يبدو أن الكتابة الدرامية السورية، باتت، كما كل مفاصل الدراما، بحاجة إلى وقفات وإعادة تقييم ومعالجة مكامن الضعف، بعد تراجع قطاع وصناعة الدراما بشكل كبير في الأعوام الأخيرة الذي ظهر جلياً في هذا الموسم الرمضاني الضعيف للدراما السورية التي كانت رائدة لعقود في مجال الدراما العربية.
وفي ظل ظروف التباعد الاجتماعي ومنع السفر في الكثير من البلدان داخلياً وخارجياً، لجأ الكثير من المختصين في الدراما السوريين لمناقشة مشاكلها افتراضياً عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي بدأها المخرج زهير قنوع، حين أنشأ "ورشة عمل" على "فيسبوك" لمناقشة واقع الدراما والإنتاج الدرامي قبل فترة قصيرة. واليوم لجأ عدد من كتاب الدراما السوريين لإطلاق "ميثاق شرف كتاب الدراما السوريين"، بعد مناقشات استمرت لأسابيع بين عدد من الكتاب.
ومن بين المؤسسين أو المناقشين لإطلاق الميثاق: ممدوح حمادة ومازن طه وفؤاد حميرة وخالد خليفة ورافي وهبي وسامر رضوان وإياد أبو الشامات وإيمان سعيد وكوليت بهنا ونور شيشكلي وسلام كسيري وخلدون قتلان ورانيا بيطار وبلال شحادات وعدنان العودة.
وجاء في الميثاق الذي عنون بـ "ميثاق شرف وبيان آمال وتطلعات" أنه "انطلاقاً من أن الدراما السورية لم تكن مجرد عمل ربحي يتوسل التواجد على منصات العرض التلفزيونية فحسب، بل كانت وستبقى جزءا من هوية ثقافية وفكرية من وجهة نظر صناع المحتوى الدرامي على أقل تقدير وتوصيف ونتيجة إحساس الجمهور بشيء من الخذلان، بعد خروجها من ساحة المنافسة، وجب علينا ككتاب دراما مستقلين التنادي من أجل محاولة وضع ضوابط أولية قد تشكل الخطوة الأولى لمرحلة التعافي، ولو بصيغة اتفاق الكتاب فيما بينهم، وبيان آمالهم وتطلعاتهم وقد صار النفق واضح المعالم، وبائن المخاطر".
وتساءل الكتّاب في بيانهم: "هل هذا يعني أن المسألة بيدنا وحدنا؟ بالتأكيد لا، لكن كتاب الدراما السورية هم العمود الفقري للصناعة، واللبنة الأولى في تأسيس الهوية الفكرية لهذا المنتج، لأنهم ساهموا عبر أعمالهم التي غزت المحطات العربية، في تعريف الآخر ببلدنا وطبيعتها وثقافتها ولهجتها، وخصوصية تشكل حواملها الاجتماعية والسياسية والدينية. وعليه: فإننا نرى أن الخطوة الأولى للدخول مجددا إلى ساحة الحضور، تنطلق من منع الاعتداء على نص الكاتب، وعدم العبث بشخصياته التي كتبها وفق تصور صارم يحيل إلى موقف ودلالة لا يجوز المساس بها. وقد انطلق هذا الموقف بعد عدد من الحوادث التي تتلخص باستقدام كتاب وتكليفهم بتبديل أو تعديل الناتج الأصيل، وخروج نتاج لا يشبه المحتوى المتفق عليه، والذي قد يخالف موقف كاتبه الأصلي بزج كلام الآخرين وأفكارهم فيه".
وعلّق الكاتب، ممدوح حمادة، في معرض نشره للميثاق، بالقول: "بعد ثلاثة أسابيع من الحوار الفاعل خرجت مع مجموعة من زملائي كتاب الدراما السورية المستقلين بهذا الميثاق الذي أعلن عن التزامي به طالما بقيت أمارس هذه المهنة".
وقال الكاتب والممثل والمخرج رافي وهبي: "بنشري ميثاق شرف وبيان تطلعات وآمال كتاب الدراما المستقلين، أتعهد الالتزام بما جاء فيه، وأدعو الزملاء لمناقشته، لعله يفتح الباب لحوار جاد وموضوعي وعميق، قد يكون خطوة أولى، وإن جاءت متأخرة، لاستعادة الدراما السورية موقعها ومكانتها وميزتها، كدراما واقعية معنية بعكس صورة المجتمع ومعالجة مشاكله. ويسهم في توضيح وجهة نظر صناعها، دون أن يعفيهم من تحمل المسؤولية المهنية والأخلاقية تجاه علاقتهم ببعضهم البعض، والمسؤولية المعرفية تجاه ما تحمله أعمالهم من مضامين ورسائل وما تتركه من أثر في وعي المتلقي".
وشهدت الدراما السورية في هذا العام أسوأ مواسمها بحسب النقاد والمتابعين، فغابت الميزانيات المقبولة عن إنتاج ما أُخرِجَ من الأعمال، بشكل لا يرقى إلى المستوى المرجو منها. فيما كان لتفرُّق الكوادر من ممثلين ومخرجين وكتاب في الدراما العربية، واعتمادهم على الدراما المشتركة، دور كبير في تراجع الدراما السورية.