والجمعية الثقافية اللبنانية، المعنيّة بسينما عربية مستقلّة ومختلفة وحديثة، تُطلق مبادرة "أفلامنا" بمشاركة مخرجين عربٍ ومؤسّسات سينمائية عربيّة، بهدف إشاعة مناخٍ يواجه التحدّي الجديد الذي تعيشه البشرية برمّتها، عبر سينما عالقة في مخيّلة المهتمّين باشتغالاتٍ تُعاكس مفاهيم تقليدية وثابتة ومنغلقة في إنتاج الصورة، وتصنع حصانة بصرية لذاكرة فردية وجماعية، ولراهنٍ منبثق من ماضٍ وحاضرٍ، ولاختباراتٍ وتأمّلاتٍ وتساؤلاتٍ.
ترغب مبادرة "أفلامنا" في مرافقة المنعزلين قسراً في منازلهم، "في هذه الأوقات العصيبة والاستثنائية" التي يشهدها لبنان والعالم حالياً، مُقدّمة للراغبين منهم أفلاماً وثائقية وروائية عربية، تنسجم والخطّ السينمائي للجمعية (سينما مستقلّة ومختلفة وحديثة)، لعلّها (الأفلام) تُخفِّف من وطأة التحدّي وثقل المواجهة، وتُذكِّر بجمال السينما، القادرة ـ رغم الخراب الفظيع الذي ينتاب الحياة وتفاصيلها ومفاصلها، قبل تفشّي فيروس "كورونا" ـ على إثارة حيوية التنبّه والتواصل والتمتّع بصُور سينمائية، يصنعها شبابٌ عربٌ مستلّين حكاياتها وانفعالات ناسها ومساراتهم، من عيشٍ وتجارب واحتقانات.
والمبادرة تبدأ فصلها الأول بعرض 6 أفلام لـ5 لبنانيين ومصرية، مجّاناً، ويستمرّ (العرض) لغاية 8 إبريل/ نيسان 2020 على الموقع التالي: WWW.AFLAMUNA.ONLINE (بالعربية، مع ترجمة إلى الإنكليزية)، علماً أنّ أفلاماً جديدة تُضاف كل 15 يوماً، فالمبادرة مفتوحة أمام الجميع، إذْ تدعو الجمعية كلّ راغبٍ في المشاركة فيها إلى التواصل معها. أما الأفلام الأولى، المُنتجة بين عامي 2002 و2018، فتنتمي إلى أنماطٍ مختلفة، كالوثائقي والتجريبي، وتعاين اختبارات مخرجيها وانفعالاتهم إزاء مسائل وأسئلة وتفاصيل. يُذكر أنّه يُمكن مشاهدة بعض تلك الأفلام في العالم العربي فقط، والبعض الآخر في العالم.
"ثمانية وعشرون ليلاً وبيت من الشعر" (2015، في 105 دقائق، متوفّر في العالم العربي) لأكرم زعتري: يتّخذ الفيلم من أرشيف المصوّر هاشم المدني نقطة بداية، لفهم مدينة وممارسة فوتوغرافية، وتكنولوجيا إنتاج الصُور. ويرتكز على مداخلات بصريّة، يستخدم فيها صانع الفيلم الصُور والضوء والماكينات والأجهزة المسجّلة والعارضة للصُورة، التي تُعيد تركيب عالمٍ، تتشارك في سكنِهِ أزمنةٌ مختلفة.
"سمعان بالضيعة" (2008، في 86 دقيقة، متوفّر في أنحاء العالم) لسيمون الهبر: سمعان فلاح يعيش حياة هادئة في قريته الصغيرة "عين الحلزون" (جبل لبنان). يستيقظ فجراً، ويرعى بقراته وحيوانات أخرى، ويجهّز المحصول الذي سيبيعه في السوق. خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990)، دُمِّرت "عين الحلزون" بشكل كامل، فهجرها أهلها. معظم سكّانها الأصليّين من آل الهبر، يعودون إليها باستمرار، لزيارة منازلهم، ولحصد مزروعات أراضيهم. لكنّهم يتركونها دائماً قبل غروب الشمس. بمراقبته الحياة في هذه الضيعة المهجورة، يتناول الفيلم مسألة الذاكرة، الفردية والجماعية، في بلدٍ يبدو أنّ أبناءه لا يريدون التعلّم من الماضي، حتى وإنْ يكن على شفير حربٍ أهليّة جديدة.
"قبل ما إنسى" (مصر، 2018، في 30 دقيقة، متوفّر في أنحاء العالم) لمريم مكيوي: قصّة خياليّة، تحدث في منطقة ساحلية غامضة بين اليابسة والبحر، فوق سطح البحر وأسفله. يختفي الكابتن، ويخوض أحد أتباعه رحلة في المحيط لِقطع سلك الـ"إنترنت". يعلو منسوب المياه، فتظهر امرأة برمائيّة على الشاطئ، باحثةً عن أمّها. تشتبِك ذكريات امرأتين في جناح أحد المستشفيات. أمّا العالِم، الدكتور شرف، فيُحاوِل حشد الجميع ـ أعضاء "الجمعيّة السرّية للبرمائيات" ـ في مُحاولةٍ لإنقاذ العالَم.
"وجه أ/ وجه ب" (لبنان، 2002، في 9 دقائق، متوفّر في أنحاء العالم) لربيع مروّة: "عام 1978، كتب أخي مانويل، القادم لتوّه من كوبا، كلمات أغنية على لحنٍ روسي. غنّيناها وغنّيناها حتى حفظناها عن ظهر قلب، ثم سجّلناها على شريط صوتي، وأرسلناها إلى أخي أبو سلام، الذي كان مُقيماً في الاتحاد السوفييتي آنذاك".
"تنظيف سكاربيك" (بلجيكا ـ لبنان، 2017، في 20 دقيقة، متوفّر في أنحاء العالم) لفرح قاسم: بعد تعرّض باريس لهجوم دامٍ في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، قرّر وزير داخلية بلجيكا رفع درجة الإجراءات الأمنية إلى مستوياتها العُليا. في إحدى مقابلاته، صّرح بأنّه سيقوم بتطهير "مولمبيك"، وهي منطقة في بروكسيل ارتبطت مؤخّراً بمتطرّفين إسلاميّين مُقيمين فيها. أثناء ذلك، لاحَظَت قاطنةٌ في حيٍّ من أحياء "سكاربيك" تحرّكاتٍ غير اعتيادية تجري تحت شباك منزلها، فقرّرت إبلاغ السلطات بذلك.
"شهيد" (لبنان، 2017، في 84 دقيقة، متوفّر في العالم العربي) لمازن خالد: 4 أصدقاء شباب، جَمَعهم التهميش على اختلاف مذاهبهم. يخرجون من بين جدران الأزقّة ليفتحوا صدورَهم للبحر. يغرَق أحدهم فجأة، فيُجبَر أصدقاؤه على التّعامل مع الإحساس بالفقدان، ما يضعهم في مواجهة طقوس ومراسم دينية. رحلة الحياة والموت، التي تستمر يوماً واحداً، تحتفل بالجسد، وتكشف عن ضغوطٍ تُسيّر حياة هؤلاء الأصدقاء الشباب، وتفضح خطوط التصدّع التي تقسم مجتمع المدينة.