انتخاب رئيس لباكستان اليوم: خان يستفيد من تشتت المعارضة

04 سبتمبر 2018
سيفوز مرشح خان بالرئاسة الأولى (فاروق نعيم/فرانس برس)
+ الخط -

بعد إعلان لجنة الانتخابات الوطنية في باكستان قبول أوراق ثلاثة مرشحين لمنصب الرئاسة المقررة اليوم الثلاثاء، ذكر حزب الشعب الباكستاني أنه "يسعى إلى إقناع أحزاب المعارضة الأخرى بالتنازل لمرشحه، المحامي الشهير شودري اعتزاز أحسن"، بينما الأحزاب المعارضة تسعى إلى إقناع الحزب بالانضمام إليها وعدم خرق الصف، لأن المستفيد منه هو حزب عمران خان الحاكم، "حركة الإنصاف". وينتخب من قبل أعضاء مجلس الشيوخ (104 أعضاء) والجمعية الوطنية (342 نائباً) ونواب 4 برلمانات محلية في أقاليم باكستان (260 نائباً إجمالاً).

وقبلت اللجنة أوراق ثلاثة مرشحين بعد انسحاب الرابع، وهم: عارف علوي، مرشح "حركة الإنصاف" بزعامة رئيس الوزراء عمران خان، وشودري اعتزاز أحسن مرشح حزب الشعب الباكستاني، والمولوي فضل الرحمن مرشح أحزاب سياسية ودينية معارضة للحكومة، عدا حزب الشعب.

في البداية وبعد الانتخابات التشريعية، وافقت جميع الأحزاب السياسية والدينية المعارضة للحكومة على أن يكون لها مرشح واحد لمنصب زعيم المعارضة في البرلمان ولمنصب الرئيس، وتعهدت بأن تكون لها كلمة واحدة في البرلمان الفدرالي والبرلمانات الإقليمية، لا سيما في ما يتعلق بقضية انتخاب الرئيس. مع العلم أنه من غير الممكن الوصول إلى المنصب الرئاسي، لأن حزب عمران يحظى بالأكثرية، وبالتالي بات واضحاً أن يكون مرشحه عارف علوي، لكن الهدف من الترشيحات هو إعطاء رسالة للحكومة مفادها بأن المعارضة صف واحد في وجهها، وبإمكانها أن تمارس عليها الضغط في أي قضية شاءت.

غير أن ذلك الصف تصدّع بيد الرئيس الباكستاني السابق، زعيم حزب الشعب، أصف زرداري، بعد إعلان تأييده اعتزاز أحسن. لم يكن الأخير مرشح الحزب من البداية، بل رشّح نفسه بشكل شخصي، قبل أن تجمع الأحزاب المعارضة كلمتها على مرشح واحد. وكان من المتوقع أن يتنازل أحسن لصالح مرشح توافقي للأحزاب، ولكن بعد أن آثر حزب الشعب تأييده على تأييد مرشح الأحزاب، أصر الرجل على الاستمرار، بل توقع من المعارضة أن تعلن تأييده، وأن تتنازل لأجله.

لم تقتنع المعارضة المكوّنة من تحالف الأحزاب الدينية، المسمى بمجلس العمل الموحد، وحزب الرابطة الإسلامية جناح نواز شريف وأحزاب قومية، بتأييد مرشح حزب الشعب، اعتزاز أحسن، بل وافقت على أن يكون زعيم الجمعية الإسلامية المولوي فضل الرحمن، الذي يقود التحالف الديني، مرشحاً لمنصب الرئاسة. وكانت تسعى من وراء القرار إلى إقناع حزب الشعب بالتنازل لفضل الرحمن، وحاولت عبر علاقاتها الوطيدة مع زعيم الحزب أصف زرداري معالجة الوضع. وفضل الرحمن التقى زرداري، وكان يتوقع أن يحصل على تأييده، لكن رئيس حزب الشعب أصر على الموقف، وهو أن يكون للحزب مرشح غير مرشح المعارضة.

ولم يدل أعضاء البرلمان من حزب الشعب لصالح زعيم المعارضة في البرلمان، شهباز شريف، وهو زعيم حزب الرابطة الإسلامية، الأمر الذي أغضب المعارضة. كما طرح هذا التصرف أسئلة حول مستقبل المعارضة التي أكدت في البداية أنها ستمارس الضغط على الحكومة كي ترغمها على قبول مطالبها، بل كان حزب الشعب أول من قبل نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 يوليو/تموز الماضي، والتي عزمت الأحزاب السياسية آنذاك على أن ترفض النتائج وتدعو إلى انتخابات تشريعية جديدة.



السؤال الذي يطرح نفسه أيضاً: لماذا بدأ زرداري بخرق صف المعارضة، وكأنه يدعم حكومة عمران خان، وهو من أشد المعارضين له؟ ثمة تفسيرات مختلفة، منها أن عداء زرداري لحزب الرابطة الإسلامية، جعله يخرق إجماع المعارضة. كما أن هناك تفسيرا هو الأكثر رواجاً في الساحة السياسية، وهو أن زرداري يفعل ذلك مقابل تسامح الحكومة معه ومع أخته فريال تالبور، في قضية تهريب وغسيل الأموال. ويواجه زرداري وأخته ملاحقة قضائية في قضية غسيل وتهريب الأموال، وهما في قائمة الممنوعين من السفر إلى الخارج.

بالنسبة للمرشحين، فإن عارف الرحمن علوي، هو مرشح الحزب الحاكم، "حركة الإنصاف" بزعامة رئيس الوزراء عمران خان. علوي كان طبيب أسنان قبل الانضمام إلى الحركة وهو من مؤسسيها. ينتمي علوي إلى إقليم السند جنوب باكستان، وقد ولد هناك في 29 يوليو 1949. في عام 1996 أصبح عضو الشورى القيادي في "حركة الإنصاف"، وفي عام 1997 أصبح زعيم الحركة في إقليم السند. بقي عضوا في البرلمان، المجلس التشريعي، من 2013 حتى 2018، وحصل على مقعد في البرلمان خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة.

وعد علوي، خلال كلمة له ألقاها أمام اجتماع عقد في كراتشي لقياديين في "حركة الإنصاف"، يوم السبت الماضي، بأنه "سيبذل قصارى جهده لأجل رفاهية الشعب إذا ما صار رئيسا للبلاد"، مشدّداً على أنه "آن الأوان أن تفي حركة الإنصاف بالوعود التي قطعتها على عاتقها إزاء الشعب والمواطن الباكستاني".

أما شودري اعتزاز أحسن، فهو من أشهر المحامين في باكستان، وهو سياسي من القادة البارزين في حزب الشعب الباكستاني. ولد أحسن في 27 سبتمبر/أيلول 1945، في مصيف مري بالعاصمة إسلام أباد. أكمل الدراسة في مدرسة إيجي سن في مدينة لاهور، ثم درس في معهد لاهور، قبل أن يتوجه إلى لندن ويدرس القانون في جامعة كامبريدج. بعد أن أكمل الدراسة عاد إلى البلاد وبدأ يمارس مهنة المحاماة، قبل أن ينضم إلى حزب الشعب الباكستاني.

في عام 1975 انضم إلى حزب الشعب الباكستاني، وأصبح عضواً في برلمان إقليم البنجاب. في 1990 أصبح عضواً في البرلمان الفدرالي. وشغل مناصب وزير الداخلية، والتعليم، والقانون ووزير مكافحة المخدرات في حكومات حزب الشعب الباكستاني. كما كان له دور كبير في مكافحة الانقلابات العسكرية في باكستان.

أما المولوي فضل الرحمن، فهو عالم دين وسياسي مشهور في البلاد، دائماً يقود الحركات الدينية في البلاد، ومعظم أتباعه من أبناء المدارس الدينية. يقود حالياً تحالف الأحزاب الدينية المسمى بمجلس العمل الموحد، وهو زعيم الجمعية الإسلامية، أكبر الأحزاب الدينية في البلاد. هو ابن عالم دين مشهور في تاريخ باكستان يُدعى المفتي محمود. ولد فضل الرحمن في 19 يونيو/حزيران 1953، في منطقة منسهرة بإقليم خيبربختونخوا. درس في المدارس الدينية، وأكمل دراسته كلها في تلك المدارس. حصل على شهادة الماجستير في الشريعة الإسلامية من جامعة بيشاور في عام 1983. وبقي عضواً في البرلمان مرات عدة، غير أنه فشل في الحصول على مقعد في البرلمان في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لذا كان ولا يزال يرفض نتائج تلك الانتخابات. ويتوقع أن يكون أحد المرشحين للبرلمان خلال الانتخابات الفرعية كي يصل إلى البرلمان. يعد المولوي فضل الرحمن أحد السياسيين البارزين؛ إذ كانت الحكومات المتعاقبة في البلاد تسعى دائماً إلى أن يكون في صفوفها، أما الآن فبات من أشد المعارضين لعمران خان.