وسجّلت مدن عراقية عدة خلال الأيام الماضية تراجعاً في مستوى ووتيرة الاعتداءات، مقارنةً بما كانت عليه الحال قبل أسابيع قليلة، حين خلّفت هجمات متتالية لـ"داعش" عشرات القتلى والجرحى، في محافظات الأنبار وديالى وصلاح الدين ونينوى.
وبحسب مسؤولٍ رفيع في الحكومة العراقية، تحدث لـ"العربي الجديد" عبر الهاتف من مكتبه وسط بغداد، فإن معلومات استخبارية، واعترافات مشتبه فيهم، قادت إلى إحباط هجومٍ كبير خطّط له "داعش"، ضمن "غزوته" لشهر رمضان، في إطار ما اعتبره أيضاً ثأراً لمقتل زعيمه أبو بكر البغدادي (قتل بعملية أميركية في إدلب السورية في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي). وتحدث المصدر عن تمكن القوات العراقية وأجهزة مكافحة الإرهاب والاستخبارات، من مصادرة أسلحة وأحزمة ناسفة وضبط سيارات معدة للتفخيخ، خلال عمليتها الاستباقية هذه، بالإضافة إلى قتل عددٍ من أعضاء التنظيم، واعتقال آخرين، خططوا لتنفيذ هجماتهم في العشر الأواخر من شهر رمضان، في الأنبار وديالى وصلاح الدين ونينوى، وفي مناطق أخرى وسط العراق، ما كان ليودي، لو نجح، بعددٍ كبير من الضحايا.
وأكد مسؤول آخر في وزارة الدفاع العراقية لـ"العربي الجديد" هذه المعلومات، لافتاً إلى أن القوات العراقية "لا تزال تلاحق أهدافاً على صلة بالمخطط الإرهابي". وعلى الرغم من أن الإعلان الرسمي عن تفاصيل العملية، سيتم في وقت لاحق، بحسب المصدر، إلا أنه أوضح أن التنظيم حاول استغلال شهر الصوم كمناسبةٍ دينية، وكذلك إجراءات حظر التجول بسبب فيروس كورونا المستجد، وانشغال القطعات الأمنية والعسكرية في تطبيق الحظر في المدن العراقية، إلا أن المعلومات الاستخبارية أدت دورها الحاسم في إفشال "الغزوة"، والقضاء على مخطط خطير كان يُحضّر له.
بدوره، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، عباس صروط، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "المعلومات الاستخبارية دفعت القوات العراقية لتنفيذ عمليات استباقية أفشلت مخططاً دموياً لداعش في العراق، كان يستهدف أيضاً العاصمة بغداد"، لافتاً كذلك إلى تراجع قدرات التنظيم أخيراً، على الرغم من مواصلته محاولاته لتنفيذ عمليات إرهابية نوعية، واستغلال أي ظرف متاحٍ له في العراق". ورأى صروط "إمكانية الحديث عن اختلاف حكومة مصطفى الكاظمي في تعاطيها مع هذا الملف، إذ إنها أولت اهتماماً واضحاً به منذ أيامها الأولى، لاسيما في الجانبين الاستخباري والمعلوماتي، وهو أمرٌ يحسب لصالحها". ولفت النائب العراقي، في هذا الخصوص، إلى ضرورة الاستمرار في مثل هذا النوع من العمليات الاستباقية النوعية، المبنية على المعلومات الاستخبارية، حتى بعد فشل "الغزوة" الداعشية، لمنع أخرى محتملة، وكي يتم القضاء على كل خلايا التنظيم المنتشرة في كافة الأراضي العراقية.
وتعليقاً على العملية، أوضح الخبير الأمني المقرب من أجهزة الاستخبارات العراقية، فاضل أبو رغيف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التنظيمات الإرهابية تسعى على الدوام إلى استغلال المناسبات الدينية لتنفيذ اعتداءاتها، وهو أمر مألوف مع داعش منذ سنوات". وأعاد أبو رغيف التأكيد على "الإحباط التام لعملية داعش خلال رمضان 2020، واعتقال خلايا إرهابية في الأنبار، بالإضافة إلى مجموعة من الانتحاريين في المحافظة، وكذلك مجموعات أخرى في غرب نينوى وصلاح الدين وجنوب غرب بغداد، كانت تخطط لهجمات ضخمة". وإذ أكد بدوره على استمرار "العملية نوعية على الرغم من إحباط" المخطط، لفت إلى أن التنظيم "بات مخترقاً من قبل الأجهزة الأمنية العراقية، وهو عامل مهم في إفشال أي مخطط لتنفيذ اعتداءات".
وتحدثت قيادة العمليات المشتركة يوم السبت الماضي، عن إعداد خطط لملاحقة بقايا مقاتلي تنظيم "داعش" في العراق. ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن المتحدث باسم القيادة، تحسين الخفاجي، قوله إن توجيه رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، هو "لضرورة الاستمرار في ملاحقة بقايا عصابات داعش الإرهابية، وإنهاء تواجدها، ومنعها من العبث في قوت البلد ومقدراته الاقتصادية والزراعية". وشدّد الخفاجي على "تصميم وإصرار العمليات المشتركة على مطاردة وملاحقة التنظيمات التي تحاول بين الفينة والأخرى حرق المحاصيل الزراعية، وذلك من خلال تنفيذ عمليات إعادة انتشار للقوات الأمنية، ومواصلة إعداد وتطوير الخطط المرتبطة بهذا الملف".