مظاهرات الجزائر بأسبوعها الـ39: تضامن مع فلسطين... و"لا عودة إلى الوراء"

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
15 نوفمبر 2019
02CB9FCD-A142-4EC4-880B-2015C3A2DCEE
+ الخط -
تجددت مظاهرات الحراك الشعبي، اليوم الجمعة، في العاصمة وعدد من المدن الجزائرية رفضا للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في الـ12 من ديسمبر/ كانون الأول المقبل، في ظل بقاء رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ورفض هيمنة الجيش على القرار السياسي وتحرير الصحافة والعدالة. ووجهت المظاهرات تحية نضالية إلى الشعب الفلسطيني وإلى سكان قطاع غزة المحاصر عقب الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة.

ولم تمنع الأمطار وحبات البرد المتظاهرين من الخروج إلى الشارع لتجديد الموقف والمطالب. والتحم مصلون خرجوا من مسجد الرحمة، وسط العاصمة الجزائرية، مع الآلاف من المتظاهرين كانوا بانتظارهم في شارع ديدوش مراد المحاذي، ليشكلوا مسيرة كبيرة اتجهت إلى ساحة أودان والبريد المركزي، حيث كانت حشود أخرى من المتظاهرين الذين قدموا من الشوارع والأحياء الشعبية للعاصمة، في الجمعة 39 من الحراك الشعبي، التي كان عنوانها المركزي رفض إجراء انتخابات ديسمبر المقبل وإعلان أنه "لا عودة إلى الوراء".

وهتف المتظاهرون بشعارات "لا انتخابات مع العصابات"، و"نحن أولاد عميروش (أحد أبرز شهداء ثورة التحرير) إلى الوراء ما نلووش (لا نعود الى الوراء)"، ورددوا مطولا "ماكانش الفوط والله ما تديروا، بدوي وبن صالح (رئيسا الحكومة والدولة) لازم يطيرو، ولو بالرصاص علينا تيرو (ولو أطلقتم علينا الرصاص) والله مارانا حابسين (لن نتوقف عن التظاهر)".

 ورفعت صور المرشحين الخمسة وعليها شارات حمراء خاصة، ووصفوا بأنهم أيتام بوتفليقة وأبناء النظام، في رسالة سياسية واضحة إليهم برفضهم من قبل الشارع ورسالة إلى السلطة والجيش بعدم وجود أي تنازل من قبل الحراك الشعبي بشأن السماح للسلطة بتمرير الانتخابات الرئاسية بمرشحين خمسة كلهم من المحسوبين على النظام السابق وعملوا في فترات متفرقة معه.


المتظاهرون لقائد الجيش: دولة مدنية وليس عسكرية

ولم يتخلف المتظاهرون عن توجيه رسالة إلى قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، لثنيه عما يعتبره المتظاهرون استمرار ضغطه على مؤسسات الدولة وفرض مسار سياسي وانتخابي غير توافقي.

 ورددوا شعار "اسمع يالقائد دولة مدنية، وليس عسكرية"، و"لا لحكم الجنرالات"، في إشارة إلى رغبة الجزائريين في إنهاء هيمنة المؤسسة العسكرية على القرار والخيارات السياسية للبلاد منذ الاستقلال عام 1962، وخاصة أن الجيش ظل الفاعل المركزي في التاريخ السياسي للجزائر عبر مختلف المحطات والأزمنة السياسية. 

وعادت الشعارات اليسارية بلونها الأحمر إلى الحراك، واستلهم متظاهرون من أغاني الشيخ إمام بعض المقاطع لصياغة شعارات، على غرار لافتة حمراء كتب عليها "عمال وفلاحين وطلبة ثورة الزوالية".

ورفعت في مظاهرات اليوم صور الناشطين الموقوفين في السجون بسبب مواقفهم السياسية ومشاركتهم في مظاهرات الحراك الشعبي، وعلى رأسهم أحد قادة ثورة التحرير الجزائرية المناضل لخضر بورقعة، وطالبت الشعارات بالإفراج عنهم.

وما زالت العدالة ضمن أبرز العناوين السياسية لمظاهرات الحراك الشعبي، حيث ندد المتظاهرون باستمرار الضغوط على العدالة وصدور أحكام وصفت بغير العادلة على ناشطين في الحراك، الثلاثاء الماضي، كما طالبوا بتحرير الصحافة والإعلام.

وشاركت في مظاهرات اليوم عائلات المفقودين من المختطفين قسراً خلال الأزمة الأمنية العنيفة التي شهدتها الجزائر في التسعينيات، ورفعوا لافتة كبيرة تتضمن صور المفقودين كتب عليها "نريد العدالة ويجب أن تظهر الحقيقة".

كما شاركت مجموعة من مناضلي "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، ورفعت صور عدد من السجناء السياسيين المحكوم عليهم منذ بداية التسعينيات من قبل محاكم خاصة وغير دستورية، بتهمة الانتماء إلى جبهة "الإنقاذ المحظورة".

ونشرت السلطات الجزائرية قوة أمنية كبيرة في محيط شوارع العاصمة وساحتها المركزية التي تحتضن في الغالب المظاهرات. ويتعمد المتظاهرون ترديد هتافات موجهة لرجال الشرطة، تدعوهم لاتخاذ موقف مشرف من الأحداث والمسارات السياسية الراهنة في الجزائر، على غرار هتافات تقول "انتو تعسوهم (أنتم تحرسون المسؤولين)، واحنا نحوهم (ونحن سنقتلعهم)".

 كما استمرت السلطات في تنفيذ تدابير الإغلاق على العاصمة الجزائرية، ونشرت الحواجز الأمنية في المدخل الشرقي خاصة، الذي يربط العاصمة بالولايات الشرقية ومنطقة القبائل، لمنع وصول أكبر عدد ممكن من المتظاهرين من هذه الولايات.

 وخرج الآلاف من أحرار قسنطينة في مسيرة حاشدة رفضا للانتخابات ودعوة لتمدين الحكم في الجزائر، وقال نبيل لحرش، وهو أحد الناشطين فيها، إنها تستهدف الرد على مسيرة "خجولة" نظمها مؤيدو الانتخابات، أمس الخميس، في وسط مدينة قسنطينة.

 وقال لحرش لـ"العربي الجديد"، إن "التلفزيون العمومي يصور المسيرات الخجولة الداعمة للانتخابات وقائد الجيش، والتي لا يتجاوز عدد المشاركين فيها الخمسين، ويقول إنها تمثل الشعب، اليوم نخرج لكي يرى التلفزيون ومن وراءه وقائد الجيش من هو الشعب الحقيقي وما هو الموقف الحقيقي الذي يتبناه". 

وسارت وسط مدينة ميلة، شرقي الجزائر، مسيرة تقدمها عدد من الناشطين رفضا "لإجراء الانتخابات مع حكومة العصابات"، وقال رشيد بوطلاعة، وهو إعلامي وناشط يشارك للمرة 38 في المظاهرات، إن "إجراء الانتخابات الرئاسية بالمرشحين الخمسة وبحكومة بوتفليقة يعني أمراً واحداً، وهو تجديد النظام لنفسه بالقوة وبسطوة الجيش، وهذا أمر يرفضه الشعب بوضوح".

وعمت المظاهرات ولايات برج بوعريريج وسطيف وعنابة، شرقي الجزائر، برغم البرد والأمطار، كما انتظمت بمدينة تيزي وزو، عاصمة منطقة القبائل، وبجاية والبويرة مسيرات حاشدة تعزز موقف الحراك وتشدد على رفض إجراء الانتخابات تحت أي ظرف كان.  

وبولايات ورقلة، جنوبي الجزائر، قاد ناشطون مظاهرة حاشدة وسط المدينة رفضا لما وصفوه بمحاولات فاشلة للسلطة للتلاعب بمصير الجزائريين.

وقال الناشط البارز في الحراك الشعبي وفي الحركة المدنية في الجنوب محاد قاسمي، لـ"العربي الجديد"، إن خروج المسيرات في منطقة الجنوب وولاياته "المحرومة والمهمشة، دليل على أن المسألة والمطلب الديمقراطي للجزائريين هو واحد مهما كانت اختلافاتهم السياسية والمناطقية".

وأضاف قاسمي أن "ولايات الجنوب هي الأكثر ثراء ولكنها أيضا هي الأكثر فقرا وتهميشا نتيجة سياسات النظام، وإذا فاتتنا فرصة الحراك لإنهاء هذا النظام وإقامة حكم ديمقراطي يعنى بالعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة وسمحنا له بتجديد نفسه في انتخابات صورية، فسنعيش عقودا أخرى من التهميش".


"فلسطين في العيون"

ووجهت مظاهرات الحراك في الجمعة 39 تحية نضالية إلى الشعب الفلسطيني وإلى سكان قطاع غزة المحاصر عقب الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على القطاع وعلى المقاومة، والتي أدت إلى استشهاد مقاومين وأطفال وتدمير منازل.

ورفع المتظاهرون العلم الفلسطيني والكوفية في رسالة رمزية لدعم المقاومة ونضال الشعب الفلسطيني، وهتفوا بشعار معروف في الجزائر "فلسطين الشهداء"، و"فلسطين في العيون، نفنى ولا تهون".

وقال نور الدين خنديد، وهو أحد المشاركين في المظاهرات، إن الشعب الجزائري "لا ينسى القضية الفلسطينية مهما كانت الظروف وتحت أي واقع سياسي كان"، موضحا أن "الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة على إخواننا في غزة، تؤكد ضرورة تحرير بلداننا من الأنظمة المرتعشة لمساعدة الفلسطينيين على استعادة حقهم المشروع".

كما غرد ثلاثة من المرشحين الخمسة للانتخابات الرئاسية دعما لغزة وإدانة للعدوان الإسرائيلي.

وتأتي مظاهرات الجمعة الـ39 من الحراك قبل ثلاثة أيام من بدء الحملة الانتخابية للرئاسيات، الاثنين المقبل. وتعزز هذه المظاهرات وتمسك الحراك الشعبي برفضه للانتخابات والمرشحين مخاوف جدية من صعوبات وتوترات محتملة سيواجهها المرشحون الخمسة والسلطات في إجراء وتنشيط التجمعات الانتخابية واللقاءات الحوارية لشرح برامجهم.

ذات صلة

الصورة
جنود الاحتلال قرب مقر أونروا في غزة بعد إخلائه، 8 فبراير 2024 (فرانس برس)

سياسة

أقر الكنيست الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، تشريعاً يحظر عمر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) داخل الأراضي المحتلة.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة
تظاهرة في الجزائر دعما لغزة / أكتوبر 2023 (العربي الجديد)

سياسة

جددت أحزاب سياسية في الجزائر مطالباتها السلطة بفتح الفضاءات العامة والسماح للجزائريين بالتظاهر في الشارع دعماً للشعبين الفلسطيني واللبناني وإسناداً للمقاومة.
الصورة
عماد أبو طعيمة لاعب فلسطيني استشهد في غزة 15/10/2024 (إكس)

رياضة

استشهد لاعب نادي اتحاد خانيونس، عماد أبو طعيمة (21 عاماً)، أفضل لاعب فلسطيني شاب في بطولة فلسطين للشباب 2022، وذلك في قصف إسرائيلي جنوبي قطاع غزة.

المساهمون