ولم يُعلن عن أي نتائج للقاءات الوزير الإيطالي، لكن مصادر مطلعة قالت إن الوزير جاء محملا برسائل للأطراف الليبية تطالب بضرورة وقف الحرب والانحياز للخيارات السلمية لأزمة البلاد.
وحمل دي مايو، بحسب تطابق المصادر التي تحدثت لــ"العربي الجديد"، قضيتين: تتعلق الأولى بمؤتمر برلين، والثانية بشأن الاتفاق الموقع بين طرابلس وأنقرة.
وعقب انتهاء لقائه بالسراج في طرابلس، طالب الوزير الإيطالي بضرورة "دعوة كل الدول المعنية بالشأن الليبي إلى لقاء برلين دون أي إقصاء"، بحسب المكتب الإعلامي للسراج.
وفيما لم يتحدث حفتر ودي مايو عن فحوى لقائهما، باستثناء توجيه إيطاليا دعوة لحفتر لزيارتها، قال رئيس مجلس النواب بطبرق عقيلة صالح إنه أكد للوزير الإيطالي على شرعية عملية حفتر على طرابلس، معربا عن استغرابه تمسك المجتمع الدولي بالسراج ومحافظ البنك المركزي في طرابلس، الصديق الكبير، اللذين اتهمهما بصرف "الملايين من الدينارات الليبية للمليشيات".
وشدد على ضرورة أن يكون "الحل للأزمة الليبية سواءٌ في برلين أو غيرها من خلال حكومة وحدة وطنية تمثل أقاليم ليبيا التاريخية وبما يحقق توزيعا عادلا للثروات".
وهاجم صالح، بحسب إيجاز لنتائج لقائه بالوزير الإيطالي نشره موقع مجلس النواب الإلكتروني، الاتفاق الموقع بين طرابلس وأنقرة، معتبرا أنه "باطل وغير شرعي"، ومؤكدا على ترحيبه بمواقف الدول التي رفضت الاتفاق كاليونان ومصر.
وأكد مصدر حكومي في طرابلس وآخر برلماني من طبرق لـ"العربي الجديد"، أن زيارة الوزير الإيطالي لم ينتج عنها شيء حتى الآن. كما أن لقاءه بحفتر أُحيط بالكثير من السرية قبل أن يعلن عن دعوة وجهها لحفتر لزيارة روما.
وأكد مصدر حكومي في طرابلس، مفضلا عدم نشر اسمه، أن إيطاليا ستلعب دور الوسيط مرة أخرى بين حفتر والسراج، ولاسيما في ظل شدة الاستقطاب الدولية الحالية بشأن الحرب القائمة جنوب العاصمة.
وكان دي مايو قال للصحافيين، في مطار بنغازي، اليوم الأربعاء، إثر مغادرته لليبيا، إن حفتر "سيزور إيطاليا قريبا"، مشيرا إلى أن حكومة بلاده بصدد تعيين مبعوث خاص لليبيا من أجل "بناء علاقة سياسية رفيعة المستوى مكثفة مع جميع الأطراف الليبية"، وفق وكالة آكي الإيطالية.
ويضيف المصدر أن إيطاليا تحاول مجددا استعادة ريادتها في قيادة الملف الليبي، خصوصا بعد تقاربها الجديد مع فرنسا، مؤكدا أن الوزير قدم إلى ليبيا بموافقة أوروبية مدفوعة بانزعاج كبير من التواجد الروسي، ثم الرغبة التركية الكبيرة في التواجد العسكري بليبيا.
تخوف أوروبي من التحولات في ساحة الصراع الليبي
يقول الباحث في العلاقات الدولية، مصطفى البرق، إن الاهتمام الإيطالي بليبيا لا يعكس شيئا سوى الانزعاج والتخوف الأوروبي من تحول ليبيا إلى ساحة للصراع التركي الروسي على غرار سورية.
ويرجح البرق في حديثه لــ"العربي الجديد" "أن صراحة أنقرة وإعلانها عن الانحياز الكامل لحكومة الوفاق واستعدادها لتسليحها أمر قض مضاجع الكثيرين، ليس في أوروبا وموسكو فقط بل يبدو في واشنطن أيضا".
ولفت إلى قرار الكونغرس الأميركي بشأن رفع الحظر المفروض منذ عقود على تزويد قبرص بالأسلحة، معتبرا أنها رسالة أميركية لانقرة في وقت لا يزال الاتفاق البحري بينها وبين طبرق يشعل حوض المتوسط.
من جهته، يرى المحلل السياسي الليبي عبد الحميد المنصوري أن تصاعد الأحداث في المتوسط وارتباط الملف الليبي بالاشتباك السياسي فيه أبعد محيط طرابلس بشكل كبير عن محل اهتمام وأنظار المتابعين، معتبرا أن التصعيد له جانبان: الأول يخدم مصلحة حفتر بعد فشله وعجزه عن تحقيقه هدفه العسكري، خصوصا بعد انكشاف حقيقة قوته العسكرية بعد ساعة الصفر التي أطلقها الخميس الماضي، ولم يلبها أي من عسكرييه ومقاتليه، والجانب الآخر، بحسب المنصوري، يتوجه لخدمة الجهود الدولية الرافضه للحل العسكري، والذي أكده الوزير الإيطالي أمس، وضرورة عودة المسار السياسي.
ويرجح المنصوري في حديثه لــ"العربي الجديد" عدم حدوث أي مواجهة بين أنقرة وموسكو في ليبيا، مستشهدا باستمرار الاتصالات بين أردوغان وبوتين لبحث مستجدات الوضع في ليبيا، ما يشير إلى رغبة كلا الدولتين لتجنب صدام مباشر بينهما ومحاولة التوصل إلى تفاهم معين.
ويرى المنصوري أن توجيه روما لحفتر دعوة لزيارتها يعني رغبة أوروبية واضحة في إقناع حفتر بالعدول عن طموحه العسكري، مرجحا أن التحرك الدولي باتجاه وقف التوغل التركي والروسي في ليبيا قد يسرع من الجهود الرامية للضغط على الأطراف الليبية للقبول باستئناف العملية السياسية.
ويشير المنصوري إلى أن العودة لطاولة الحوار ستكون وفق قواعد جديدة، مشيرا إلى أنه أصبح لدى الحكومة أنصارها الجدد، ولم يعد ملف ليبيا محليا، بل أصبح إقليميا بامتياز بعد مشاركة حكومة الوفاق في النزاع الحاصل في المتوسط.