حفتر.. مساعد الاستخبارات الأميركية الذي قسّم ليبيا ويعرقل السلام

18 اغسطس 2016
حفتر لا تعنيه الديمقراطية (دايفيد إنديرز/ Getty)
+ الخط -


في فبراير/شباط من العام 2014، بُعيد إسقاط نظام معمّر القذفي في ليبيا، قدّم الجنرال خليفة حفتر نفسه، بإعلانه الانقلاب العسكري، قائداً بديلاً يواجه "الجماعات الإسلامية"، لكنّ تلك الصورة لم تخف حقيقة تحوّله "عائقاً" في وجه استقرار البلاد.

قدّم حفتر، منذ أن كان ضابطاً شاباً، ولاءه المطلق للقذافي حتى العام 1987، حيث احتجز هو وأربعمائة آخرون من القوات الليبية، من قبل قوات معارضة في تشاد، عندما كان قائداً في حرب الزعيم الليبي هناك.

إلا أنّ حفتر انقلب على زعيمه عندما تنكّر القذافي لحملته الفاشلة في تشاد، وكذلك لأسرى الحرب الذين كان حفتر من ضمنهم. وانضم حفتر إلى جانب منشقّين آخرين في "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا"، التي كانت تخطط لإسقاط القذافي بدعم أميركي.

تقول صحيفة "واشنطن بوست الأميركية"، في تقرير نشرته اليوم الخميس، إنّ حفتر ورجاله تواصلوا أثناء تواجدهم في تشاد مع عملاء الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه"، بحسب مسؤولين سابقين كانوا منخرطين في العمليات المتعلقة بليبيا. فالرئيس الأميركي آنذاك رونالد ريغان وافق على عملية سرية في ليبيا، أطلق عليها شعار "توليب"، بهدف تقديم الدعم للمنشقين في وجه القذافي.

وبحسب ما يذكره مسؤول أميركي سابق للصحيفة، فإنّ الجنود المنشقين بقيادة حفتر تلقّوا تدريبات من قبل شخصيات في قسم النشاطات الخاصة بالـ"سي آي إيه"، الذراع شبه العسكري للوكالة، في حين رفضت وكالة الاستخبارات التعليق.

بعد ستة أشهر من فشل محاولة الانقلاب في العام 1990، نقلت طائرة أميركية عسكرية 350 منشقاً ليبياً إلى الولايات المتحدة. هناك، تدرب هؤلاء، وحفتر من بينهم، على استخدام الأسلحة في ريف فرجينيا، تحسباً لمحاولة انقلاب أخرى.

حفتر، الذي كان يقطن في شمال فرجينيا، انفصل حينها عن "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا"، لكنه بقي ناشطاً في صفوف المنشقين. وبعد الثورة الليبية في العام 2011، عاد حفتر إلى شمال أفريقيا، لكنه فشل في كسب تأييد القادة المؤقتين على رأس العمليات العسكرية المناهضة للقذافي.

وعندما عاد أدراجه إلى فرجينيا، قال حينها لمجلة "نيويوركر" إنّه عاد "للاستمتاع مع أحفادي".


لكن في فبراير/شباط العام 2014، أعلن حفتر في شريط مصوّر انقلاباً عسكرياً، متذرعاً بعدم قدرة الحكومة على مواجهة "الجماعات الإسلامية المسلحة". وأطلق "عملية الكرامة" التي فشلت في تحقيق انتصار عسكري محدد، وحوّلت بنغازي إلى مدينة منكوبة يعاني فيها المدنيون، وخلّفت انقسامات بين الليبيين.


وبحسب "واشنطن بوست"، فإنّ سكان طرابلس وبعض الأجزاء غربي ليبيا يصفون حفتر بأنّه "أخطر" من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

ويُقارن حفتر، الذي يحظى بدعم حلفاء من ضمنهم مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، بقائد الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي، حيث يتقاسم الرجلان الرغبة في إطاحة الإسلاميين في المنطقة.

ويرفض حفتر دعم "حكومة الوفاق الوطنية" التي تحظى بتأييد الأمم المتحدة، بشكل "بات يهدد انهيار المشروع الغربي في ليبيا، ويحوّل البلاد إلى ساحة للصراع المدني والنشاطات الإرهابية إلى أجل غير مسمى"، بحسب ما قاله المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر الأسبوع الماضي.

وعلى الرغم من تأييد مسؤولين أميركيين إعطاء حفتر دوراً في الحكومة، فإنّ الرجل يرفض قبول "دور ثانوي".
ويقول المتخصص في مجلس "أتلانتيك" محمد الجراح لـ"واشنطن بوست"، إنّ "حفتر ينوي بموقفه هذا تقديم نفسه على أنه الرجل الوحيد القادر على إنقاذ ليبيا". كما تنقل الصحيفة، عن مسؤول سابق في الخارجية الأميركية قوله إنّ "حفتر لا تعنيه الديمقراطية.. ولا أعتقد أنه مهتم أيضاً بالتوصل إلى سلام".