اليمن: حزام قبلي لحماية المكلا من "القاعدة"

18 نوفمبر 2016
تمّ تحرير المكلا منذ أشهر (فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من أن محافظة حضرموت، شرق اليمن، قدّمت نموذجاً في بناء قوات مسلحة رسمية استطاعت تحرير مدينة المكلا، مركز المحافظة، في إبريل/ نيسان الماضي من قبضة تنظيم "القاعدة"، إلا أن المعركة الأخيرة التي قامت بها ما تُسمّى بـ"قوات النخبة الحضرمية" أخيراً ضد "القاعدة"، غرب المكلا، واستمرت لـ24 ساعة، يبدو أنها أجبرت قيادة الجيش في المحافظة على تغيير إدارتها للمعركة مع التنظيم، والاستعانة بالقبيلة التي تنتشر في محيط المدينة.

في هذا الإطار، انتهت لقاءات جمعت قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء فرج البحسني، مع زعماء قبائل المناطق المحيطة بالمكلا يومي الثلاثاء والأربعاء، بالاتفاق على إنشاء حزام أمني يُشكّل من أبناء القبائل المحيطة بالمدينة، في تجربة تشبه تلك التي أقيمت في عدن بدعم إماراتي، وفكرة "اللجان الشعبية" التي أُنشئت في أبين.

وتمخّض عن اللقاءات تشكيل لجنتين، إحداهما لقبائل غرب المكلا، والأخرى لقبائل الشرق، لتكون همزة وصل بين أبناء هذه المناطق وقيادة المنطقة العسكرية الثانية، للمساهمة في محاربة الجماعات المسلحة تحت إشراف قيادة المنطقة.

في هذا السياق، قال البحسني أثناء لقائه زعماء قبائل غرب المكلا، إنه "يهمّني أمن المنطقة واستقرارها، وجميعنا يعلم أن صلاحنا في استقرار أمننا. لذلك وجب التطوع من قبلكم والسعي الجاد من قبلنا لإيجاد ما يسيّر أمور هذه الخطوة المهمة ويعطي فرصة للشباب القائم عليها".

وتأتي هذه الخطوة بعد معركة شرسة شنتها قوات الجيش ضد وكر لـ"القاعدة" في منطقة غيظة البهيش، غرب المكلا، خلّفت 6 قتلى من الجيش و12 جريحاً، كما قُتل 30 عنصراً من "القاعدة". وكشفت أنباء عن تعرّض قوات الجيش لكمين من قبل مسلحي التنظيم. وتهدف الخطوة فيما يبدو إلى تكوين بيئة طاردة لـ"القاعدة" في محيط المدينة، خصوصاً أن التنظيم كان قد اتخذ منها مراكز للتدريب، أثناء سيطرتها على ساحل حضرموت العام الماضي. وكان التحالف قد شنّ غارة جوية على معسكر لـ"القاعدة" في منطقة حجر ميفع، التي تقع غرب المكلا، في مارس/آذار الماضي، وسقط خلالها عشرات القتلى والجرحى من التنظيم.



وعلى الرغم من أن قوات "الحزام الأمني" المقرر تشكيلها قريباً، ستشرف عليها قيادة المنطقة العسكرية الثانية، إلا أن هناك مخاوف تساور البعض من أن يتكرر نموذج محافظة أبين في حضرموت، وذلك بعد أن تحولت "اللجان الشعبية" هناك إلى عبء على الدولة. وكان المحافظ السابق لحضرموت عادل باحميد، قد رفض طلباً لإنشاء لجان شعبية مع ازدياد عمليات الاغتيالات في عام 2014، معللاً ذلك بمخاوفه من أن تتحول إلى مليشيات تتقاتل فيما بينها.

لكن محللين سياسيين رأوا أن نجاح قرار قائد المنطقة العسكرية الثانية، مع زعماء قبائل بإنشاء حزام أمني حول مدينة المكلا، مرهون بقوة الدولة وتماسكها ووحدة القيادة، لأن ضعفها سيكون لصالح تلك القبائل. كما اعتبر آخرون أن الخطوة تهدف أساساً للتضييق على "القاعدة"، وتشكيل بيئة طاردة لهم، بعيداً عن دور عسكري حقيقي يسند للقبائل.

في هذا السياق، قال الباحث والمتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، سعيد الجمحي، إن "هذه الخطوة صحيحة، لأن تشكيل حزام أمني سيرفع من مستوى الحماية، وسيحول دون تحقيق الهجمات الإرهابية لأهدافها". ولفت في حديث لـ"العربي الجديد" إلى "ضرورة تجنب ما وقعت فيه الأحزمة الأمنية، التي تشكلت في بعض المحافظات الأخرى، وأن تكون له مرجعية عسكرية وأمنية واحدة، وتحديد مهامه والغاية منه". وأضاف أنه "بمقدار ما يحقق الحزام الأمني من إيجابيات في مهامه، سيلقى قبولاً ودعماً شعبياً، يجعله نموذجاً لغيره من التشكيلات الوقائية للحفاظ على أمن محافظة حضرموت".

وعن إمكانية تأدية القبيلة الحضرمية دوراً أمنياً في الوقت الراهن، رأى الجمحي أن "هذا الأمر مشروط بوجود مؤسسة أمنية وعسكرية متماسكة، وفي إطار دولة حقيقية، أما لو كانت الدولة غائبة، أو ضعيفة، فإن إعطاء القبيلة دوراً في هذا المجال، سيضيف عبئاً آخر على الدولة، ستستفيد منه العناصر الإرهابية، وسيؤدي إلى إطالة عمر الجماعات الإرهابية. وهذا ما حصل في تجارب سابقة، تم الاستعانة فيها بالقبيلة، فكانت النتائج عكسية تماماً".

من جهته، استبعد المحلل السياسي، جمال بن غانم، إسناد أي دور عسكري للقبائل، فقوات "النخبة الحضرمية" لديها القدرة على دحر هذه الجماعات، ولكن دور القبائل يأتي في إطار تعزيز التعاون المعلوماتي بين الجيش والقبائل، حسب قوله.

ونوّه بن غانم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "اجتماع قيادة المنطقة العسكرية الثانية بزعماء القبائل المحيطة بالمكلا، يأتي في إطار التضييق على الجماعات الإرهابية، التي لم تجد مأوى بعد طردها من المكلا، إلا مناطق القبائل، لأسباب عديدة، ربما يكون أهمها وجود شباب بين صفوف التنظيم من هذه القبائل أو المناطق". ولفت إلى أن "لقاء قيادة المنطقة العسكرية الثانية بزعماء القبائل، كان للتأكيد على خطورة التستر على مثل هذه الجماعات، وأهمية الإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة في هذه المناطق".