عدنان العودة لـ"العربي الجديد": جمهور التلفزيون ليس سطحياً

27 ابريل 2017
مسلسل "أوركيديا" نمط الخيال التاريخي (العربي الجديد)
+ الخط -
التقت "العربي الجديد" بالكاتب الدرامي والشاعر السوري عدنان العودة. وأجرت معه الحوار التالي، حول آخر أعماله "أوركيديا" وشجون الدراما السورية.



- لنبدأ بالحديث عن عملك في رمضان المقبل "أوركيديا"، ما هي القضايا التي يناقشها العمل؟ ولماذا لجأت للفانتازيا باختيار الظرف الزماني والمكاني؟ ولماذا تبتعد عن مسلسلات بيئة الجزيرة السورية التي أحبها الجمهور؟

بالنسبة لـ"أوركيديا" فهو مسلسل خيال تاريخي، يقوم على حكاية ممتعة، تشبه حكايات الجدات، تتمتع بالتشويق والإثارة، وفيها صراع، ولكن التيمة الأساسية في العمل، هي تيمة استرداد الملك، إذ يخسر الشاب "عتبة بن الأكثم" ملك أبيه، والتي هي قلعة "أوركيديا"، ويخوض صراعات وحرباً طويلة ويجير كل طاقات الدنيا ويجير حلفاءه وأعداءه لكي يستعيد هذا الملك، ويتمكن في النهاية من ذلك. ولكن، "بن الأكثم" يواجه أثناء رحلة استعادة الملك نبوءة، تطلقها العرافة، وتقول له "أختك رملة ستنجب طفلاً، وهذا الطفل سيكون قاتلك"، وبالتالي فإن حكاية المسلسل تدور حول استعادة "بن الأكثم" عرشَ أوركيديا، ومنعه أختَه من الزواج، فهل ستتزوج أخته أم لا؟ وهل سيولد الطفل أم لا؟ وهذه هي حبكة "أوركيديا" بالعموم".

ويضيف العودة: "بخصوص اختياري لهذا النوع من العمل، فإن ذلك يتعلق بأن الدراما التلفزيونية تخضع لشرط السوق، القائم على العرض والطلب. وكما تعلم فإن الأعمال السورية المتعلقة بالبيئات المعاصرة هي أعمال غير مرغوبة من قبل المحطات العربية. لذلك، اخترتُ أنا والمخرج حاتم علي والمنتج بلاب أرناؤوط، أن نقدم عملاً سوريّاً، بمناخات سورية، من حيث الإخراج والإنتاج والممثلون والفنيون، ولكن دون أن يناقش هذا العمل موضوعاً خاصاً بالسوريين، وإنما يناقش موضوعاً كلياً وشاملاً وإنسانياً، كما فعلنا في "أوركيديا" التي تنتمي لنمط الخيال التاريخي. وفي ما يتعلق بأعمال الجزيرة السورية، فقد عملتُ من قبل على الأعمال البدوية التاريخية الضخمة، مثل "فنجان الدم" و"توق" و"أبواب الغيم". ولكن، للأسف، لم يعد هذا النوع من الأعمال مطلوباً أو مرغوباً من قبل المحطات العربية الأساسية، ولذلك اتجهت للخيال التاريخي".



- في السنين الأخيرة، تنقلت وعشت في أماكن وبلدان مختلفة. ألم تستفزك إحدى البيئات التي عايشتها للكتابة عنها؟ وهل من الممكن أن ينقل عدنان العودة تجربة الشتات السوري التي عايشها إلى الدراما التلفزيونية أو المسرح؟

حول فكرة الترحال والشتات، وخروجي من الشام إلى بيروت، ومن ثم إلى دبي فهولندا، بالحقيقة لم أحاول أن أعكس هذه الرحلات بمسلسل تلفزيوني أو بمسرحية إلى اليوم، وإنما تناولت هذا الموضوع بالشعر الذي أعتبره ردة فعلي اليومية، وهو موقفي الآني مما قدَّرته لنا الحياة. وعلى هذا الأساس، كتبت أيضاً أغنيات قدمت من قبل، مثل "بياعة الزنبق" و"قلبي علينا" وكذلك الأغاني التي غنتها رشا رزق أخيراً لي. ولكني لم أعكس الشتات بالدراما والمسرح، لأن الدراما والمسرح يخضعان لشروط إنتاجية، وهي خارجة عن إرادتي أنا، وخارج إرادتنا كسوريين. وبالنسبة للمسرح، نفذت لي في السنوات الأخيرة عدة مسرحيات، آخرها كان "زبيب" التي نفذت في دمشق السنة الماضية، كما نفذت مسرحية "المرود والمكحلة" في دمشق سنة 2013، وكذلك "خيل تايهة" نفذتها فرقة "نعمة" الفلسطينية، وقدمت سنة 2015، وفازت بجائزة أفضل عمل عربي. وعلى الرغم من أن هذه المسرحيات كتبت في سنين ما قبل الثورة، ولكنها تناقش مواضيع ملحة وراهنة عشناها في السنوات الست الأخيرة".


- عادةً ما تفضل أن تقدم نفسك بوصفك كاتباً مسرحياً وشاعراً، على الرغم من أن معظم جمهورك عرفك من خلال المسلسلات التلفزيونية التي كتبتها. كيف تصف علاقتك بمنتجاتك المختلفة؟ وهل تعتقد أن فن كتابة المسلسلات الدرامية هو فن أدنى من الشعر والمسرح؟

أنا أقدم نفسي شاعراً وكاتباً درامياً، وأنني متعدد بأنواع الكتابة التي أمارسها. أكتب الشعر والمسلسلات التلفزيونية والسينما والمسرح والشعر المغنى. وكثيرٌ من قصائدي لحنت. ولكني لا أعتبر أن التلفزيون أدنى من الشعر والمسرح، فالتلفزيون اليوم يصل لشريحة كبيرة من الناس، فالمسرحية قد يحضرها 2000 متفرج، بينما قد يتابع المسلسل 20 مليون متفرج؛ والشريحة التي تحضر الأعمال التلفزيونية هي ليست مسطحة أو غبية، وكذلك هناك كثير من المسلسلات الهامة، التي توازي بجماليتها الروايات. ولكن المشكلة الوحيدة بالتلفزيون، أنه على خلاف الشعر والمسرح، هو يخضع لشرط استهلاكي، ففي بعض الأحيان يُفرض علينا نوع من الممثلين لأسباب تسويقية، مما قد يسيء لسوية العمل الفني. معظم الممثلات اليوم منفوخات بالسيليكون وغير مقنعات؛ وكون التلفزيون يخضع للشرط الاستهلاكي، فإننا نضطر لقبول أشياء تسيء للعمل الفني، فتبدو الإنتاجات التلفزيونية استهلاكية".

- من خلال متابعتك للدراما السورية، ولا سيما في السنوات الثلاث الأخيرة التي توقفت فيها عن الكتابة، هل تعتقد أن الدراما السورية تراجعت؟ وما الأسباب برأيك؟

نعم تابعت المشهد الدرامي السوري، وعلى الرغم من الوضع الصعب والشتات والدمار السوري، إلا أنني أعتقد أن السوريين لايزالون، حتى الآن، قادرين على صناعة دراما جيدة. ففي السنين الأخيرة تابعنا مسلسلات هامة مثل "قلم حمرة" ليم مشهدي وحاتم علي، و"الندم" لحسن سامي يوسف والليث حجو، وكذلك رائعة رامي حنا وإيادا أبو الشامات "غداً نلتقي"، وأعتقد أن عملين سوريين جيدين في الموسم يكفيان لأن نقول، إن الدراما السورية بخير.

دلالات
المساهمون