معركة الموصل وتحديات اللحظات الأخيرة

02 يوليو 2017
من معارك الموصل أمس السبت (مارتن آيم/Getty)
+ الخط -

لم ينتظر رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي حسم معركة الموصل بشكل كامل، حتى أعلن عن انتهاء تنظيم "داعش" في العراق، في وقت ما زال يسيطر فيه التنظيم على بعض المناطق في الموصل وأخرى خارج المحافظة، بينما تواصل القوات العراقية تقدمها لحسم المعركة. ومع هذا التقدم، يبدأ العد التنازلي لحسم معركة الموصل، التي استغرقت أكثر من تسعة أشهر، لتبرز تحديات جديدة أمام الحكومة العراقية، قد تعطل من سرعة حسم المعركة، في وقت يؤكد فيه مراقبون أهمية اتخاذ القرارات الحازمة من قبل الحكومة لحسم ما تبقى من مناطق المحافظة وإغلاق هذا الملف.

في هذا السياق، أفاد العقيد في عمليات "قادمون يا نينوى"، مرتضى الخزعلي، لـ"العربي الجديد"، بأنّ "القوات العراقية حسمت معركة الموصل بشكل شبه نهائي، وأنّ ما تبقى من المدينة لا يساوي إلّا نسبة صغيرة جدّاً قياساً بما تم تحريره". وأوضح أنّ "الأحياء التي ما زالت تحت سيطرة تنظيم داعش، هي باب الجسر وباب السراي وباب الشط وحي الطوالب"، مبيّناً أنّ "القوات تقترب من تلك الأحياء وتقاتل على حدودها". وأضاف أنّ "القوات تحقق تقدّماً واضحاً في سير المعارك، وأنّ التنظيم يعيش حالة إحباط وتراجع ولا يستطيع مقاومة القوات المتقدمة باتجاهه"، مشيراً إلى أنّ "الواقع الميداني يفرض تحديات على القوات العراقية المتقدمة، وخصوصاً وجود المدنيين، ما يحتّم عليها أن تتباطأ بتقدمها، وألا يكون التقدم على حساب المدنيين أو القوات الأمنية".

وأكد أنّ "نتائج المعركة بدت واضحة للعيان، وأن ما تبقى من عناصر التنظيم سيقتلون داخل المدينة، بعد أن أطبق الحصار عليهم وأغلقت جميع المنافذ بوجوههم"، لافتاً إلى أنّه "حسب التقديرات، فإنّه لا يوجد أكثر من 250 مقاتلاً من داعش داخل المدينة، وأنّ عدداً كبيراً منهم ليسوا عراقيين".

وأمس السبت، توغّلت القوات العراقية في عمق المدينة القديمة بالموصل، وحرّرت حي الشفاء بالكامل، وحي باب جديد، ومجمّع السرجخانة، وسوق الأربعاء والجسر الحديدي، مواصلة التقدم نحو ما تبقى في عمق المدينة.
وأشار مراقبون إلى أنّ "هناك تحديات كبيرة ما زالت تواجه القوات العراقية في الموصل، والتي قد تحتاج إلى وقت لإعلان النصر النهائي والحاسم فيها".

في هذا الصدد، قال الخبير العسكري، عبد العزيز الشيباني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "معركة الموصل في المدينة القديمة محسومة عسكرياً، وأنّ ما تبقى فيها من مناطق خاضعة لسيطرة داعش ستتداعى خلال الأيام القليلة المقبلة"، مؤكداً أنّ "عناصر التنظيم المحاصرين داخل المدينة لا يشكلون خطراً ولا يمكن لهم قلب موازين المعركة، لأنّهم لا يستطيعون التحرك، ولا يستطيعون الصمود لفترة طويلة".



ولفت إلى أنّ "التحدي الذي يواجه القطعات العراقية هو معركة تلعفر، والتي تضمّ قيادات وعناصر ليست قليلة تابعة للتنظيم"، مبيّناً أنّ "المشكلة تكمن بخطورة الخلاف بشأن القوات التي ستخوض هذه المعركة، خصوصاً أنّ مليشيا الحشد مصرّة على أن تدخل المعركة رغم كل الاعتراضات".

وحذّر من "خطورة أن يدب الخلاف بين القطعات العسكرية بسبب إصرار الحشد، الأمر الذي يتطلّب قراراً حاسماً وموقفاً رسمياً من رئيس الحكومة حيدر العبادي بتسليم ملف تلعفر للقوات النظامية، لتتم السيطرة على الموقف وحسم معركة الموصل بشكل كامل". واعتبر سياسيون عراقيون أنّ "النصر العسكري في الموصل يجب تعزيزه بنصر سياسي، وهو في صلب عمل الحكومة المسؤولة عن ذلك".

وقال نائب رئيس الجمهورية، إياد علاوي، في تصريح متلفز، إنّ "المعركة ضدّ تنظيم داعش لم تحسم بعد، وهناك صفحات أخرى يجب التعامل معها بحزم"، محذّراً من أنّ "تظهر جماعات أخطر من داعش، وأنّ التنظيم لا ينتهي بسهولة بسبب وجود خلاياه النائمة". وشدّد على أن "الانتصار العسكري لوحده غير كاف في العراق، ونحن بحاجة إلى انتصار سياسي في البلاد، من خلال توحيد المجتمع العراقي وتحقيق المصالحة الوطنية بين جميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية"، مضيفاً أنه "كما نحتاج إلى دولة مؤسسات في البلاد".

ودعا مسؤولون محليون إلى "وضع خطة أمنية لمرحلة ما بعد تحرير الموصل، تركز على الجانب الاستخباري لمنع تسلل عناصر داعش من جديد إلى المحافظة". وقال عضو مجلس المحافظة، عبد الرحمن الوكاع، في تصريح صحافي، إنّ "المرحلة المقبلة ستكون استخبارية لمحاسبة أي متورط مع تنظيم داعش، وذلك بالاعتماد على القوات الأمنية والجهات الاستخبارية".

وما أثار القلق في الموصل هو مرحلة ما بعد التحرير، وقدرة القوات على السيطرة على ملف المحافظة الشائك، والذي تتنازعه أطراف سياسية ومليشياوية، وتسعى كلّ منها لتحقيق مصالحها الخاصة، خصوصاً أنّ مليشيا "الحشد الشعبي" سيطرت على المحور الغربي للمحافظة الممتد حتى الحدود السورية.



المساهمون