الانتخابات الإيرانية... سجال إصلاحي ــ محافِظ

01 مارس 2016
انتصار مهم لـ"المعتدلين" والإصلاحيين (سكوت بيترسون/Getty)
+ الخط -


كان لصدور نتائج الانتخابات التشريعية الإيرانية وانتخابات مجلس خبراء القيادة في طهران دون سواها، صدى كبيراً في الداخل الإيراني، إذ أحرز "المعتدلون" و"الإصلاحيون" انتصاراً لم يكن متوقعاً بالنسبة لكثيرين، ولا سيما أنه تحقق في دائرة طهران الانتخابية، وهي الدائرة الأكثر أهمية في كلا المجلسين. فاز غالبية المرشحين عن قائمة "رفاق الاعتدال" في طهران، بمعظم مقاعد العاصمة في مجلس الخبراء، المسؤول عن عمل المرشد الأعلى واختياره. وحلّ رئيس مجمّع تشخيص مصلحة النظام أكبر هاشمي رفسنجاني في المرتبة الأولى، فيما جاء الرئيس الحالي حسن روحاني في المرتبة الثالثة، بينما تراجع المحافظون بشكل كبير في هذه الدائرة خصوصاً، لدرجة أن رئيس الخبراء الحالي محمد يزدي، فشل في حجز مقعده.

لم يكن هذا مستغرباً ومفاجئاً بقدر نتائج انتخابات البرلمان عن الدائرة ذاتها، فحصول كافة أعضاء لائحة "الأمل" الإصلاحية على كل مقاعد طهران، البالغ عددها ثلاثين مقعداً من أصل 290، هو ما وقف بوجه وصول أي مرشح عن لائحة "ائتلاف المحافظين" للبرلمان الجديد، وهو ما ينبئ بعودة قوية للإصلاحيين إلى المشهد السياسي في إيران. يعود الفضل لهذه العودة، إلى "المعتدلين" من المحافظين والإصلاحيين على حد سواء، فهذا التيار الذي يتزعمه عملياً روحاني ويدعمه رفسنجاني، استطاع مساعدة الإصلاحيين في هذه المهمة، فلائحة "الأمل" هي القائمة الوحيدة التي قدّمها التيار الإصلاحي رسمياً، ولكنها مكوّنة في غالبيتها من مرشحين محسوبين على "الاعتدال"، وسبب اضطرار الإصلاحيين لاتباع هذه السياسة في الاستحقاق الانتخابي، هو استبعاد عدد كبير من مرشحيهم من قبل لجنة صيانة الدستور.

اقرأ أيضاً: "لائحة الأمل" الإصلاحية تحصد مقاعد طهران في البرلمان الجديد

هذه النتيجة منحت بريق أمل للإصلاحيين، والطمأنينة لـ "المعتدلين"، كون البرلمان المقبل سيكون أكثر انسجاماً وأكثر مرونة في التعامل مع خطط روحاني. لكن لا يمكن إغفال أن المحافظين تقدّموا في مناطق أخرى غير طهران، سواء في انتخابات البرلمان، أو في انتخابات مجلس خبراء القيادة. كثيرون تنبهوا لهذه النقطة من ساسة الداخل، فدعا عدد من المسؤولين الحاليين إلى تحقيق الانسجام الداخلي، والعمل بشكل أفضل لتحقيق مطالب المواطن الإيراني الذي خرج بكثافة نحو صناديق الاقتراع، بغية تحقيق الوعود التي قدّمتها له الحكومة من جهة ومرشحو البرلمان الجدد من جهة أخرى.

وفي ذات السياق، نشرت بعض المواقع الإيرانية إبان صدور النتائج الرسمية، بياناً موقّعاً من الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، أثنى فيه على المشاركة الكثيفة في الانتخابات، التي اعتبر أنها تعني التصويت للمرشحين الذين سيحققون أمن وتطور البلاد ويدعمون نظامها. وأضاف خاتمي أن الكل في الداخل يريدون إبعاد التهديدات عن البلاد، ويرجحون تحقيق الانسجام، قائلاً إنه يأمل أن ينتهي سوء التفاهم في الداخل، وبأن يعمل الكل لنصرة الثورة الإسلامية. لكن دعوة خاتمي للانسجام قد لا تحقق، فالتنافس بين التيار الإصلاحي والمحافظ طبيعي ودائم، ومن المتوقع أن يبقى حاضراً في المشهد السياسي الإيراني، حتى بوجود هذه النتائج عن دائرة طهران.

وتعليقاً على النتائج أيضاً، كان رئيس السلطة القضائية صادق آملي لاريجاني، والذي فاز بالمرتبة الأولى في محافظة مازندران وحجز مقعده في مجلس الخبراء، قد اعتبر أن بعض الأطراف في الداخل تناغمت مع بعض وسائل الإعلام الأجنبية، وعلى رأسها تلك البريطانية والأميركية والمحسوبة على وسائل الإعلام السعودية، لافتاً إلى أن بعض إصلاحيي الداخل حاولوا منع وصول "خادمي الشعب" في عدد من المحافظات لمجلس خبراء القيادة. وأضاف أن "وسائل الإعلام تلك تسعى منذ شهرين تقريباً لتخريب الانتخابات، ويشارك في هذه العملية بعض الفارين من البلاد المسؤولين عن فتنة عام 2009، والذين يحصلون على أرزاقهم وأموالهم من الغرب، لكن المؤسف هو مشاركة البعض في الداخل في هذه الأمور بدلاً من أن يتحلوا بوعي كافٍ ويميزوا مصالح النظام"، متسائلاً عما إذا كان التناغم مع الأجانب والغرباء يصب لمصلحة البلاد.

هذه التصريحات وغيرها، وواقع أن المحافظين ما زالوا حاضرين في مراكز صنع القرار الإيراني بغالبيتها، وحتى في مجلس الخبراء والبرلمان الجديدين، تعني أن السجال سيبقى مستمراً، لكن يبدو أن الحكومة برئاسة روحاني تعمل على تحقيق تقارب ولو نسبيا، وهو ما يحقق بعض سياساتها.

اقرأ أيضاً: الانتخابات الإيرانية: المعتدلون يتقدمون بمجلس الخبراء وتراجع المحافظين