لا تعتبر كارول سماحة مغنية تتجه أحيانًا إلى التمثيل من باب التغيير؛ على العكس، داخل هذه المغنية أبعاد ورؤى فنية كثيرة. فلم تظهر يوماً بشكل ممثلة، إلا وأقنعت متابعيها أنها محترفة وعلى درجة من المهنية. وهكذا، كان دخولها اليوم إلى عالم السينما في إطار خطة ربما للكشف عن جانب آخر من مواهبها.
لا أسئلة بالإمكان توجيهها الى سماحة في معرض الحديث عن فيلم "بالصدفة" الذي تأخر عرضه حوالي سنتين، ولا مجال لشرح تفاصيل التأخير. الأهم أن سماحة تنتظر كما الناس العرض الأول لتشاهد وتحكم على نفسها من خلال قصة واقعية تروي حكاية سيدة مطلقة تعيش مع ابنتها وشقيقتها في منزل آيل للسقوط في إحدى عشوائيات ضاحية بيروت.
من الواضح أن تجربة المخرج باسم كريستو القادم من عالم المنوعات التلفزيونية والكليبات جيدة. هذه المرة، يتقن كريستو رسم تفاصيل صورة حقيقية عن واقع مرير يعيشه اللبنانيون، ولا يقف عند حدود العشوائيات المهددة بالانهيار بل أمام يوميات فتاة مصابة بالتوحد (باميلا الكيك) وتسكن مع جدها في المبنى نفسه، أضافة إلى مجموعة من الحيوات للجيران الراضين بكل هذا الفقر، وقصص حب طوعية.
يؤدي بديع أبو شقرا دوراً لا يبتعد عن بعض أدواره التي قدمها في التلفزيون، لكنه يبدو في "بالصدفة" أكثر حرفية في مواجهة سماحة. فيؤدي دور ريشار رجل الأعمال وصاحب شركات لأجهزة المراقبة الحديثة، تحمله سرقة حقيبته الخاصة إلى مسرح الأحداث وتبدأ قصة حب بينه وبين فرح (كارول سماحة).
في الأداء، تخرج كارول سماحة من ثوب المغنية تمامًا، فلا تقرب الغناء في الفيلم، بل تجهد نفسها في لبس الدور والشخصية المحورية: وجه طبيعي دون ماكياج، قست عليه الحياة بعد رحيل والديها بحادث سير، ثم زواجها من رجل مُعنف مارس معها كافة وسائل التعذيب، حتى الاغتصاب. تحاول بعد رحيله لملمة جراحها فتعمل في مصبغة، وتعيش هاجسًا مخيفاً من تصرفات شقيقتها التي تجنح نحو السرقة بطرق مبتكرة طمعًا في الزواج من رجل يعنفها هو الآخر.
العشوائيات، والتوحد والبحث عن جمعيات تعنى بالمصابين، والزواج المدني، والخيانة الزوجية؛ عناوين كثيرة حاول العمل مقاربتها في مدة لا تتجاوز ساعتين، في قالب بدا مشوقاً، ورؤية إنسانية غلب عليها الطابع الرومانسي، والتقني الجيد.