلية، فهو لا يتعدى كونه مغامرة بالإنتاج الموسيقي لا يضبطها خط واضح، ولا تجمع عناصره ثيمة فكرية أو موسيقية؛ فالألبوم يضم مجموعة من الأغاني الجذابة المتباينة بالشكل والأسلوب والمضمون، بعضها يبدو رائعاً ويستحق الإشادة، خصوصاً أغنيتي Schedule وHow Do You Feel.
لكن أغاني الألبوم مجتمعة تفتقد للتماسك والتكامل؛ لتستمر بذلك المشكلة التي رافقت Post Animal منذ أن طرحت قبل عامين ألبومها الأول،When I Think Of You In A Castle، فلم تتمكن من استثمار شكل الألبوم الفني لصناعة محتوى يرتقي بالفرقة لمكانة جديدة أعلى من المكانة التي اكتسبتها منذ أن بدأت بطرح أغانيها المنفردة عام 2015. ليبقى التساؤل عما إذا كانت Post Animal ستتمكن في السنوات المقبلة من خلق عمل ذي مفهوم واضح، أو أن سمة التفكك ستلازمها دوماً.
وإن كان التفكك والتجريب هو ما يعيب ألبوم Forward Motion Godyssey بصورته العامة، فهو أكثر ما يميز العمل الفني الذي تقوم به فرقة Post Animal. ويمكن أن نلمس ملامح الرغبة بالتجريب وفتح موسيقى الروك على مساحات جديدة في أغانٍ كثيرة ضمن الألبوم. نذكر مثلاً How Do You Feel التي تحاول فيها الفرقة أن تقحم سولو أغنية الروك ضمن الموسيقى الإلكترونية، وتتمكن فيها من العثور على نقاط الالتقاء والتقارب؛ لتبدو وكأنها تحاول أن تعيد اكتشاف مكونات أغنية الروك في سياق يتناسب مع الأنماط الموسيقية الأكثر رواجاً في الألفية الثالثة.
لكن ذلك لا يمنع من تسلل بعض الأغاني التي تبدو وكأنها أكثر نمطية إلى داخل الألبوم، مثل أغنية Post Animal. هنا اختارت الفرقة موسيقى روك أكثر نمطية، وأدتها بأسلوب عنيف ذي طابع أحادي، يبدو لوهلة كتمرد على كل المحاولات والإدخالات الحداثوية التي تمررها بموسيقاها، لتشعر أثناء الاستماع لها وكأنك خرجت عن المسار الذي صنعته الفرقة كلياً؛ وهذا الخروج عن المسار يطرح علامات استفهام حول التجارب الموسيقية التي تختبرها الفرقة.
من جهة أخرى وبينما نجد الفرقة الأميركية تبذل جهداً كبيراً بالتجريب الموسيقي، فإن كلمات معظم أغانيها في المقابل لا تبدو وأنها تتناسب مع هذا الجهد. بل على العكس تماماً، تبدو الكلمات أكثر بساطة من التعقيدات اللحنية التي تنسجها الفرقة؛ ربما يعود السبب في ذلك إلى ميل الفرقة للاعتماد على جمل وظيفية تتناسب مع الكونسبت العام الذي اختارته لنفسها (ما بعد الحيوان)، فمعظم التركيبات اللغوية تبدو بدائية وبسيطة، وبعض الأغاني لا تمتلك معنى إذا ما جردناها من عنوانها الذي يختزل معظم دلالاتها.