الرئيس الجديد للبرلمان الإيراني: لا جدوى من التفاوض مع واشنطن

31 مايو 2020
قاليباف يحدد توجهات البرلمان (Getty)
+ الخط -
في أول خطاب بعيد انتخابه رئيساً للبرلمان الإيراني الجديد، تناول محمد باقر قاليباف، اليوم الأحد، أوضاع بلاده والتهديدات التي يواجهها النظام الإيراني، مقدماً وصفة "محافظة" لها، تكشف ملامح توجهات البرلمان خلال المرحلة المقبلة في السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، قائلا إنها ستكون على أساس الخطوط العريضة التي وضعها المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي لأولويات البرلمان، في رسالة بعثها إليه يوم افتتاح دورته الجديدة الأربعاء الماضي.

على صعيد السياسة الداخلية، عدّ قاليباف جملة تهديدات أمام "النظام الإسلامي" في إيران، وفقاً لما أوردته وكالة "خانه ملت" التابعة للبرلمان الإيراني، معتبراً أن "التهديد الأول هو تراجع الرصيد الاجتماعي للنظام"، عازياً ذلك إلى "الفشل المتراكم في الإدارة وابتعاد المسؤولين عن مبادئ الثورة"، ومضيفاً أن هذا الفشل قد أحدث "تحدياً اقتصادياً ومعيشياً، ما سبّب أضراراً اجتماعية شاملة".
وعن التهديد الثاني، قال إنه "استشراء الفساد بشكل مقلق في مختلف الهياكل، حيث أدى إلى زيادة التمييز والاحتقان وعدم تحقيق العدالة"، مشيراً إلى أن التهديد الآخر هو "تضخم النظام الإداري والتنفيذي في البلاد"، قائلاً إن ذلك "حال دون إمكانية تحقيق الحكم الجيد".
واعتبر رئيس البرلمان الإيراني الجديد "تزايد نفوذ التيار المستغرب" في داخل إيران بمثابة تهديد آخر أمامها، متهماً إياه بـ"الحؤول دون تحقيق الثقة بالوطن والاهتمام بالقدرات الداخلية العظيمة"، داعياً إلى "الثقة بالوطن وقدراته".
وأضاف قاليباف أن التهديدات التي أشار إليها "يمكن أن تكون جادة للنظام"، إلا أنه أكد في الوقت نفسه، أنه يمكن تحويلها إلى "فرص كبيرة، في ظل التجارب السابقة للثورة الإسلامية في ظروف الأزمات في حال الاتكال على النموذج الناجح"، الذي قال إنه "الإدارة الجهادية" للبلاد، حسب تعبيره.
ولفت إلى أن "وجود قاعدة واسعة من القوات الجهادية والشعبية في أنحاء البلاد وشباب ثوريين يشكل فرصاً" لبلاده لتجاوز المرحلة، مهاجماً سياسات حكومة حسن روحاني في إدارة البلاد، معتبراً أنها "فاشلة"، وقال إن "ما يزيد من مخاطر الظروف الراهنة هو النموذج الإداري المعمول به في الأجهزة التنفيذية".
واعتبر قاليباف أن هذا النموذج "فضلاً عن أنه فاشل ومرتبك ويعتمد على الخارج، لا يؤمن بمبادئ الإدارة الجهادية"، مضيفاً أن مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في دورته الجديدة "يسعى إلى توجيه الحكومة نحو المطلوب".


وفي الوقت نفسه، قال قاليباف إن المجلس الجديد لا يريد الدخول في صراع مع الحكومة أو مناكفتها، بل سيسعى إلى إزالة العقبات القانونية أمام الحكومة لخدمة المواطنين، لكنه شدد على أنه "لن يسمح للحكومة بأن تهمل تطبيق قوانين تحل مشاكل الناس".
إلا أن جملة تصريحات الرئيس المحافظ الجديد للبرلمان الإيراني، الذي تروج أنباء عن اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية العام المقبل، بعد تقديمه الاستقالة من البرلمان، تشي بمرحلة صدام جديدة بين المحافظين وحكومة روحاني، التي ستنتهي مدتها القانونية بعد عام واحد.
أما في ما يرتبط بالسياسة الخارجية، فأكد قاليباف أن البرلمان الجديد سيضع "مقارعة الاستكبار" على رأس جدول أعماله، معتبراً أن "التفاوض والتسوية مع أميركا بلا أي جدوى، وله أضرار كبيرة".
وقال إن استراتيجية البرلمان في مواجهة الولايات المتحدة "هي استكمال مسلسل الثأر" للجنرال قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس"، الذي اغتالته واشنطن في ضربة جوية في بغداد مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي، مضيفاً أن هذا الانتقام سيستمر حتى "طرد كامل" القوات الأميركية من المنطقة، بحسب قوله.
ودعا إلى التركيز على العلاقات مع دول المنطقة "تحديداً الجيران وقوى كبرى تعاملت معنا بصداقة في الظروف الصعبة وبيننا مصالح استراتيجية" في إشارة غير مباشرة إلى الصين وروسيا، لكنه اعتبر في الوقت نفسه أن "الرهان على حكومات لديها سجل أسود في تاريخها... خطأ استراتيجي".
ورأى أن بلاده لديها "عمق استراتيجي ونفوذ جيوسياسي في المنطقة"، معتبراً أن ذلك يمنحها "فرصة" في مواجهة "أعدائها".
وكان مجلس الشورى الإسلامي قد افتتح دورته الحادية عشرة، الأربعاء الماضي، بحضور كبار المسؤولين الإيرانيين، قبل أن يختار المشرعون الجدد، في اليوم التالي، رئيس بلدية طهران السابق، القيادي السابق في "الحرس الثوري"، محمد باقر قاليباف رئيساً للبرلمان.
وفي رسالة وجهها المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي إلى البرلمانيين الجدد، وقرأها رئيس مكتبه محمدي غلبايغاني خلال الجلسة الافتتاحية، حدد خامنئي أولويات البرلمان الجديد من خلال القول إن "الاقتصاد والثقافة يتصدران جدول أولويات البلاد"، مشيراً إلى أن إيران تواجه مشاكل اقتصادية كبيرة.


ودعا المرشد الإيراني النواب الإيرانيين إلى "اتخاذ مواقف ثورية في أحداث مهمة عالمية وداخلية... وضخّ الهدوء والطمأنينة للرأي العام في البلاد في تصريحاتهم، والتعاون الوطيد مع السلطات التنفيذية والقضائية وإلغاء قوانين زائدة ومعرقلة، وتجنب الإسراف في سنّ القوانين وتكديسها".

المساهمون