وقال "مركز أبحاث الأمن القومي"، وهو أهم مراكز التفكير الإسرائيلية، إن اتفاق الولايات المتحدة مع "طالبان" يمكن أن يمس البيئة الاستراتيجية لإسرائيل ويقلص من قدرة تل أبيب على تحقيق مصالحها الأمنية الكبيرة التي ترتبط بوجود الجيش الأميركي داخل أفغانستان.
وفي تقدير موقف، نشر اليوم، بعنوان "صفقة مع الشيطان"، أعده كل من دانيال شابيرو، السفير الأميركي السابق في تل أبيب، والعقيد إلداد شفيت، الذي عمل مساعداً لقائد لواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وشغل موقعاً أمنياً في ديوان رئيس الحكومة، والباحث آريي هييستمان، لفت المركز إلى التسريبات التي تؤكد أن إسرائيل تستغل حالياً الوجود الأميركي داخل أفغانستان في جمع معلومات استخبارية عن إيران، محذراً من أن الانسحاب الأميركي من هناك، كما ينص الاتفاق، يعني عدم تمكن تل أبيب من مواصلة تأمين مصالحها الأمنية.
في الوقت ذاته، اعتبر معدو التقدير أن إقدام إدارة الرئيس دونالد ترامب على التوقيع على الاتفاق من دون الرجوع إلى الحكومة الأفغانية التي تعد حليفة للولايات المتحدة، يرسل مؤشرات بالغة السلبية لإسرائيل ويدل على أن هذه الإدارة يمكن أن تقدم على خطوات تمس مصالح تل أبيب من دون التشاور معها أو أخذ مصالحها بالاعتبار.
إلى جانب ذلك، فقد انتقد معدو التقدير بشدة التساهل الذي أبدته الولايات المتحدة في إدارة التفاوض مع "طالبان"، وأشاروا إلى أن الاتفاق لم يتضمن منظومة رقابة قوية تضمن إلزام "طالبان" ببنوده، محذرين من إن إدارة ترامب يمكن أن تقدم على التوقيع على اتفاق "بهذه العيوب" مع إيران حول مستقبل برنامجها النووي.
واعتبر التقدير أن اضطرار الولايات المتحدة للتوصل لاتفاق مع "طالبان" يمثل إقراراً بالعجز عن حسم المواجهة العسكرية معها التي امتدت لأكثر من عشرين عاماً، مشيراً إلى أن هذا الاتفاق يشي بمحدودية قدرة دولة عظمى على تحقيق إنجازات في مواجهة حركة تعتمد أساليب العصابات.
واعتبر التقدير أن إيران تعد أحد الأطراف "الرابحة" من الاتفاق، على اعتبار أن طهران كانت دائما تطالب بإجلاء القوات الأميركية من المنطقة وتحديداً من جارتها الشرقية، محذراً من أن التوصل للاتفاق يعزز الانطباع السائد لدى دوائر صنع القرار في طهران بأن ترامب معني بتجنب مواجهات عسكرية في الشرق الأوسط.
ولفت المركز إلى أن الاعتبارات الداخلية لعبت دوراً مركزياً في دفع ترامب للتوصل لاتفاق مع "طالبان"، فهو معني بتقديم إنجازات على صعيد السياسة الخارجية، على اعتبار أنه سبق أن قدم تعهدات بسحب القوات الأميركية خلال حملته الانتخابية في 2016.
ورجح التقدير أن الولايات المتحدة كانت تخطط للانسحاب بشكل أحادي الجانب لو لم يتسنَ التوصل للاتفاق.
وحسب التقدير، فإن الاتفاق قد أفضى إلى حدوث انقسام داخل الحزب الجمهوري، حيث إن 20 من أعضاء مجلس الشيوخ حذروا من خطورة أن توكل إلى "طالبان" مهمة الحفاظ على الأمن في أفغانستان وأن تكون هذه الحركة مفوضة بعدم تحول البلاد إلى ساحة انطلاق للعمل ضد الولايات المتحدة ومصالحها.