الرئيس العراقي يعلن استعداده للاستقالة ويرفض تكليف العيداني

26 ديسمبر 2019
صالح غادر بغداد متجهاً إلى السليمانية (أنطوان جيوري/Getty)
+ الخط -
أعلن الرئيس العراقي برهم صالح، اليوم الخميس، استعداده للاستقالة من منصبه، مؤكداً في خطاب وجّهه إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، أنه وضع استعداده للاستقالة أمام أعضاء مجلس النواب "الذين لهم الحق في تقرير ما يرونه مناسباً".

وأكد صالح رفضه تكليف مرشح تحالف "البناء" المدعوم من إيران، أسعد العيداني (محافظ البصرة)، مضيفاً "أعتذر عن عدم تكليفه مرشحا عن كتلة (البناء) بعدما وصلت إلى رئاسة الجمهورية عدة مخاطبات حول الكتلة الأكثر عددا يناقض بعضها البعض الآخر".

وأشار إلى أن رئيس البرلمان أرسل خطاباً، في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، يؤكد فيه أن "البناء" هي الكتلة الكبرى في البرلمان، والمعنية بترشيح رئيس الوزراء، موضحا أنه رفض القيام بترشيح شخصية من هذه الكتلة.

ولفت الرئيس العراقي إلى أن موقعه "يحتم عليه صون الدستور وحمايته، والحفاظ على استقلال العراق وسيادته ووحدته وسلامة أراضيه، فضلا عن الحق في تكليف مرشح الكتلة الكبرى بتشكيل الحكومة من دون أن يكون له حق الاعتراض".

وتابع: "بما أن موقفي المتحفظ من الترشيح الحالي يعد إخلالا بنص دستوري، لذلك أضع استعدادي للاستقالة من منصب رئيس الجمهورية أمام أعضاء مجلس النواب".

وقال صالح: "لا خير يرتجى في موقع أو منصب لا يكون في خدمة الناس، وضامنا لحقوقهم"، مبيناً أن الحراك السياسي والبرلماني "يجب أن يكون معبراً عن الإرادة الشعبية العامة، وعن مقتضيات الأمن والسلم الاجتماعيين، وتوفير حكم رشيد يرتقي إلى مستوى تطلعات الشعب وتضحياته".


إلى ذلك، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ"العربي الجديد"، إن إعلان برهم صالح عن استعداده للاستقالة جاء بعد اجتماع مع قيادات سياسية، رفض خلاله الانصياع إلى الضغوط التي مورست عليه لتمرير العيداني رئيسا للوزراء، مبينة أن "كتلة البناء أبلغت صالح بأنها لن تتنازل عن استحقاقاتها السياسية، ومن بينها رئاسة الوزراء مهما كانت الظروف".

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن رئيس الجمهورية غادر بغداد، الخميس، متوجهاً إلى مسقط رأسه في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق.

وقوبل استعداد الرئيس العراقي للاستقالة بالرفض من قبل عدد من أعضاء البرلمان، الذين عقدوا مؤتمراً صحافياً في بغداد بهذا الشأن.

وأكد عضو البرلمان عن تيار "الحكمة"، خالد الجشعمي، على "الدور المهم لرئيس الجمهورية في حماية الدستور والحرص على دماء العراقيين"، مشيراً، خلال المؤتمر الصحافي، إلى رفض الاستقالة التي وردت في كتاب الرئيس العراقي الذي وصل إلى البرلمان.

وشدد على "ضرورة بقاء برهم صالح في منصبه وإكمال دوره في جمع العراقيين، والحرص على عدم خرق الدستور".

وقال عضو مجلس النواب عبود العيساوي، في المؤتمر الصحافي ذاته، إن "المصلحة العليا تحتم وجود رئيس الجمهورية برهم صالح، كونه حامي الدستور"، ودعاه إلى "العدول عن الاستقالة، وتحمّل المسؤولية القانونية والدستورية في هذه المرحلة الخطيرة"، مضيفاً "في هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد، وفي أجواء المطالبات التي تنادي بها جموع المتظاهرين في عموم العراق بالإصلاح ومحاربة الفساد، والالتزام بالقيم والدستور، يوجد تصارع للإرادات في تشخيص من يكلف برئاسة الحكومة القادمة".

وتابع: "فوجئنا بأن رئيس الجمهورية برهم صالح مستعد لتقديم استقالته إلى مجلس النواب، وقد أرسل كتابا بذلك"، مؤكداً رفض هذه الاستقالة، وتعهّد بأن يكون عوناً لرئيس الجمهورية في إكمال المسيرة.

ودعا عضو البرلمان أحمد الجبوري إلى "رفض استقالة رئيس الجمهورية، الذي وقف مع الشعب"، مخاطباً صالح في تغريدة على تويتر: "نرفض استقالتك، لأنك وقفت مع الشعب وليس مع المحاصصة باختيار أسعد العيداني".

في غضون ذلك، قدمت صفحة "صالح محمد العراقي"، المقربة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الشكر لرئيس الجمهورية، قائلة: "شكراً فخامة الرئيس، إذ رفضت ما يرفضه الشعب من مرشحين، وهو موقف سيكتبه لك التاريخ والشعب والمرجعية".

وأشار إلى أنه تم طرح ثلاثة مرشحين لرئاسة الوزراء هم عضو البرلمان فائق الشيخ علي، ورئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي، ورئيس هيئة النزاهة الأسبق القاضي رحيم العكيلي، مبينا أن هذه الترشيحات جاءت بعد البحث والتقصي.



وشهد الشارع العراقي موجة تظاهرات غاضبة، ليلة أمس الأربعاء، بلغت ذروتها في عدد من المحافظات الجنوبية، التي شهدت قطعاً لطرق رئيسية.

وبلغ الغضب والرفض الشعبي ضد مرشَّحي الأحزاب لرئاسة الحكومة، ومنهم أسعد العيداني، ذروته أيضاً في محافظة ذي قار، التي شهدت تظاهرات واسعة جداً في ساحة الحبوبي، وسط المدينة.

وأحرق المتظاهرون مبنى الحكومة المحلية في ذي قار، رغم محاولات عناصر الأمن تفريقهم عبر قنابل الغاز المسيل للدموع، كذلك جاب المتظاهرون عدداً من شوارع المدينة، ورددوا شعارات منددة بمرشحي الأحزاب.