"نبض الأرض"... ترويج لجيش النظام السوري

14 ديسمبر 2018
أغاني أعراس الجيش السوري تمجد بشار الأسد (Getty)
+ الخط -
لا يزال إعلام النظام السوري يطلق بين الحين والآخر حملات إعلامية عبر قنواته، الرسمية منها والخاصة، هدفها دفع الشباب السوري للانضمام إلى صفوف الجيش. ولا تنحصر الحملات في المواد الإعلانية، وإنما تشمل نشرات الأخبار والبرامج الترفيهية؛ حتى باتت المحطات الإعلامية التابعة للنظام تتنافس في ما بينها لتقديم مغريات مادية ومعنوية للشباب للالتحاق بالجيش، مغريات مبتذلة وفظة، تثير السخرية والسخط بآنٍ معاً.

قناة "سوريا دراما"، والتي من المفترض أنها قناة ترفيهية متخصصة بالدراما، قامت، أخيراً، بالدخول في هذه المنافسة من خلال برنامج حمل اسم "نبض الأرض"، يروي في كل حلقة قصة عسكري تعرض لإصابة أثناء المعارك، أدت إلى عجزه وتسريحه من الخدمة العسكرية. ويحاول البرنامج أن يغير مفهوم المأساة، فيبين أن المأساة هي ليست إصابة العسكري، وإنما هي توقفه عن خدمته العسكرية! ويصور البرنامج أن إصابة الجندي وتشوهه وعجزه هي مرحلة شبه مؤقتة، ويزرع الآمال بحياة جميلة وهانئة سيعيشها الجنود المشوهون في ما بعد. ويركز البرنامج على فكرة البطل والبطولة، حيث يعيش الجندي المصاب أو "الشهيد الحي"، كما يسمونه في البرنامج، حياة الأبطال في محيطه.

ففي حلقة الأسبوع الماضي، تناول البرنامج قصة الجندي علي، الذي يتعرض أثناء خدمته العسكرية لإصابة في نخاعه الشوكي، وتؤدي هذه الإصابة إلى شلله بشكل شبه تام، وخلال مرحلة علاجه الفيزيائية لاستعادة حركته، تقع إحدى الفتيات في حبه. وهنا يصور البرنامج أن الخدمة العسكرية لا تمنع الشباب من ممارسة حياتهم الطبييعة، ولا تشكل حاجزاً في وجه المشاعر الإنسانية، وإنما هي ميزة إضافية تجعل الفتيات يقعْن في غرام الشباب، حيث تسرد الفتاة حكاية شاعرية، لتصف بداية العلاقة، وتشرح كيف وقعت في حب علي، وما دفعها إلى حبه، والسبب أنه بطل و"شهيد حي" ضحى في سبيل وطنه، ولم ترَ في عجزه أي مانع من الزواج به؛ وكذلك فإن أهل الفتاة "يتفاخرون بصهرهم لكونه بطلاً من أبطال الجيش العربي السوري الذي ضحى بجسده في سبيل الوطن".

يصور البرنامج حكاية الحب تلك كقصة من قصص "ديزني" الرومانسية، حيث تعشق الأميرة الوحش، ويلعب البرنامج على مفاهيم البطولة والشرف والحب بشكل فظ ومباشر. فتعطي مقدمة البرنامج بين الحين والآخر رسائل مباشرة للشباب بأن إصاباتهم في الجيش لن تمنعهم من مواصلة حياتهم، وإنما على العكس سوف تسير حياتهم بشكل أفضل إن أصيبوا! فتؤكد مقدمة البرنامج أن "الشهيد الحي"، علي، ما كان ليحظى بقلب فتاة لولا التضحية التي قدمها لوطنه، ولولا الإصابة التي تشهد على تلك التضحية، وما كان تزوج من حبيبته الحالية لولا مسيرته العسكرية.

ويصور البرنامج عرس الحبيبين، ويفتتح العرس بالأغاني الوطنية التي تؤكد الولاء المطلق لبشار الأسد، ومن ثم يتقدم العريس والعروس بشكر لمحافظ مدينة طرطوس وللدولة وللرئيس الأسد، بسبب مساعدتهما في إتمام إجراءات الزواج، وقاما بإرسال رسالة عبر التلفزيون إلى جميع الجرحى في الجيش ليتقدموا إلى الدولة بطلب للموافقة على زيجاتهم، على الرغم من أن القانون السوري يمنع العسكري، ومن توجّبت عليه الخدمة العسكرية، ولم يقم بتأديتها من الزواج.

أثناء العرس، تقوم المذيعة بمقابلات مع العساكر، ومن بينها مقابلة مع عسكري أصيب بالعديد من التشوهات. وتؤكد المقدمة أن تلك التشوهات لم تشكل عائقاً أمامه، فهو تزوج وأنجب طفلين، وكأن الإنجاب بالنسبة لهؤلاء المصابين هو أمر يستدعي الفخر؛ بل إن البرنامج يبين أن أعراس العساكر المسرحين على أنها أعراس وطنية هدفها فقط إنجاب أطفال يكملون مسيرات آبائهم على الجبهات في "مواجهة الإرهاب".
المساهمون