سجن السويداء ينتفض... والنظام السوري يضغط لكسر العصيان

05 اغسطس 2016
يفقد عشرات المساجين حياتهم في معتقلات النظام (Getty)
+ الخط -

تعود محافظة السويداء، جنوب سورية، إلى واجهة الأحداث التي تشهدها البلاد، وهذه المرة من زاوية العصيان الذي يشهده سجنها المدني، والذي يضم عدداً كبيراً من المعتقلين على خلفية معارضتهم للنظام ومشاركتهم في الثورة السورية. فقد بدأ المعتقلون في سجن السويداء المدني، عصياناً مدنياً، منتصف ليل الأربعاء - الخميس، احتجاجاً على المعاملة السيئة والابتزاز الذي يتعرضون له، إضافة إلى طلب أحد الأفرع الأمنية نقل 4 معتقلين من السجن إلى دمشق، وسط اعتقاد أنه سيُنفذ بحقهم حكم الإعدام. ويحاول النظام إنهاء أزمة السجن بالضغط على المعتقلين عبر مطالبته لهم بوقف عصيانهم قبل الاستجابة لمطالبهم، فيما استمر العصيان يوم أمس.
وقالت مصادر إعلامية من محافظة السويداء، لـ"العربي الجديد"، إن "المعتقلين في سجن السويداء استطاعوا، قرابة منتصف الليل، السيطرة على أجزاء من السجن، واحتجاز عدد من عناصر الشرطة، بينهم ضباط". وأفادت المعلومات بأن مفاوضات دارت بين إدارة السجن وممثل المعتقلين، فجر أمس، في وقت حاصرت فيه قوات النظام، من عناصر الأمن الجنائي والسياسي إضافة إلى المليشيات الموالية له السجن، وسط تخوّف من وقوع انتهاكات بحق المعتقلين قد تصل إلى تنفيذ إعدامات ميدانية، في حال تم اقتحام السجن بالقوة.
وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلاً صوتياً منسوباً لأحد المعتقلين في سجن السويداء، أوضح فيه أن المعتقلين سيطروا على أجزاء من السجن واحتجزوا أربعة ضباط من رتب مختلفة، إضافة إلى عدد من عناصر الشرطة، مشيراً إلى أن العصيان المدني بدأ الساعة 11.45 دقيقة من ليل الأربعاء - الخميس.
وذكرت المصادر الإعلامية، أن من أسباب العصيان في سجن السويداء، محاولة نقل عدد من المعتقلين إلى دمشق لتنفيذ حكم الإعدام بحقهم، الصادر عن المحكمة الميدانية، التي يطعن ناشطون بقانونيتها وشرعية أحكامها، مطالبين بوقف كل أحكام الإعدام، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
وأكد ناشطون معارضون من مدينة السويداء، لـ"العربي الجديد"، أن عناصر من قوات النظام والمليشيات التابعة له وصلوا بعشر حافلات إلى السجن، وبدأوا منذ صباح أمس، بحصار السجن الذي يضم معتقلين غالبيتهم اعتُقلوا لمشاركتهم بالثورة، موضحين أن مسؤولي السجن طلبوا من المعتقلين فك الاعتصام كشرط للاستجابة لمطالبهم، فيما استمرت المفاوضات، أمس، من دون مؤشرات للوصول إلى اتفاق.


وقال والد أحد المعتقلين في سجن السويداء، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "الوضع داخل السجن مزرٍ، فالطعام سيئ، ما يضطر المعتقلين لشراء كل احتياجاتهم بأسعار مرتفعة جداً، كما أنهم يضطرون إلى دفع مبالغ مادية كرشى، مقابل تأمين بعض الأمور، كأجهزة الهاتف الخلوي". وأضاف: "حتى خلال زيارة السجن، نضطر إلى دفع مبالغ مالية لعناصر الشرطة، من أجل عدم تأخيرنا عن الزيارة، عبر عمليات التفتيش والمماطلة التي لا هدف منها سوى ابتزاز الزائرين".
في المقابل، حاول ناشطون موالون للنظام السوري التخفيف مما يحصل داخل السجن، لافتين إلى أن "ما حدث في سجن السويداء لا يتعدى التوتر، نتيجة استفزاز الأمن الجنائي السجناء، جراء اقتحام عدد من عناصره وضباطه لعدد من الزنازين، حيث قاموا بتفتيشها وتوجيه سيل من الإهانات للمعتقلين والاعتداء عليهم، ما تسبب بصدام بين الجهتين سرعان ما تحوّل إلى حركة احتجاج في السجن، ما أجبر الضباط والعناصر على الانسحاب". وأضافوا أن "إدارة السجن قامت مع رئيس فرع الأمن السياسي بالتعهد بعدم اقتحام السجن، وتكرار الحادثة التي حصلت"، لافتين إلى أن "الأجواء حالياً هادئة ويشوبها الحذر". يُذكر أن سجن السويداء كان قد شهد في شهر إبريل/ نيسان الماضي توتراً على خلفية ضرب شرطة السجن معتقلاً سياسياً وإهانته أمام الجميع.
ويقع سجن السويداء المدني شمال مدينة السويداء بنحو كيلومتر واحد، وهو يتشكّل من بناءين كل منهما مكوّن من أربعة طوابق، مقسمة إلى أجنحة بحسب التهم، وفيه قسم خاص بالنساء والأحداث دون سن 18 عاماً. ويقبع في هذه الأقسام أكثر من ألف معتقل، نحو 700 منهم معتقلون على خلفية الأحداث التي تشهدها سورية منذ عام 2011، وجزء كبير منهم تم جلبهم من محافظات أخرى، مثل درعا ودمشق وريفها.
ويمتلك النظام السوري العديد من السجون والمعتقلات العلنية والسرية، أبرزها سجنا تدمر وصيدنايا العسكريان سيئا السمعة، إذ ارتُكبت في الأول مجزرة في ثمانينات القرن الماضي، وفي الثاني مجزرة في عام 2008. كما أن مختلف المعتقلات تشهد انتهاكات لحقوق المعتقلين، ولو كان ذلك بنسب مختلفة، في وقت يفقد فيه العشرات حياتهم داخل تلك المعتقلات بشكل دائم، بسبب التعذيب وسوء الرعاية الصحية وعدم توفر الأطعمة، بحسب تقارير وشهادات ناشطين ومعتقلين سابقين، فيما يُقدّر عدد المعتقلين في سجون النظام على خلفية الثورة بأكثر من 200 ألف معتقل.
وكان سجن حماة المركزي شهد في شهر مايو/ أيار الماضي عصياناً مدنياً، تم خلاله احتجاز ضباط وعناصر من الشرطة، على خلفية وجود قرار بنقل عدد من المعتقلين إلى دمشق لتنفيذ أحكام إعدام بحقهم، استطاع بعده المعتقلون إجبار النظام على إطلاق سراح عشرات المعتقلين.

المساهمون