النظام يفتك بمدنيي إدلب ويوسع دائرة الاستهداف لريف حلب

30 مايو 2019
استهدف الطيران الروسي السوق الشعبي في كفر حلب(فرانس برس)
+ الخط -

وسّع النظام السوري، وحلفاؤه الروس، نطاق المناطق المستهدفة في شمال غربي سورية، حيث بدأ حملة قصف جديدة شملت بلدات وقرى خارجة عن سيطرته في ريفي حلب الغربي والجنوبي، والتي بقيت طيلة الفترة الماضية خارج نطاق الاستهداف المباشر، بعد أن وضع النظام ثقله العسكري في ريفي حماة وإدلب لقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين. كما واصلت قوات النظام، أمس الأربعاء، حملة القصف على ريف إدلب، مرتكبة مجازر جل ضحاياها من النساء والأطفال.

وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إن 14 مدنياً، جُلّهم من النساء والأطفال، قُتلوا، وأصيب آخرون أمس الأربعاء، جرّاء غارات جويّة للطائرات الحربية والمروحية التابعة لسلاحي الجو الروسي والسوري، على قرى وبلدات ريف محافظة إدلب شمالي سورية. وأوضحت أن الطائرات الحربية التابعة لقوات النظام "قصفت بصواريخ شديدة الانفجار منازل المدنيين في بلدة سرجة بريف إدلب الجنوبي، ما أدّى إلى مقتل سبعة مدنيين كحصيلة أولية، بينهم خمس نساء وطفل، وإصابة أكثر من خمسة". وأشارت إلى أن طائرة حربية روسية شنت أيضاً غارات جويّة بالصواريخ الفراغية استهدفت بلدة الهبيط في الريف ذاته، ما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين. كما ألقت مروحيات النظام عدداً من البراميل المتفجرة على بلدة البارة جنوبي إدلب، فجر الأربعاء، ما أدّى إلى مقتل رجل وأطفاله الثلاثة، وإصابة آخرين بجروح خطيرة. ونشر ناشطون محليون صوراً ومقاطع فيديو تبيّن فداحة المأساة التي يعيشها السوريون في محافظة إدلب ومحيطها.

من جانبه، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الأربعاء، أن طائرات النظام الحربية قصفت مناطق خان شيخون وكنصفرة وسفوهن وعابدين وسرجة وكرسعا ومعرزيتا وأطراف مصيبين وقميناس وأرينبة ومحيط الترنبة والنقير وكفرسجنة ومعرة حرمة والركايا ضمن القطاع الجنوبي من ريف إدلب. ومن الواضح أن القصف الجوي الكثيف، الذي يحصد أرواح مدنيين بشكل يومي، يأتي في سياق التمهيد الناري لقوات النظام كي تتقدم باتجاه بلدة الهبيط بعد السيطرة على بلدة كفرنبودة قبل أيام. وذكرت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام الأربعاء أن قوات النظام "مهدت نارياً لاقتحام بلدة الهبيط بريف إدلب الجنوبي". وبدأت تتعالى أصوات المدنيين في محافظة إدلب لمطالبة فصائل المعارضة السورية بفتح كل جبهات القتال مع قوات النظام لوقف حملة القصف على المدنيين من قبل روسيا وهذه القوات، التي تساندها مليشيات تتوعد الأهالي بالانتقام منهم، وهو ما يدفع المدنيين للنزوح شمالاً بحثاً عن مناطق آمنة غير بعيدة عن الحدود السورية التركية. ومن الواضح أن الجانب التركي يتحاشى إعلان انهيار التفاهمات مع الجانب الروسي في محافظة إدلب، للحيلولة دون انفجار القنبلة البشرية، والتي من المتوقع أن تصل آثارها إلى الأراضي التركية، من خلال موجات لجوء كبرى يبدو أن أنقرة تحاول تفاديها قدر الإمكان.




ووسع النظام السوري والجانب الروسي دائرة الاستهداف بهدف تحويل كل المناطق الخارجة عن سيطرته إلى مناطق ساخنة لتهجير أكبر عدد ممكن من المدنيين. وطاول القصف بلدات في عمق محافظة إدلب، إضافة الى بلدات أخرى في ريف حلب الغربي، الذي قتل فيه، أول من أمس الثلاثاء، 10 مدنيين، بينهم امرأة وثلاثة أطفال، إثر استهداف الطيران الروسي بالصواريخ السوق الشعبي وسط بلدة كفر حلب بريف حلب الغربي. كما طاول قصف روسي بالصواريخ محيط مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، وبلدة البوابية بريف حلب الجنوبي، ما أدى إلى مقتل وإصابة مدنيين، واندلاع النار في مساحات كبيرة من المحاصيل الزراعية.

وحول الأسباب التي تدفع النظام لاستهداف ريف حلب، قال القيادي في الجيش السوري الحر مصطفى سيجري، لـ"العربي الحديد"، إن "الأمور تزداد سوءا بين أنقرة وموسكو، والأخيرة تجيد ممارسة البلطجة أثناء العملية التفاوضية، من خلال إفساح المجال لنظام (بشار) الأسد لممارسة مزيد من الجرائم". وأضاف "دخلنا المرحلة الأصعب والأعقد فيما يخص علاقة الروس والأتراك بالملف السوري، وندرك أننا بتنا أمام معركة مفتوحة والتعاطي معها سيكون على هذا الأساس".

بموازاة ذلك، تتابعت خلال اليومين الأخيرين تصريحات مسؤولين في النظام تؤكد عزم الأخير استعادة محافظة إدلب حرباً، ما يعني نسف اتفاق سوتشي المبرم مع الجانب التركي في سبتمبر/أيلول الماضي. ونقلت وسائل إعلام تابعة للنظام، أمس الأربعاء، تصريحات لنائب وزير الخارجية والمغتربين في حكومة النظام فيصل المقداد قال فيها إن "القرارين السياسي والعسكري لتحرير إدلب موجودان، وتحريرها مسألة وقت". كما زعم مندوب النظام لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، خلال جلسة لمجلس الأمن حول سورية عُقدت الثلاثاء الماضي، أن ما أسماها بـ"التنظيمات الإرهابية تتخذ من المدنيين في محافظة إدلب دروعاً بشرية"، في محاولة لقلب الحقائق على الأرض التي تؤكد استخدام النظام والروس لسياسة الأرض المحروقة في شمال غربي سورية، والتي أدت إلى مآسٍ تكاد تصل حدود الكوارث وفق منظمات مختصة. ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 301 مدني، بينهم 72 طفلاً و63 امرأة، منذ الثلاثين من إبريل/نيسان الماضي، وحتى أمس الأربعاء، بقصف جوي ومدفعي من قبل قوات النظام والجانب الروسي. ونقلت وكالة "رويترز" عن "اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية"، وهو منظمة غير حكومية طبية مقرها الولايات المتحدة، تأكيده أن القصف على محافظة إدلب ومحيطها أودى بحياة 229 مدنياً، وأصاب 727، منذ 28 إبريل الماضي.