تتواجد قناديل البحر في كلّ محيطات العالم، من القطب الشمالي إلى المناطق الاستوائيَّة. إذْ تبحرُ هذه الحيوانات اللزجة المجوّفة في الماء، وتتنقّل بين الأمكنة. أخيرًا، قرر باحثون في الولايات المتحدة الأميركيَّة الاستفادة من خاصيّة الانتشار والتحرك الواسع عند هذا الحيوان، من أجل جمع البيانات عن المحيطات، إذْ يتمُّ استخدامها كـ"مساعدين علميين".
رصد تغيّرات المحيطات
وأكّد الباحثون الأميركان في تقرير منشور في مجلّة Science Advances العلميَّة المُحكَّمة، بأنّ قناديل البحر مفيدةٌ بشكلٍ خاص من أجل استشكاف المحيطات ورصد التغيُّرات فيها، لأنها يمكن أن تعيش في كلّ المحيطات على سطح كوكب الأرض. وقال الباحث الأميركي، جون دابيري، من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا: "إذا تمكَّنا من إيجاد طريقة للسيطرة على قناديل البحر، بحيثُ نزوّدها بأجهزة استشعار تقوم بقياس درجات الحرارة والملوحة ومستويات الأوكسجين والكربون، فإننا سنتمكّن من تشكيل خارطة واسعة عالميّة ودقيقة للمحيطات". علمًا أن جون هو أحد الباحثين المشاركين في الدراسة.
محركات كهربائيَّة
في الاختبار الأوّل، قام الباحثون بتزويد قناديل البحر بنوعٍ من المحرِّكات التوربينيَّة، إذْ قاموا بزرع أدوات التحكم الإلكترونيَّة في أجسام هذه الحيوانات، الأمر الذي يساعدها على السباحة بشكل أسرع وأكثر كفاءة. تعمل هذه المحركات بنفس الآلية التي تعمل بها أجهزة تنظيم نبضات القلب. إذْ تقوم بتطبيق جهد كهربائي، يحوّله القنديل إلى طاقة تساعده على التحرك.
زيادة السرعة إلى ثلاثة أضعاف
تتحرك قناديل البحر عادة ببطء في قاع البحر، لأنّ الحركة البطيئة تساعدها أكثر على التقاط الفرائس. وهي عادة ما تتقدم بسرعة 2 سم في الثانية. مع وحدة التحكم عن بعد، فإنّ سرعة قناديل البحر سوف تزداد إلى الضعف، أي إلى 4 أو حتّى 6 سم في الثانية. كما أنّ الصدمة الكهربائيَّة تساعد قناديل البحر في استخدام الطاقة بشكل أكثر توفيرًا وكفاءة، إذْ أن ضعف كمية الطاقة، يجعل سرعتها تصل إلى ثلاثة أضعاف.
انعدام الضرر
كما أكّدت الدراسة بأنّ زيادة سرعة قناديل البحر هو أمرٌ ليس مضرًا بالحيوانات الأخرى. لأنّه عادة ما تطلق قناديل البحر سائلاً رغوياً كثيفًا، إذْ يكون هذا السائل دليلاً على الجهد الذي تبذله. ويتخوّف العلماء بأنّ تسريعها سيؤدّي إلى زيادة نسبة هذا السائل الرغوي، ومن الممكن أن يكون هذا الأمر مضرّاً للحيوانات الأخرى. ولكن أثبتت التجارب المخبريّة على قناديل البحر التي تم تركيب المحرّكات عليها، بأنها لا تطلق أي كميات زائدة من هذا السائل، ولم تترك القناديل المعدلة أي آثار دائمة أثناء حركتها.
في الخطوة التالية، يريد الباحثون الآن معرفة كيفيَّة توجيه قنديل البحر في اتجاهات مختلفة في قاع البحر. "لذلك لا يزال أمامنا طريق طويل قبل أن تقوم الحيوانات بالفعل بجمع البيانات حول العالم"، يقول جون.